الوقت- باتت شبكة قطارات الأنفاق في مفهوم عالم المواصلات البريّة الجديد أحد أهم شرايين التواصل في المدن الكبرى والمكتظة بالسكان كالقاهرة وطوكيو ولندن وموسكو وغيرها، وبحسب آخر التقديرات العالمية فإن أكثر من 120 مليون شخص حول العالم يستفيدون من هذه الشبكة يومياً، فيما أصبحت شبكة "المترو" منتشرة في مئات المدن حول العالم.
والهدف الأساسي من إستعمال وسائل النقل العام وخصوصاً القطارات بأنواعها هو تخفيف إزدحام المدن بإعتبارها وبحسب أحد تقارير الأمم المتحدة تضم أكثر من نصف سكان العالم وذلك حتى سنة 2014. وبالتالي فإنها تساهم بشكل كبير بتخفيف تلوث الهواء والتلوث السمعي وغيره، كما أن إستعمال قطارات الأنفاق والتراموي للكهرباء بدلاً من الوقود يعطيها ميّزة إضافية في مقابل بقية وسائل النقل العام. إلى جانب ذلك فإن الحدّ من إنتاج الغازات الملوثة كثاني أكسيد الكاربون التي عادة ما تنتجها وسائل النقل والتي تعتبر سبباً أساسياً في تقصير عُمر الإنسان وفقاً لعدد من الدراسات العلمية الأخيرة.
فما هي قصة الهواء الذي تحتويه قطارات الأنفاق والذي يحيط بها ويملأ محطاتها، وما الذي كشفته الدراسات العلمية عن هذه المسألة؟
إحتل موضوع الهواء في قطارات الأنفاق ومحيطها وجودة هذا الهواء حيّزاً كبيراً من إهتمام المجتمع العلمي، إذ أُجريت العديد من الدراسات العلمية في هذا الشأن خلال العقود الماضية، والتي توصلت إلى نتائج مخيفة وخطيرة أهمها تلك الدراسة التي إكتشفت أن نسبة تلوث الهواء في قطار أنفاق برشلونة مثلاً أكبر بكثير من نسبة تلوث الهواء في الشوارع الخارجية للمدنية، وكذلك نسبة تلوث الهواء في حافلات النقل المشترك، وتوصلت الدراسة إلى نتائج مشابهة في عدة مدن أخرى حول العالم منها في الصين وتركيا والمكسيك وغيرها..
وجاء في نتائج هذه الدراسة أن أسباب تلوث هواء قطارات الأنفاق ومحطاتها يمكن تلخيصه بعوامل عدّة أهمها:
المواد التي تستخدم في صناعة مكابح هذه القطارات، إلى جانب تقنيات التهوئة في أنفاق "المترو"، وطريقة بناء المحطة وتاريخ بنائها إلى جانب تحديث وتنظيف ممرات التهوئة، بالإضافة إلى أمور أخرى كعمق المحطة وما إذا كانت تستعمل المكيفات فيها أم لا، وإذا ما كانت المكابح الإلكترومغناطيسية تستعمل أم تلك العادية، ونوعية العجلات بين فولاذية ومطاطية.
ولكن الدراسات لم تستطع ربط تلوث هواء قطارات الأنفاق ومحطاتها بأي وباء أو مرض منتشر بعينه، ولكن تمكنوا من تحليل حالات العاملين في هذه المحطات، فتبيّن أن العاملين على حواف أو رصيف محطات القطارات يعانون من أمراض في الدورة الدموية بنسب أكبر من أولئك العمّال العاملين عند شبابيك بيع التذاكر أو سائقي القطارات أنفسهم.
كما بيّنت الدراسات أن السبب المباشر في تلوث هواء محطات القطار في حال عدم وجود أي عامل خارجي كتسرب غاز أو غيره هو تطاير جزئيات من عجلات ومكابح قطارات الأنفاق وتلويثها للهواء المنتشر في المحطة، ما عزا هذه الدراسات إلى نصح المعنيين بإنشاء عوازل زجاجية بين سكك القطار وأرصفة ومحطات المسافرين كما فعلت العديد من المدن حول العالم، لأن ذلك يخفف كثيراً من نسب إنتشار تلوث هواء هذه القطارات. كما نصحت بإستخدام المكيّفات داخل القطارات ومحطاتها بدلاً من فتح النوافذ في القطارات أو إستخدام جر الهواء في محطاتها.
يذكر أن عامل آخر يؤثر في تلوث هواء وسائل النقل المشترك بشكل عام، ألا وهو إنتقال الفيروسات عبر الهواء خلال عملية التنفس من راكب لآخر، لذا دائماً يُنصح بإرتداء كمّامات واقية للأنف والفم لتجنب إنتقال هذه الفيروسات لكم، وخصوصاً في حال إصطحابكم للأطفال الذي يتلقون العدوى بسرعة أكبر.