الوقت - بعد رحلة طويلة بدأها بدمشق وانتقل بعدها من تركيا إلى قطر وصولاً إلى بيروت، عاد صالح العاروري، رئيس الجناح العسكري لحركة حماس في الضفّة الغربيةّ، إلى المشهد السياسي حيث انتخبته الحركة في منصب نائب رئيس مكتب الحركة الإسلامية السياسي الذي يشغله إسماعيل هنية منذ أيار/مايو 2017.
التعيين الجديد للملقب إسرائيلياً بالمطلوب رقم واحد، والذي أصبح بحماية حزب الله وفق القناة الثانية، أثار خشية إسرائيلية غير مسبوقة، خاصّة انّه فور وصوله إلى بيروت بعد أمره بترك دولة قطر مع عدد من قيادات حماس، إلتقى بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وبحسب قيادات في "حماس"، فإن الاجتماع استمر لساعات بحث فيه الطرفان سبل تطوير عمل المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى إعادة العلاقات مع سوريا. وقالت مصادر في الحركة إنه جرت خلال اللقاء مراجعة لتاريخ العلاقة بين "حماس" وسوريا والمواقف التي اتخذتها الحركة تجاه الأزمة السورية، وفق صحيفة الأخبار اللبنانيّة.
العاروري يترأس وفد حماس للقاهرة
وفور تعيينه في المنصب الجديد، كشفت مصادر مقربة من حركة حماس عن محاولات تجريها الحركة مع جمهورية مصر العربية لخروج وفد قيادي من الضفة الغربية للقاهرة الثلاثاء المقبل للمشاركة في حوارات المصالحة الفلسطينية مع حركة "فتح".
وقالت المصادر لوكالة "القدس" المحلية، إن ملفات الضفة الغربية ستكون حاضرة بقوة في حوارات حركتي حماس وفتح.
ونوه، إلى أن وفدا قياديا من الحركة على رأسه صالح العاروري سيتوجه للعاصمة المصرية الثلاثاء للمشاركة في المباحثات مع قيادة حركة فتح.
السيرة الذاتيّة للمطلوب رقم 1
ولد صالح محمد سليمان العاروري الذي يلقب في أوساط الحركة بـ"أبي محمد" في قرية عارورة قرب رام الله عام 1966. درس الشريعة الإسلامية وحصل على البكالوريوس من جامعة الخليل ثم التحق بحماس عام 1987.
أسس جهازاً عسكرياً للحركة في الضفة الغربية في عامي 1991-1992، ما أسهم في الانطلاقة الفعلية لكتائب عز الدين القسام (الجناح المسلح لحماس) في الضفة عام 1992.
اعتقل وسجن في الکيان الاسرائيلي من عام 1992 حتى 2007 بعد ادانته بتشكيل الخلايا الأولى للكتائب في الضفة، ثم أعيد اعتقاله بعد ثلاثة أشهر من الإفراج عنه ولمدة ثلاث سنوات قبل ان يعيد الکيان إطلاق سراحه وابعاده خارج فلسطين.
والعاروري عضو في المكتب السياسي لحماس منذ عام 2010، وهو أحد أعضاء الفريق الذي تفاوض حول صفقة تبادل الاسرى الفلسطينيين التي ابرمتها حماس مع الکيان الاسرائيلي في عام 2011 مقابل الافراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط.
استقر العاروري في سوريا لعدة سنوات قبل أن يغادرها إلى تركيا التي طلبت منه المغادرة مؤخراً فانتهى به المطاف في لبنان.
"يديعوت": تعيين العاروري في حماس يجب أن يقلق "إسرائيل"
وفي إطار ردود الأفعال الإسرائيلية، تصدر خبر انتخاب الشيخ صالح العاروري نائبا لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عناوين الصحف والقنوات التلفزيونية الإسرائيلية، معتبرة الخطوة إمعاناً من حركة حماس في تنصيب من تسميهم “أصحاب الأيدي الملطخة بالدماء الإسرائيلية” في المناصب العليا في قيادة الحركة.
وتتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي العاروري بالضلوع في التخطيط للعديد من العمليات الفدائية الموجعة خلال الانتفاضة الجارية أهمها أسر وقتل المستوطنين الثلاثة في مدينة الخليل عام 2014، وأعقبها عملية قتل الضابط في مخابرات الاحتلال وزوجته قرب نابلس عام 2015، والعديد من العمليات، بالإضافة إلى الإشراف على تمويل تشكيل الخلايا المسلحة للحركة في الضفة الغربية والتي تخطط لتنفيذ عمليات فدائية ضد جيش الاحتلال والمستوطنين.
من جهتها قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تعقيبا على انتخاب العاروري: "إن العاروري المنسوب له المسؤولية عن التخطيط للعديد من العمليات المؤلمة أصبح الرجل الثاني في حركة حماس، بعد إسماعيل هنية، وهي خطوة يجب أن تكون مقلقة لإسرائيل".
"اسرائيل اليوم": العاروري ذكي جدا ويعرف إسرائيل على نحو عميق
في السياق، كتب المحلل الإسرائيلي، يوآف ليمور، في صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن تعيين صالح العاروري، نائبا لرئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، في خضم محادثات المصالحة مع السلطة الفلسطينية، يدل على أن الحركة لم تتخل عن خطتها الاستراتيجية السيطرة على الضفة الغربية.
وقال المحلل الإسرائيلي إن العاروري، خلافا لهنية والسنوار، رجال غزة، فهو رجل الضفة، من منطقة رام الله، وبناء على ذلك سيكون ممثل الحركة في الضفة.
وأضاف أن اختيار هنية العاروري رقم 2 في الذراع السياسي للحماس، يعني كذلك أن هنية ينوي البقاء في غزة في المستقبل، ويتكل على العاروري أن يدير شؤون الحركة خارج البلاد.
وكتب المحلل أن الذي يعرف العاروري عن قرب يعلم أنه لن يغيّر نهجه في إطار منصبه الدبلوماسي الجديد. "العاروري ذكي جدا، ومتطرف جدا ومتمسك بالدين ويتكلم اللغة العبرية بطلاقة ويعرف إسرائيل على نحو عميق. وقد اكتسب ذلك خلال فترة سجنه الطويلة في إسرائيل".
ويراقب الکيان الاسرائيلي العاروري عن كثب حيث يصفه اليوم بـ"المطلوب رقم 1 في بيروت"، وقد أبلغ احتجاجه لروسيا، وذلك بسبب استقبالها لصالح العاروري، أحد قادة الجناح العسكري لحركة حماس، ضمن وفد حركة حماس الذي زار موسكو الشهر الماضي.
وترى مصادر أن انتخاب العاروري يشكّل إعلاناً واضحاً عن طبيعة المرحلة المقبلة التي ستنتهجها "حماس" لجهة إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه مع إيران وسوريا، بالإضافة إلى زيادة تأثير "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، على القرار السياسي للحركة، وخاصة أن العاروري هو المتهم الأوّل اسرائيلياً بالوقوف وراء العديد من العمليات وتشكيل خلايا للمقاومة بالضفة والقدس المحتلتين.