الوقت- مع إحتلال فلسطين وإنكفاء الجيوش العربية، تحول معظم الشعب الفلسطيني إلى لاجئين في الشتات والوطن المحتل. هذا الواقع المرير، دفع بأبناء الأمة الفلسطينية إلى المبادرة لينشأ مشروع المقاومة الفلسطينية بعد أن خاب الأمل في التفاوض الرسمي العربي، لتزيد القناعة يوما بعد يوم وأمام الإنتصارات المتصاعدة الوتيرة أن المقاومة هي الخيار الوحيد لإستعادة الوطن والكرامة، ومن هنا كانت إنطلاقة المنظمات المتعددة كلا من مدينته وتحت شعار واحد هو الحفاظ على الهوية الفلسطينية. وكتائب عزالدين القسام أصبحت مع الوقت خيارا منشودا للشعب الفلسطيني لما حققته من إنجازات، لتصبح اليوم لاعبا أساسيا على الساحة الفلسطينية. فما هو دور كتائب عز الدين القسام في مقارعة الإحتلال؟ وماذا حققت المفاوضات وماذا حققت المقاومة؟
دور كتائب القسام في مقارعة الإحتلال:
لم تكتف كتائب القسام منذ نشأتها إلى يومنا هذا كما كتائب المقاومة أجمع بالعمل على جانب واحد في مقارعة الكيان الإسرائيلي، بل عملت على الإستفادة من كافة الجوانب العسكرية والسياسية والإعلامية والثقافية لتحقيق المطلوب، وفي جملة لبعض هذه الجوانب نذكر التالي:
1- شكلت الكتائب عامل وحدة والتفاف للشعب الفلسطيني حول خيار المقاومة في مقارعة الكيان الإسرائيلي، وهو ما تمثّل في حالة الدعم للكتائب من كافة الأطياف الفلسطينية، لتشكل العنوان الرئيس وهو أن الشعب والمقاومة يد واحدة.
2- التضحيات الجسام التي قدمتها الكتائب ولا زالت من خيرة أبنائها، والتي نتج عنها حماية الأرض والكرامة والقضية في ظل الإستمرار في تحسين القدرات إن كان على مستوى الأفراد أو العتاد والتجهيزات.
3- التنسيق مع الفصائل والكتائب الفلسطينية المختلفة ضمن العمل في إطار مشترك ما أعطى زخما وقوة أكبر في التصدي للكيان الإسرائيلي.
4- تحمل العبء في رعاية الشعب وفك الحصار عنه في قطاع غزة وحماية أمنه واستقراره.
5- ترسيخ مفهوم حق العودة ورفض كل مشاريع التوطين، وقد ساهمت الكتائب في ذلك من خلال إحياء تلك المناسبات بعدة أشكال مختلفة.
6- ترسيخ مفهوم القومية العربية الإسلامية لدى الشعب الفلسطيني والتركيز على أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة العربية والإسلامية أجمع وليس الفلسطينيين وحدهم.
7- تعزيز الثقافة والتراث الفلسطيني من الشعر والنثر والرواية والمسرح والحفاظ على العادات والتقاليد الإجتماعية والتي كان لها الدور الفعال في توعية الشعب الفلسطيني وتكاتفه، وبرز ذلك من خلال إحياء الكتائب للعديد من الأنشطة ودعمها، كما في إنتاج الأناشيد والأفلام الكرتونية ومقاطع الفيديو باللغات العربية والعبرية والإنكليزية في سبيل توضيح مظلومية الشعب الفلسطيني للعالم أجمع.
8- تعزيز القدرات العسكرية ورفع مستوى التدريب وتحسين القدرة الصاروخية، وقد برزت نتائج ذلك بوضوح في العدوان الأخير على القطاع من خلال صد توغلات جيش الكيان الإسرائيلي داخل القطاع بالإضافة إلى وصول صواريخ المقاومة إلى مناطق ذات أهمية عالية، كما عملت على زيادة عدد عناصر المقاومة والتي تقدر بالآلاف، حيث تتحدث المصادر العسكرية الإسرائيلية عن امتلاك الكتائب لـ20 الفا من المقاتلين.
9- تعزيز الروح الفدائية والجريئة لدى عناصر المقاومة وكتائب القسام والتي حيرت جيش الكيان الإسرائيلي ومفاجآت الميدان والإنتقال من الدفاع إلى الهجوم والإنتصارات التي تحققها، رسخت مفهوم المقاومة كحل وحيد أمام مواجهة الكيان الإسرائيلي.
مسار التسوية وخيار الكتائب بمقاومة الإحتلال:
منذ الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وبروز خيار المقاومة- لدى الشعب الفلسطيني أجمع- والتي مثلته حركات المقاومة ولعبت كتائب القسام دورا بارزا فيه، ذهب بعض الساسة من أصحاب المطامع والمكاسب إلى خيار التفاوض والتسوية مع الكيان الاسرائيلي للتوصل إلى حل. خيار التفاوض أثبتت مجاري الأمور عدم جدواه خاصة في ظل الإنتصارات التي حققتها حركات المقاومة وأنعشت الروح الفلسطينية بالأمل في تحرير الأرض ودحر المحتلّ، وفي مقارنة مختصرة بين الخيارين نذكر النقاط التالية:
1- إعتراف بعض الساسة بشرعية الكيان الإسرائيلي كان الدافع الأساس للكيان بتثبيت وجوده اللامشروع في فلسطين المحتلة، بينما ضربات المقاومين وتصديهم البطولي أرعب هذا الكيان وأجبره على الإنسحاب من قطاع غزة في العام 2005.
2- مسار التسوية سمح للكيان الإسرائيلي بتوسيع حركة الاستيطان واستقدام المستوطنين اليهود من الخارج والاعتداء على المقدسات، فيما أدرك الكيان الإسرائيلي أن قرارات التوسع الإستيطاني ستواجهه قدرة المقاومة وعزيمتها الباسلة.
3- القبول بالتفاوض شق العالم العربي وشتت الجهود، فيما خيار المقاومة وحد القدرات وعززها ورسخ المفهوم بأن الصبح قريب وفجر الإنتصار سيبزغ.
4- خيار التفاوض أغرق الأسواق الفلسطينية بالسلع والبضائع الإسرائيلية، فيما خيار المقاومة ركز ولازال على ضرورة الإعتماد على النفس لتحرير الأرض والوصول إلى شاطئ الأمان.
في حديثنا عن الملف الفلسطيني والتجاذب بين الشعب الذي وحد جهوده واتخذ من المقاومة السبيل الوحيد لتحرير الأرض وبين بعض الساسة الطامعين بمكاسب آنية شخصية، تصدق المقولة بأن الضعيف في الحرب ضعيف في السلم، ففي تاريخ حركات التحرر وإستعادة الأرض، لم يسجل مسار الخضوع والتسوية مع المحتل أي نتيجة على الإطلاق، بل كان خيار المقاومة والصمود سيد الموقف.