الوقت- مشروع قديم جديد، وحلم الأمس بات على طريق التحقق الفعلي. هو مشروع التطبيع العلني والمباشر والتنسيق الكامل وعلى كافة المستويات بين الكيان الإسرائيلي من جهة والسعودية وما لها (حسب الكيان) من رمزية عربية إسلامية تهمه.
بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدأت مراكز الدراسات والفكر الداعمة لإسرائيل في واشنطن بالعمل الجدي وبشكل أكبر وأكثر فعالية من أجل طرح خط فكري ينادي بالصداقة بين تل أبيب والرياض على قاعدة العداء المشترك لإيران النووية. وهذا الأمر بدأت انعكاساته تظهر في الإعلام السعودي مؤخرا من خلال طرح تحليلات ومواقف تتحدث ضمن منطق "عدو عدوي صديقي" بحيث يحاول هذا التيار اليوم تقييم ردة الفعل الشعبية على كلام من هذا النوع.
هذا التقارب بين التيارين الفكريين (الوهابي الصهيوني) يتغذى ويتعزز من خلال الفكر الترامبي الحاكم اليوم في أمريكا. حيث أن واحداً من الخطوط الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط اليوم هو السعي لإيجاد أرضية للتعاون الصهيوني الوهابي. وهنا نقول الوهابي لأن التعاون سيكون أبعد من مجرد تعاون سعودي إسرائيلي وهذا ما سيجري الحديث عنه ومن خلال معطيات واقعية ملموسة.
هذه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة وضع أسسها وزير الخارجية الأمريكي ركس تيلرسون الذي يمتلك علاقات ونفوذ واسع ضمن النظام السعودي الحاكم، إضافة إلى مستشار ترامب الخاص وصهره اليهودي كوشنر الذي يتمتع بعلاقات قديمة ووطيدة مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو إضافة إلى نشاط اقتصادي وتجاري واسع مع الكيان.
المعطيات عن التعاون السعودي الإماراتي مع الكيان الإسرائيلي كثيرة. وخاصة التعاون الأمني فيما يخص التهديدات الإيرانية المزعومة والتعاون في الميدان السوري الذي لم يعد يخفى على أحد. صحيفة وول ستريت جورنال كشفت بدورها عن هذا التعاون حيث تقول الصحيفة أنه ومنذ بداية الأزمة السورية كان هناك مخططا إسرائيليا سعوديا لدعم المعارضين السوريين. فالرياض تؤمن السلاح والدعم المادي فيما تؤمن تل أبيب المساعدات الطبية والأغذية والوقود للحركات التكفيرية عبر الحدود المشتركة مع سوريا.
هذا الأمر ظهر علنا في الإعلام الإسرائيلي سابقا، حيث استقبل كيان العدو كثير من الحالات في مستشفياته في الداخل. وتباهى نتانياهو في حينها بدعم المعارضة السورية وتقديم الدعم لها من أجل إسقاط ما سماه النظام السوري الظالم. حتى أن مستشفيات الكيان استقبلت جرحى من جبهة النصرة الإرهابية في تأكيد على التواصل والتعاون ضمن ما سمي بالتحالف الوهابي الصهيوني.
تطبيع وتنسيق من نوع آخر كشفت عنه صحف إسرائيلية وأجنبية، وهو مجال السياحة الطبية للطبقات المرفهة في بعض الدول العربية. حيث كشفت صحيفة هآرتس في وقت سابق عن استقبال الكيان لأمراء وأميرات من العائلة المالكة السعودية والبحرينية والإماراتية في مستشفيات الكيان من أجل إجراء عمليات جراحية تجميلية وعلاجية مختلفة. وكشفت أن المسير الذي يسلكه هؤلاء لبلوغ إسرائيل هو قبرص ومن هناك يدخلون الكيان الذي يرتب لهم الإقامة والعلاج والسياحة بشكل منظم وبإشراف مباشر من جهات حكومية إسرائيلية.
صحيفة وول ستريت جورنال أيضا ومنذ أشهر كتبت عن بعض تفاصيل التعاون السعودي الإسرائيلي. وأتت بشواهد تؤكد تغير النظرة للعلاقات مع إسرائيل من قبل الدول الخليجية. وأشارت الصحيفة إلى تصريح وزير العدل السعودي السابق وأمين رابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى الذي قال فيه أن الرسول (ص) زار جاره اليهودي مبديا إمكانية وجود تعايش إسلامي يهودي.
كما من الجيد الإشارة إلى ما قاله المتحدث السابق باسم تحالف العدوان على اليمن "أحمد العسيري" عن وجود عدو واحد مشترك بين إسرائيل والسعودية وهو إيران. مضيفا أن السعودية وإسرائيل حليفين أساسيين لأمريكا في إشارة تؤكد التقارب بين الطرفين.
كما أشارت تقارير كثيرة صحفية أجنبية إلى اللقاءات الإماراتية الإسرائيلية والتنسيق الاقتصادي الذي بدأ يخرج للعلن. كما حصل عندما أعطت الإمارات مجوز لشركات إسرائيلية بحضور معرض اكسبو الدولي في دبي العام الماضي.
إذا هي مؤشرات ومعطيات باتت ملموسة ولم تعد مجرد تكهنات ذهنية. تؤكد أن الطرفين ماضون في طريق تطبيع العلاقات وهم اليوم في مرحلة التمهيد لهذا الأمر شعبيا. وقد أصبحوا في مراحل متقدمة من التنسيق الأمني والسياسي بانتظار الفرصة لإعلان هذا الأمر على الملأ.