الوقت- الحرب السياسية والعسكرية التي يشهدها اليمن تشكل بيئة صراع سياسي عالمي بين تيارات ودول تختلف في وجهات النظر وتتفق بسعي كل واحدةٍ منها وراء مصالحها ومنافعها في منطقة الجزيرة، فتتعالى تهديدات دولٍ وتُسمع ادانات أخرى، وبين هذه وتلك تستمر تصريحات مجلس تعاون التي تدعي حماية اليمن وحرصها عليه وهذا يبدو واضحا في تصريح الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني الذي قال إن أمن اليمن جزء أساسي من أمن دول مجلس التعاون، وهذا التصريح يثير العديد من الانتقادات والتساءلات، فهل أمن اليمن فعلا هكذا؟
هناك جوانب ووقائع عديدة لبحث هذا التصريح:
أولا:
اذا كانت اليمن فعلاً مهمة بهذا القدر فلماذا لم يتم ضمها الى مجلس التعاون الى يومنا الحاضر ففي 2001 عقدت قمة مسقط لدول مجلس التعاون وكان من المفترض ضم اليمن إلى بعض المنظمات والمؤسسات الخليجية ولاقى القرار تأييداً عمانياً مقابل تحفظ سعودي وإماراتي وكويتي أما في عام 2008 فانقسمت مواقف الدول المشاركة في القمة حول قرار ضم اليمن بين رافض لانضمامه وآخر موافق على انضمامه المشروط وكانت المحصلة هي رفض طلب عضوية اليمن 1.
ثانياً:
ان تصريحات عبداللطيف الزياني بأن "من يعتدي على اليمن وشرعية حكومته، فهو يعرض أمن اليمن واستقراره والأمن الإقليمي للخطر" لا تحمل معنى اذا كانت دول مجلس التعاون هي المعتدي على اليمن وهي من استجلب المعتدين، فالعدوان السعودي على اليمن مستمر منذ أكثر من شهرين وأدى هذا العدوان الى أنّ ما يقارب 8.6 مليون يمني بحاجة ماسة الى المساعدات الطبية 2، فهل هذه الحرب تحقق الأمن والاستقرار!؟ وماذا عن موقف مجلس التعاون تجاهها علماً أن العدوان على اليمن بالاضافة الى المشاكل الانسانية التي تسبب بها، أدى الى مشاكل أمنية كبيرة اخرى وهي أنه شكل دعماً كبيراً لتنظيم القاعدة الارهابي في اليمن الذي رفع علم تنظيم داعش الارهابي في منطقة المصنعة في محافظة شبوة، وهذا ما سيؤدي الى تبعات مستقبلية في اليمن.
ثالثاً:
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس اليمني السابق عبدالله صالح والتي كشف فيها أن السعودية عرضت عليه ملايين الدولارات للتحالف معهما ضد حركة انصار الله مؤكداً أن السعودية تعمل على زرع الفتنة في اليمن، تشير الى تواطؤ مجلس التعاون مع السعودية التي تعمل بكل الوسائل على تقويض الأمن والسلم الأهلي في اليمن التي يدعي الزياني أن أمنها جزء أساسي من أمن دول مجلس التعاون، فأين مجلس التعاون من أفعال السعودية؟!
رابعاً:
السعودية تعرقل الحوار اليمني بين حركة انصار الله والرئيس عبدربه منصور هادي وهذا ما أكده المتحدث باسم حركة أنصار الله محمد عبدالسلام الذي أكد أن: "مجلس التعاون يدعي أن عبد ربه منصور هادي طلب نقل الحوار إلى الرياض، والصحيح أن السعودية هي من قررت نقل الحوار إلى الرياض وعرضت على المكونات اليمنية نقل الحوار قبل طلب هادي"، وهذا يشير الى أن مجلس التعاون ليس الا أداة بيد السعودية التي تحاول منع استقرار اليمن مادام غير خاضع لها.
الأدلة والشواهد كثيرة على أن دول مجلس التعاون غير معنية باليمن وما تصريحات عبداللطيف الزياني رئيس المجلس الا شعارات سياسية فالأمن والاستقرار اليمني لا يقتصر على كونه غير مهم لدول مجلس التعاون بل هو هدف لطائرات التحالف السعودي التي دمرت اليمن وتسببت بالكثير من المآسي فيه، وتصريح الزياني بأن أمن اليمن جزء أساسي من أمن دول مجلس التعاون ليس الا من التصريحات غير الجدية والتي ينطبق عليها المثل الروسي: "في مستنقع الأكاذيب لا تسبح سوى الأسماك الميتة".
المصادر:
1-مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
http://rawabetcenter.com/archives/6913
2- الموقع الرسمي للأمم المتحدة
http://www.un.org/apps/news/story.asp?NewsID=50979#.VWsGUtKeDGc