الوقت- لفت وعد زعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي بدعم فلسطين وحزب الله انتباه الجميع. ولم يكن كلامه، كلام الواثق بقدرات شعبه، بمعزل عن التطوّرات الداخليّة والإقليمية، بل عزّز نظرية التكامل لمحور المقاومة.
كلام السيد الحوثي، واستناداً إلى تطوّرات القدس والمواجهة القائمة مع الكيان الصهيوني منذ العميلة البطوليّة في باب الأسباط وما تلاها من محاولات إسرائيلية لبسط اليد على قبلة المسلمين الاولى، تركّز على العدو الإسرائيلي بخلاف الكلمات السابقة التي ارتكزت على العدو السعودي الذي يشنّ حرباً على اليمن منذ العامين والنصف تقريباً.
السيد الحوثي وعد بدعم فلسطين وحزب الله في لبنان خلال أي معركة قادمة، مؤكداً أن رهان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على الشعب اليمني سيكون في محله وسيكون موقف الشعب اليمني مشرفاً في أي مواجهة لكم مع العدو "الإسرائيلي" ومستعدون لإرسال المقاتلين. وأضاف "إننا حاضرون للمشاركة العسكرية في أي مواجهة مع العدو "الإسرائيلي" بثقافتنا وبتوجهنا ونحن حاضرون لهذا بكل جد..حاضرون حتى ونحن في ظروف العدوان علينا والذي تشارك فيه أمريكا و"إسرائيل" والسعودية والإمارات وبريطانيا ودول أخرى وبكل مقدرات أدواتهم".
قد يمرّ البعض مرور الكرام على هذه الكلمة، التي قد تكون من الاهمّ، وربّما الأهم، في كافّة الخطابات السابقة للسيد الحوثي منذ بدء العدوان على اليمن عام 2015، لأسباب عدّة نذكر منها:
أوّلاً: تأتي هذه الكلمة التي تكشف عن تكامل لمحور المقاومة، في ظل رسم خطوط اشتباكات سياسيّة وعسكرية جديدة، بدء من سوريا مروراً بالعراق وليس انتهاءاً بالأزمة الخليجية. واللافت أن السيد الحوثي قد أطلق هذا العهد وفي هذه المرحلة، رغم إدراكه أن اليمن "على اعتاب مرحلة تصعيد عسكري جديد ضد الشعب اليمني وأن ذلك يأتي بإيعاز من وزير الحرب الأمريكي عندما قدم إلى المنطقة الأسبوع الماضي حيث شدد على ضرورة التصعيد حتى نهاية العام".
ثانياً: إن أهميّة هذا العهد على الصعيد الاستراتيجي تكمن في الدور الذي باتت تلعبه القوّات اليمنية بعد عامين ونصف على العدوان. المقاومة اليمنية التي حاولت الرياض ومن يقف خلفها إعادتها من صنعاء إلى جبال صعدة تحت عدوان ما يسمّى بعاصفة الحزك، بات الرهان عليها يصل القدس وإلى ما بعد القدس. أي أنّها دخلت مرحلة التحوّل إلى لاعب إقليمي بارز كما فعل حزب الله سابقاً، والحشد الشعبي العراقي مؤخراً.
ثالثاً: النقطة الثانيّة، وإن دلّت على شيئ، إنّما تعكس حالة التكامل السريعة التي يمرّ بها محور المقاومة بدءاً من من نصر حلب التاريخي، مروراً بنصر الموصل الاستراتيجي، وصولاً إلى الصمود اليمني الأسطوري. ليس ذلك فحسب، بل إن التكامل في محور المقاومة، يقابله ترهّل واضح في المحور الآخر بدءاً في الخلاف التركي الأمريكي، وليس انتهاءً بالأزمة الخليجية التي بدّلت كافّة الحسابات. في الحقيقة، إن صراع الزعامة الذي نشاهده اليوم في معبر باب الهوى بين أحرار الشام، وهيئة تحرير الشام، ما هو إلا انعكاس لصراع الزعامة السياسي بين أطراف الأزمة الخليجية. بعبارة أخرى، ورغم وجود الكثير من المصالح المشتركة لمحور ما يسمى بالاعتدال العربي، إلا أن اختلاف الأهداف من ناحية، وصراع الزعامة من ناحية أخرى أفضى إلى ما هو عليه المشهد الإقليمي اليوم.
رابعاً: هذا المحور بوصلته فلسطين، وبالتالي لا تتوقّف حدوده عند صنعاء أو صعدة، بل بإمكانه الوصول إلى أقصى أفريقيا، وتحديداً الجزائر أكبر الدول احتضانا على الصعيد الشعبي لفلسطين وقضيّتها. هذه الدولة التي رفع رئيسها الأسبق هواري بومدين شعاره التاريخي: الجزائر مع فلسطين ظالمة كانت او مظلومة. المشهد الفلسطيني على موعد مع تطوّرات جذرية تفرض على حماس وبقيّة الفصائل أن تنخرط في محور المقاومة التي هي جزء لا يتجزّء منه، بشكل أكبر. أي أنّ تترك حركة حماس كافّة الاعتبارات السياسيّة جانباً، وتتماهى بقيادة رئيس مكتبها السياسي الجديد اسماعيل هنيّة، ومكتبها في غزّة يحيى السنوار، مع محور المقاومة بما يخصّ القضيّة الفلسطينية، لاسيّما في ظل المرحلة الحساسّة التي نعيشه، مرحلّة يُراد فيها تصفية القضيّة الفلسطينية عبر تطبيع عربي غير مسبوق. إذا كانت المشاركة العسكرية في حرب الـ1973 اقتصرت على مصر وسوريا والعراق والجزائر، فإن باب المشاركة اليوم مفتوح على مصرعيه، من الجزائر وليبيا، إلى مصر واليمن، والعراق وايران وسوريا ولبنان.
أدرك محور المقاومة، وهو ما سمعناه مراراً وتكراراً على ألسنة قياداته، أن المواجهة مع الإرهاب الداعشي بمختلف أشكاله ومسمّياته، يعدّ مرحلة تحضيرية للمواجهة الكبرى مع الكيان الإسرائيلي خاصّة أن المنطقة مهدّدة اليوم بالانزلاق إلى حرب، لسنتذكر الشعار الذي أطلقه المرجع الديني اللبناني السيد عبد الحسين شرف الدين قبل مئة عام تقريباً: لقد حُمّ الأجل وموعدنا فلسطين على أرضها نحيا وفيها نموت ومنها نبعث أحياء وشهداء.