الوقت- في اواسط العام 2014 سقطت مدينة الموصل العراقية بيد الجماعات التكفيرية، لتخرج الكثير من التحليلات والدراسات في حديثها عن من يقف وراء سقوطها، وتباينت وجهات النظر واتجهت الأنظار بشكل رئيسي إلى أمريكا الصانع والداعم الأساس لجماعات التكفير. هذا السيناريو عاد ليتكرر في الأيام القليلة الماضية، إذ وقعت مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار في قبضة الجماعات التكفيرية بذات الطريقة التي سقطت فيها مدينة الموصل. لكن الصدمة هذه المرة كانت أكبر، فلم يكن ليتوقع أحد سقوطها خاصة بعد الإنتصارات التي حققتها القوات العراقية في محافظة صلاح الدين، وكانت التوقعات تشير حينها الى ان الوجهة المقبلة للقوات العراقية هي محافظة الأنبار، لتطهير بعض مدنها من قبضة الجماعات الإرهابية.
وفي تحليل ودراسة لهكذا حدث يمكن عرض مجموعة من الأسباب المؤدية لسقوط الرمادي والأهداف التي يعمل عليها وتداعيات ذلك كالتالي:
الأسباب:
1 - سياسة أمريكا في العراق التي ارتكزت على وضع خطوط حمر على مشاركة اللجان الشعبية العراقية في تحرير محافظة الأنبار من جماعات التكفير، مضافا إلى رفضها مشاركة بعض الدول في حلفها المزعوم عن غيرها من الدول الأخرى، ساهمت في تمدد جماعات التكفير داخل محافظة الأنبار وبالتالي السيطرة على مدينة الرمادي.
2 - وجود أكبر قاعدة أمريكية في محافظة الأنبار- مدينة الرمادي تقع داخل محافظة الأنبار- (عين الأسد)، مع العلم أن العراق تمكن من دحر جماعات التكفير من أغلب المحافظات باستثناء الأنبار حيث القاعدة الأمريكية.
3 - الحملات الإعلامية التسقيطية التي تشنها أمريكا ضد العراق إن من خلال إظهار جماعات التكفير على أنها قوة يصعب مواجهتها والتصدي لها وبأنه واقع بدأ يفرض نفسه على أرض الواقع، أو من خلال الحملات ضد شخص رئيس الحكومة والحكومة ككل بهدف إضعافهما، كما حصل عبر الترويج لأكذوبة مجزرة الثرثار، التي أثارت الرعب في محافظة الأنبار وأدت الى موجة نزوح كبيرة تبعها انهيار عسكري في المحافظة، فتلك الوسائل الإعلامية المدعومة أمريكيا التي أرادت إسقاط الحكومة وشخص رئيسها تتحمل قسطا كبيرا من مسؤولية ما حصل في الأنبار.
4 - وقوف أمريكا حائلا أمام أي فرصة متاحة لدعم الجيش العراقي بالأعتدة والتجهيزات العسكرية اللازمة لمواجهة جماعات التكفير، كوقوفها مانعا من تزويد العراق بطائرات اف 16 المقاتلة على سبيل المثال.
5 - عدم فعالية وجدوى ضربات ما سمي بالتحالف الذي اشتملت ضرباته على الأسلوب الذي يعزل المناطق العراقية عن بعضها بعض.
الأهداف:
1 - المشروع التقسيمي للعراق بل وكل المنطقة والذي تعمل عليه أمريكا بكل ما أوتيت من قوة. فتفتيت العراق والمنطقة الى دويلات متناحرة يقاتل بعضها الاخر يخدمها والكيان الاسرائيلي من خلال تطبيق عبارة "فرق تسد".
2 - أمريكا وأمام تمسك العراقيين بوحدتهم، تعمل على إيجاد منفذ لها بهدف اطالة امد الحرب في العراق خدمة لاهداف عديدة على رأسها مصالحها في المنطقة ومصالح الكيان الإسرائيلي.
3 - ترى أمريكا أن الحرب في العراق هي وسيلة أساسية لتصريف ما لديها من اسلحة ومعدات.
4 - استنزاف الثروات العراقية بحجة ضرب جماعات التكفير، فهي تبني على أن كلفة الطلعات الجوية للتحالف الدولي بقيادة امريكا تقدر باكثر من سبعة ملايين دولار يوميا وسيتم اخذها من قوت العراقيين ولو بعد حين.
5 - دفع العراقيين إلى القاء اللوم المتبادل فيما بينهم وبالتالي إحداث التفرقة وتباين وجهات النظر حول وحدة ومصير بلدهم.
التداعيات:
1 - محافظة الأنبار ومركزها مدينة الرمادي اصبح قرابة 90% من اراضيها في قبضة التنظيم، ولم تعد تسيطر القوات العراقية الا على بعض مدنها مثل الخالدية والبغدادي وعامرية الفلوجة والنخيب وحديثة، فيما يسيطر التنظيم على 15 مدينة فيها. ومع الأخذ بنظر الإعتبار مساحة المحافظة التي تعادل ثلث مساحة العراق، فإن سيطرة التنظيم عليها يشكل ضربة معنوية كبيرة وسيؤدي الى حرب استنزاف طويلة، إذ ان مساحة المحافظة تستدعي تشكيل قوات عسكرية كبيرة لتحريرها.
2 - محاذاة المحافظة للعاصمة بغداد ولمحافظة كربلاء، تشكل تهديدا كبيرا لهما خاصة وان عيون أفراد التنظيم الإرهابي ترنو نحوهما، من اجل تطبيق عقيدتها الفاسدة في هدم الأضرحة المقدسة وارتكاب المذابح ضد من يسمونهم بالمخالفين.
3 - الإنعكاس السلبي على المناطق المحررة مثل تكريت وديالى، فاذا ما تمركز التنظيم وعزز قدراته في الأنبار فمن المتوقع ان يهاجم تلك المناطق المحررة.