الوقت- رغم التحذير من العواقب والتهديد بإجراءات عقابية من حكومة بغداد ودول إقليمية، مضى أكراد العراق في استفتاء تقرير مصيرهم، ما رفع حدة التوتر في بلد لم ينته بعد من حربه ضد داعش، وفي ظل تسارع الأحداث والخطوات على الأرض، ما قد ينذر بتصعيد كبير بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، أجرى موقع الوقت الإخباري مقابلة مع رئيس مؤسسة الإنقاذ التركمانية في العراق، الدكتور علي البياتي، للوقوف عند آخر التطورات ومعرفة موقف الشريحة التركمانية من الإستفتاء. إليكم ما جاء فيها:
الوقت: رغم المعارضة الدولية والمحلية لاستقلال إقليم كردستان، أجري الإستفتاء يوم الإثنين في المحافظات الكردية والمناطق المتنازع عليها. ما هو موقفكم كتركمان اتجاه هذه العملية؟ وما هي الخطوات المستقبلية التي تبغون تنفيذها؟
البياتي: "تم إجراء الإستفتاء على الرغم من الرفض الداخلي على مستوى البرلمان والحكومة والمؤسسات الوطنية، والرفض الإقليمي والدولي أيضا، بالإضافة إلى وجود رفض من داخل إقليم كردستان، فلم تكن كل الاحزاب الكردية موافقة على هذا الموضوع، ولكن تم فرض أمر واقع من قبل الحزب الحاكم، والإشكال الآخر هو ان الإستفتاء تم تحت إشراف جهة تابعة للحزب الحاكم، ولم تكن هناك أي جهة عراقية وطنية أو دولية مشرفة عليه، وهو بالتالي فاقد للشرعية وللجانب القانوني والدستوري."
وتابع: "نحن كتركمان، كوننا ثاني قومية داخل الإقليم، بالإضافة إلى وجودنا القوي في المناطق التي تسمى بالمتنازع عليها ككركوك وطوز خورماتو وديالى، كنا رافضين جماهيريا وسياسيا وتم اعلان هذا الشيء في الإعلام، ولم يكن هناك أي مراعاة لنا، بالإضافة إلى عدم مراعاة المكوّن العربي أيضا، وبعض الأقليات في الموصل وبقية المناطق، وكما قلت، تم فرض الأمر الواقع في هذه المناطق وتم تجاوز الديمقراطية التي أعطت الأخوة الكرد والاحزاب الكردية النفوذ القوي والسيطرة القوية والوجود الداخلي والخارجي والدولي من خلال الدولة العراقية التي لم يحترموها في هذا الإجراء."
وأضاف: "الاستفتاء تم إجراؤه، وعلى الرغم من نتائجه، أعتقد أنه في هذا الوقت بالذات، في المرحلة العصيبة التي يمر بها العراق وتمر بها المنطقة بشكل عام، سيزيد من التوتر في المنطقة التي تعاني من تشنجات مسبقة."
وأكد: "التركمان هم جزء من الدولة العراقية، وهم موجودون في البرلمان والحكومة وكافة المؤسسات، وسيكونون مع أي قرار يتّخذه البرلمان أو الحكومة العراقية."
لافتا أن هناك "خطوات حذر البرلمان والحكومة بإجرائها في حال تم الإستفتاء"، وقال: "ننتظر في الأيام القليلة القادمة هذه الخطوات التي من الضروري أن تتم لمعاقبة أو تنبيه الإخوة الأكراد والأحزاب الكردية، لأن هذه الخطوة ستكون سبب دمار البلد وتقسيمه، وكتركمان، نحن بالتأكيد متمسكين بالرّفض وستكون لدينا خطوات داخلية وخارجية للإعلان عنه، وعدم قبول هذا الموضوع كفرض أمر واقع، لأننا معنيين بأي تطور أمني وفوضى في مناطقنا، فشبابنا وعوائلنا سيكونون في خط الصدّ مع الأكراد أو مع أي جهة ستشارك في الأزمة في هذه المناطق."
وحول الخطوات التركمانية المستقبلية قال: "إحتراما لسيادة ووحدة البلد، نحن نحترم ونلتزم بكل الخطوات وكل الإجراءات التي تقوم بها الدولة العراقية، ولكن لدينا اتصالات مع جهات إقليمية وخارجية عبر الطرق الدستورية والقانونية بالاضافة إلى إتصالات داخلية من أجل إيصال رسالة وصوت التركمان، الذي هو صوت وطني ومدافع عن الحقوق."
الوقت: برأيكم ما هي التحديات والتهديدات التي تواجه المناطق المتنازع عليها بعد خطوة كهذه؟
البياتي: "تواجه هذه المناطق تحديا كبيرا، وهناك فرض أمر واقع من قبل الأحزاب الكردية، فالإجراء سبقه تحشيد أمني كردي كبير، كإرسال آلاف العناصر من أربيل ومناطق أخرى إلى هذه المناطق لإخافة وترعيب الناس."
وأضاف: "هذه المناطق لم تكن أصلا مستقرة أمنيا لكن هذه الأمور زادت من عدم استقرارها، وإن جميع الأطراف حتى التركمان والعرب والأقليات اليوم لديهم وحدات عسكرية وقوات أمنية، كالحشد وتشكيلات أخرى. فبالتالي إن كل الأطراف مسلحة، ووجود هذه التوترات وعدم إحترام الرأي الآخر سيكون له عواقب وخيمة بالتأكيد، عواقب لن يكون التركمان فقط، أو الأقليات الأخرى ضحيتها، بل حتى العوائل الكردية والإخوة الأكراد سيكونون أيضا وقودا لهذه النار لو بدأت شرارتها لا سمح الله."
واعتبر أن "التحدي الآخر، هو التدهور الإقتصادي الناتج عن الأزمة الأمنية والعسكرية في هذه المناطق، وسيؤدي ذلك إلى التأخير في إعادة إعمار هذه المناطق المتضررة أصلا من قبل عصابات داعش، واليوم كان الجميع ينتظر جهودا داخلية ودولية لإعمارها، الذي سيساهم في إعادة النازحين الذين يتجاوز عددهم الآن أكثر من مليونين ونصف. هذه التوترات بالتأكيد ستكون سبب لعدم عودتهم، وسببا لمعاناة ومآسي أخرى، مما يكلف مؤسسات البلد بشكل أكبر."
الوقت: هل يمكنكم تزويدنا بآخر التطورات في كركوك، فقد سمعنا أخبار عن حالة طوارئ واستنفار في المحافظة.
البياتي: "منذ يوم أمس كان هناك هجوم من قبل عناصر كردية على بعض مقرات الحشد التركماني في طوز خورماتو، تزامن مع رد من عناصر الحماية الموجودين، وقد اصيب بعض العناصر الكردية في العملية حسب معلوماتي. ويوم أمس أيضا، تم الهجوم على مركز صحي وحرقه من قبل عناصر كردية في إحدى المناطق التركمانية، منطقة تسعين، داخل كركوك."
وختم كلامه قائلا: "التوتر مستمر والحوادث بالتأكيد مستمرة، فهي لم تنقطع أصلا منذ 2003، ولكن وتيرتها ستزداد باعتقادي بسبب عدم وجود قوة مركزية تسيطر على هذه المناطق، واعتقد أن المطلب الدائم لجميع مكونات هذه المناطق منذ العام 2003 هو تواجد الحكومة الإتحادية أمنيا وعسكريا وإداريا لتجنب وقوع ضحايا من جميع الأطراف."