الوقت- تعيش السعودية تحولا تاريخيا في داخل بنيتها الاجتماعية من المرجح جدا أن يقود البلاد إلى المجهول نظرا لسلسلة التغييرات التي تحدث داخل المجتمع السعودي عموما من قوانين جديدة واعتقالات بالجملة وكم أفواه قسم لا بأس به من رجال الدين، وصولا إلى ظهور تحالف جديد بين أبناء العمومة عائلة الملك فهد والملك عبد الله ومحمد بن نايف ضد محمد بن سلمان، وهنا تكمن المواجهة الأكبر بالنسبة لابن سلمان كون هذا التحالف الثلاثي قد ينغص عليه فرحته بالوصول إلى سدة الحكم وقد يحرمه منها وإلى الأبد.
وهنا يمكننا أن نتساءل هل يستطيع هذا التحالف الثلاثي حقيقةً، حرمان ولي العهد الشاب من الوصول إلى سدة الحكم؟!، خاصة أن بن سلمان يتصرف منذ مدة ليست بالقصيرة وكأنه الحاكم الفعلي للسعودية في ظل غياب والده عن المشهد السياسي نظرا لحالته الصحية المتدهورة التي ساعدت بن سلمان على التفرد بالحكم وسن مجموعة من القوانين التي قد تدخل المجتمع السعودي في متاهة لا يستطيع الخروج منها.
التحالف الثلاثي
الظاهر أن عائلة الملك فهد والملك عبد الله ومحمد بن نايف أصبحوا على يقين تام بأن محمد بن سلمان سيقود مملكتهم إلى مكان جديد لا يتناسب ولا بأي شكل مع طبيعة المملكة ومجتمعها، فضلا عن احساسهم بأن نهاية حكم العائلة في طريقه إلى الزوال ليحل مكانه "حكم الفرد المطلق"، وما يقوم به بن سلمان من حملات اعتقال تطال معارضين ومثقفين ورجال دين سعوديين قد تصل إليهم في نهاية المطاف، ونحن سمعنا جميعا بالأنباء التي تحدثت عن خضوع الأمير محمد بن نايف للإقامة الجبرية بعد عزله من منصبه، لهذه الأسباب وغيرها نجد أن التحول القادم في المملكة لن يمر بسهولة.
ما يحدث الآن بين أبناء العمومة تم تلقيه من قبل الصحف العالمية بسرعة البرق وسارعت الصحف للحديث عنه وعن تفاصيله نظرا لحساسية السعودية وتأثيرها السلبي على العالم أجمع، خاصة أن الجميع أجمع بأنها تصدر الإرهاب لجميع دول العالم وهذا ليس بالسر فهو مبني على تقارير ووثائق تم نشرها من قبل أقرب حلفاء المملكة "الولايات المتحدة الأمريكية".
وفي هذا السياق نشرت صحيفة "فايننشال تريبيون" الأمريكية معلومات مهمة استندت فيها إلى تقرير سابق لصحيفة "آسيا تايمز" التايلندية في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، وتحدثت المعلومات عن اجتماعات أعضاء من عائلة الملك فهد والملك عبد الله ومحمد بن نايف ضد محمد بن سلمان. وتفيد الصحفية الأمريكية أن هذه الاجتماعات تحولت إلى تحالف بين العائلات الثلاث، هدفه الحيلولة دون انتقال حكم البلاد لمحمد بن سلمان، وذلك بعد الإجراءات التي أقدم عليها ابن سلمان ضد معارضيه ومن بينهم أمراء في العائلة المالكة.
الولايات المتحدة قلقة
أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة غير راضية عن وصول بن سلمان إلى سدة الحكم، حتى إن وكالة المخابرات الأمريكية (CIA)تحدثت وبشكل علني عن عدم رغبتها بـ "بن سلمان" وتفضيلها محمد بن نايف عليه، كون الأخير يعد من رجال الولايات المتحدة فضلا عن كونه يحظى بتقدير عالمي كبير، وبحسب الصحيفة الآنفة الذكر فإنه من المتوقع " أن يكون حمام الدم وشيكا، لا سيما أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية غاضبة من أن الحل الوسط، الذي تم التوصل إليه في نيسان/ أبريل عام 2015، تم إلغاؤه بإلقاء القبض على أهم عناصر مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، الأمير محمد بن نايف"، وتضيف الصحيفة بأن ابن سلمان اتبع نهجا قمعيا ضد معارضيه؛ فهو "لا يسمح بأي معارضة على الإطلاق في السعودية، حتى المحلل الاقتصادي عصام الزامل، وهو قريب جدا من الحكم، اعتقل خلال حملة القمع الحالية".
صراع آخر
هناك مواجهة لا مفر منها تنتظر ولي العهد الجديد متمثلة بمواجهة رجال الدين الكبار الذين ضايقهم بن سلمان بما فيه الكفاية، فضلا عن اعتقاله رموزا كبيرة قد تأجج نار الصراع الداخلي أكثر وأكثر، ومن أبرز الشخصيات التي تم اعتقالها هو الشيخ سلمان العودة وذلك بسبب خوفهم من توسيع نفوذه داخل المجتمع والشعور بالتهديد من سلمان العودة وافكاره لانه يقود تياراً او خطاباً ينافس التيار الحاكم في السعودية وعلى اثر هذا الموضوع تم ايضا اعتقال الداعية محمد المنجد، بعد تحريض مستمر عليه من قبل حسابات سعودية، لاسيما بعد أن تعاطف مع الشيخ المعتقل العودة.
ختاما ومما تقدم نجد أن بن سلمان أصبح محاصرا بين تحالف ثلاثي يتمثل بأبناء عمومته " عائلة الملك فهد والملك عبد الله ومحمد بن نايف"، ومعارضة ثلاثية تتمثل برجال الدين من جهة وأطراف خارجية على رأسها الولايات المتحدة من جهة أخرى أما المعارضة الثالثة والأخطر فتأتي من أبناء العمومة، ويجب ألا ننسى الحالة الاقتصادية المزرية التي تمر بها المملكة وإفلاس بعض الشركات الكبرى في المملكة، ويبقى السؤال هل تصدق تنبؤات صحيفة "فايننشال تريبيون"التي عنونت تقريرها بأن "حمام دم وشيك داخل آل سعود" أم يصل بن سلمان إلى سدة الحكم دون حدوث حراك فعلي ضده؟!.