الوقت- "على قوات "اليونيفيل" القيام بالمهام الملقاة على عاتقها وتضع حدا لانتهاكات "حزب الله" لضمان استتباب الهدوء في جنوب لبنان والا تتجاهل التسلح الخطير لحزب الله في المنطقة"، هكذا بدأ مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة داني دانون، تصريحاته التي دعا فيها مجلس الأمن الدولي إلى إسناد صلاحيات أوسع لقوات حفظ السلام المرابطة في جنوب لبنان "اليونيفيل" لتكون قادرة على التعامل مع ما أسماها "التهديدات التي يشكلها حزب الله".
أما المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، فقد شاطرت دانون تصريحاته منتقدة آلية عمل اليونيفيل في جنوب لبنان موجهةً نقدا لاذعا لقائد "اليونيفيل" الميجر جنرال مايكل بيري قائلة إنه "عاجز عن فهم نشاطات حزب الله في جنوب لبنان"، مضيفة أن" بيري يقول إنه لا توجد أسلحة لدى "حزب الله" مما يدل على عدم إدراكه لما يجري حوله"، هذين التصريحين يجعلوننا نضع ألف علامة استفهام وتعجب أمام هذا الهجوم المتعمد على قوات اليونيفيل التي تلتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 كما أقر في عام 2006 وهذا ما لاتريده "اسرائيل" وصديقتها الروحية أمريكا، ما يجعلنا نتساءل هل عجز الكيان الاسرائيلي عن مواجهة حزب الله وعدم تقبله للهزيمة حتى بعد مرور 11 عاما على حدوثها هو من دفعه إلى شن هذه الحملة على قوات اليونيفيل ومحاولة توريطها في حرب مع حزب الله أم ما عجزت عنه "اسرائيل" في الميدان تحاول أن تكسبه عن طريق الدبلوماسية؟!
كيف بدأت محاولات توريط اليونيفيل في مواجهة مع حزب الله ؟!
بدأت هذه المحاولات في الكلمة التي ألقاها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، في مؤتمر هرتسليا في حزيران الماضي، وفي حينها أشار أيزنكوت وبشكل واضح إلى ما سمّاه "سعي تل أبيب السياسي" إلى إبعاد حزب الله عن جنوب نهر الليطاني. ولفت في حينه إلى أن حزب الله يخرق القرار 1701 ويعاظم انتشاره العسكري في منطقة عمليات اليونيفيل. في أعقاب الكلمة، بدأت المقاربة الإسرائيلية، وعلى لسان كبار مسؤولي تل أبيب العسكريين تحديداً، التركيز على مهمة اليونيفيل وفشلها في تحقيق هدف القرار 1701: مواجهة حزب الله، وذلك إضافة إلى سلسلة من التقارير العبرية، التي شددت على ضرورة تعديل تفويض القوة الدولية، ووضع آليات تسمح لها بالمواجهة، بل وتجبرها عليها.
وهذا إن دل على شيء فهو يدل على حالة العجز التي وصل إليها الكيان الاسرائيلي وجيشه اللذي يعاني من أزمات داخلية لا أحد يعلم إلى أين سيصل مداها، لذلك اضطر الكيان الصهيوني إلى دفع قوات بديلة لمحاربة حزب الله بالنيابة عنه وكان أفضل بديل لهذا الأمر هي قوات اليونيفيل خاصة بعد فشل الجماعات الإرهابية المسلحة في تحقيق أي هدف مما كان الصهاينة يسعون لتحقيقيه عن طريق هذه الجماعات في سوريا رغم كل الأموال والمساعدات التي أرسلها الاسرئيليون لهؤلاء القتله، بل على العكس فقد انقلب السحر على الساحر حيث أصبحت الآن "اسرائيل" تخشى من حدودها مع سوريا ولبنان فمن الجهة السورية عززت القوات السورية تواجدها هناك وأطبقت الخناق على الارهابيين الذين يهربون نحو الأراضي المحتلة وهذا ما تخشاه "اسرائيل" فضلا عن رعبها من تواجد قوات ايرانية أو قوات لحزب الله هناك حتى ولو كان الأمر مجرد إشاعات، أما من جهة حدودها مع لبنان فقد أصبح القاصي والداني يعلم أن الكيان الاسرائيلي عاجز عن الدخول في مواجهة مباشرة مع حزب الله وهذا ما دفعه للدفع باتجاه توريط قوات اليونيفيل بالحرب مع حزب الله بالنيابة عنه.
أوروبا ترفض دخول جنودها في حرب مع حزب الله
تدل التصريحات التي خرج بها قادة أوروبا وفي مقدمتهم فرنسا أن الدول الأوروبية لا ترضى بدخول جنودها في معركة لا نقاة لهم فيها ولاجمل، رافضين كل الضغوط التي تفرض عليهم في هذا الاتجاه خاصة من قبل الولايات المتحدة، طبعا هذا الرفض تقوده فرنسا، وتدعمها ألمانيا وإسبانيا والسويد ودول أخرى تشارك في القوات الدولية في الجنوب.
وفي هذا الاطار أكّدت مساعدة مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة آن غيغين قبل أيام، أن باريس تريد "إبقاء التفويض كما هو، أي كما حدده القرار 1701 الذي صدر عام 2006 لجهة احترام وقف الأعمال الحربية بين إسرائيل وتنظيم حزب الله"، ومن هنا نستشف بأن الكيان الصهيوني مهما تباكى للأمريكي وغيره لن يستطيع أن يحقق خططه الشيطانية وتوريط أوروبا بهكذا حرب لاجدوى منها بالنسبة للأوروبي.
في الختام يمكننا القول أن الكيان الصهيوني يمر بأسوء حالاته لعدة اعتبارات أهمها فشل جميع مخططاته في سوريا وخوفه من دخول الجنوب السوري في هدنة ترعاها روسيا، فضلا عن أزماته الداخلية وقضايا الفساد التي تلف مؤساساته العسكرية وحكومته بالإضافة إلى خوف جنوده من الدخول في حرب من حزب الله وهربهم من الوحدات القتالية، ويجب ألا ننسى وقع الانتصارات الأخيرة لحزب الله في جرود عرسال على القيادة السياسية والعسكرية في الكيان الاسرائيلي.