الوقت - مع اقتراب موعد إجراء الاستفتاء بشأن استقلال إقليم كردستان العراق المزمع في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول الحالي تصاعدت حدّة الانتقادات من جانب تركيا باعتباره يمثل تهديداً كبيراً لأمنها القومي حسبما صرح الكثير من المسؤولين الأتراك.
فقد اعتبر رئيس الوزراء التركي "بن علي يلدريم" أن الاستفتاء الذي يعتزم إقليم كردستان العراق إجراءه، مسألة أمن قومي بالنسبة لأنقرة، مؤكداً أن بلاده ستتخذ كافة الإجراءات لمنع حصوله.
وكان يلدريم قد أوضح في وقت سابق لنظيره العراقي حيدر العبادي أن قرار إقليم كردستان إجراء استفتاء الانفصال بآنه يمثل خطوة خاطئة، معرباً عن دعم أنقرة لإجراءات الحكومة المركزية في بغداد بالحفاظ على وحدة العراق. وقد اتفق المسؤولان على العمل سوية لدفع إقليم كردستان للتراجع عن الاستفتاء.
من جانبه أكد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إنه سيلتقي برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيوريوك، لافتاً إلى أنه سيبحث معه الاستفتاء المزمع على استقلال منطقة كردستان.
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي بإسطنبول إن أنقرة وبغداد متفقتان على ضرورة المحافظة على وحدة الأراضي العراقية، مشيراً إلى وجود عملية توجيه من أجل تقسيم العراق، وتركيا لا تقبل هذا النهج، وقد أعربت عن ذلك مراراً.
وقال أردوغان إن مجلس الأمن القومي التركي ومجلس الوزراء سيناقشان العقوبات المحتملة على إقليم كردستان العراق عند اجتماعهما يوم الجمعة القادم بسبب اعتزام الإقليم إجراء استفتاء على الاستقلال.
وتنبغي الإشارة إلى أن تركيا كانت قد صعدت من موقفها المعارض لاستفتاء الأكراد على الاستقلال عن العراق وصوبت مدافع الدبابات وقاذفات الصواريخ تجاه حدودها مع الإقليم، مشددة على إن تقسيم جارتها الجنوبية قد يؤدى إلى صراع عالمي.
وتجدر الإشارة إلى أن تركيا تمتلك حدوداً بطول 350 كيلومتراً مع شمال العراق.
في هذه الأثناء، انتقد زعيم حزب الحركة القومية التركية المُعارِض "دولت بهتشلي" قرار حكومة إقليم كردستان العراق عقد استفتاء على الاستقلال، منوّهاً إلى أن الاستفتاء ستكون له آثار سلبية على تركيا.
وأشار بهتشلي في تصريح له إلى أن من المهم الآن هو إلغاء الاستفتاء دون أي شروط مسبقة بدلاً من تأخيره.
أكراد تركيا واحتمال تأثرهم باستقلال كردستان العراق
مما لاشك فيه أن أبرز تهديد يمكن أن تواجهه تركيا في حال حصول استقلال إقليم كردستان العراق عن هذا البلد يتمثل بوجود ما بين 15 إلى 18 مليون كردي في جنوب وجنوب شرق تركيا، وهذا الأمر من شأنه أن يمهد الأرضية لاحتمال مطالبتهم بالاستقلال خصوصاً وأنهم قد دخلوا في احتجاجات ومواجهات شديدة مع الحكومة المركزية في أنقرة طيلة العقدين الماضيين، ومن الطبيعي جداً القول بأن هذه التوجهات تمثل تحدياً أمنياً كبيراً لتركيا في حال حصول الأكراد على الاستقلال لأنه سيوجد شرخ واسع في الهوية التركية بالإضافة إلى أنه سيهدد وحدة وأمن البلاد.
إضعاف العمق الاستراتيجي لتركيا في العراق
كان العراق تحت سيطرة الدولة العثمانية إلى ما قبل نحو قرن من الزمان، وكانت محافظات عراقية مثل كركوك والموصل التي تضم أعداد كبيرة من التركمان تحظى بدعم رسمي من قبل أنقرة. وهذا ما جعل المسؤولين الأتراك يرفضون وبشدة إجراء الاستفتاء بشأن استقلال كردستان العراق لأنهم يدركون جيداً بأن ذلك سيعني فقدان العمق الاستراتيجي في العراق، خصوصاً وأن عدد كبير من مسؤولي كركوك قد أيدوا إجراء هذا الاستفتاء. وتخشى أنقرة من احتمال تعرض تركمان العراق للتهميش والإقصاء وربما القمع في حال تحقق استقلال كردستان العراق عن هذا البلد.
الخشية من تحول كردستان العراق إلى قاعدة لحزب (ب. ك. ك)
تخشى أنقرة من تحول إقليم كردستان في حال انفصاله عن العراق إلى قاعدة انطلاق لنشاطات حزب العمال الكردستاني (ب. ك. ك) المحظور في تركيا والذي تصنفه أنقرة والكثير من العواصم كمنظمة إرهابية على الرغم من وجود اختلافات أيديولوجية ونزاعات بين هذا الحزب والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي الذي يتزعمه رئيس الإقليم المنتهية ولايته "مسعود بارزاني".
ومن المعروف أن حزب العمال الكردستاني الذي يحظى بتأييد نسبة لابأس بها من أكراد تركيا يسعى هو الآخر إلى الانفصال عن البلاد وتشكيل إقليم كردي في تركيا على غرار إقليم كردستان العراق تمهيداً لإقامة الدولة الكردية المزعومة في المنطقة.