الوقت- أعلن الجيش العراقي، الخميس، انطلاق عملياته الحربية لتحرير منطقة الحويجة التي تقع غربي مدينة كركوك الغنية بالنفط من عناصر تنظيم داعش الارهابي، وذلك قبل أربعة أيام من إجراء استفتاء على استقلال الأكراد في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال العراق.
أهمية قضاء الحويجة:
ويقع قضاء الحويجة (230 كيلومترا شمال شرق بغداد) على امتداد طريقين رئيسيين يصلان العاصمة العراقية بغداد بمحافظة نينوى وكبرى مدنها الموصل،(شمال شرق بغداد، وإلى الجنوب الشرقى من مدينة الموصل)، حيث يمثل القضاء عقدة مواصلات بين محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى، ويشكل موقعا استراتيجيا مهما جدا، ويسكن القضاء حوالى 70 الف نسمة يمثلون غالبية مطلقة من العرب الذين ينتمون بصورة رئيسية الى عشائر العبيد والجبور والنعيم.
ولطالما عانى القضاء من قلاقل أمنية طويلة، واعتبر من المناطق غير المستقرة أمنيا منذ عدة سنوات، حيث وقعت في الحويجة أعمال عنف متلاحقة خلال السنوات التى أعقبت سقوط النظام السابق عام 2003، وبلغت ذروتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية بعد سيطرة تنظيم داعش الارهابي على ثلث مساحة البلاد بعد هجومهم الشرس عام 2014 وسقوط محافظة الموصل بيدهم.
مابعد عام 2014
واستغل الأكراد الاضطرابات التي رافقت هجوم تنظيم داعش الارهابي قبل 3 أعوام وبدأت قوات البيشمركة وبدعم مباشر من أمريكا السيطرة على جزء من محافظة كركوك الغنية بالنفط، وبسطت تلك القوات سيطرتها على مدينة كركوك وحقول النفط ومصفاتها الشهيرة بعد ان كانت تحت سيطرة الحكومة المركزية، ولم تتقدم الى داخل القضاء، الذي بقي تحت سيطرة الجماعات الارهابية حتى اعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس الخميس بدء "المرحلة الأولى من عملية تحرير" مدينة الحويجة، آخر المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعشة غرب محافظة كركوك.
وخلال ساعات قليلة أعلن قائد عملية تحرير الحويجة الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله عن تحرير 11 قرية في القضاء من سيطرة تنظيم "داعش"، وهي عين كاوة – حوشترلوك - حصاروك - سرناج الصغرى - سرناج الكبرى - شندر العليا - عدلة - فاطمة - محمود - قوج – خرباتي)"، وأشار الفريق يار الله إلى أن القوات العراقية أكملت الصفحة الأولى من المرحلة الأولى للعملية.
وتستهدف استعادة سيطرة القوات العراقية على الحويجة القضاءَ على وجود تنظيم داعش من كامل الاراضي العراقية، باستثناء قضاء القائم (الجانب الغربي من محافظة الأنبار) الذي تم أمس تحرير ناحية عنه فيه، وبالتالي فان المراقبون يعتبرون ان استعادة قضاء الحويجة ستمثل نهاية وجود داعش في شمال وشمال شرق العراق.
تأثير عملية تحرير الحويجة بالاستفتاء في اقليم كردستان
ترى الحكومة العراقية أن عملياتها العسكرية لتحرير البلاد من الارهاب، تواجه حاليا إشكالات سياسية متعلقة بالأزمة بين حكومة المركز وحكومة اقليم كردستان العراق، خاصة وأن مدينة كركوك تحولت إلى نقطة ساخنة قبيل موعد الاستفتاء المزمع اجراؤه يوم الاثنين القادم، كون المدينة تتألف من نسيج اجتماعي كبير يضم عرب وتركمان يعارضون الانفصال عن العراق.
كما يرى كثير من المراقبين السياسيين والخبراء العسكريين أن العمليات الحربية في قضاء الحويجة ومحاربة تنظيم داعش الارهابي ستتأثر سلبا بقرار الأكراد تنظيم الاستفتاء، فيما توقع أخرون أن الساعات القادمة ربما ستشهد قرارا بتأجيل الاستفتاء، وهو ما لوح به رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، عما إذا تم اتفاق مع حكومة العراق أن يتم تحويل يوم الاستفتاء إلى عرس واحتفال جماهيري فقط دون إجراء استفتاء، لأن المشهد العراقي بشكل عام والمشهد في كركوك بشكل خاص لا يتحمل مثل هذا الإرباك، وهذا ايضا ما أكده المبعوث الامريكي الخاص لدى التحالف الدولي ضد داعش بريت ماكغورك، الذي اعتبر أن الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق ليس فكرة جيدة، وستكون له نتائج كارثية مع قرب عملية استعادة تلعفر والحويجة، وأضاف أضاف أن "الفكرة لم يتم التحضير لها بطريقة حسنة، والأهمية لا تزال لمواجهة أخطار تنظيم داعش، وأن التحالف بحاجة إلى عمليات رئيسة ضد التنظيم في الحويجة بالتعاون بين البيشمركة والقوات العراقية".
ومن الناحية القانونية والسياسية، فانه من غير المنطقي اجراء هكذا استفتاء والبلاد مشغولة بمحاربة الارهاب وتعاني من أوضاع أمنيّة صعبة، ومن أهم معايير الانتخابات توفر الأمن قبل أخذ رأي الناس، كذلك فان هذه الانتخابات تتطلب لجاناً خاصة ومديرين عامين وخبراء من دول أخرى للإشراف عليها وهو ما يستحيل تأمينه في ظل الظروف الأمنية الحالية