الوقت- تزداد حدة التوتر والصراع يومياً في منطقة عفرين الواقعة في شمال غرب سوريا، في الوقت الذي يسيطر فيه الأكراد على المنطقة، بينما تشتاط أنقرة غيظاً من فكرة بسط عدوها اللدود سيطرته على حدودها الجنوبية وإزدياده قوة، وبين هذا وذاك تعود هذه التهديدات ضد الأكراد بالفائدة على الحكومة السورية.
تردد السلطات التركية ووسائل إعلامها كلاماً عن إمكانية شن عمليات عسكرية جديدة في الشمال السوري. فقد أعلن رجب طيب أردوغان مؤخراً في تغريدة له: نعلن للعالم أجمع أننا لن نسمح أبداً مهما كان بقيام دولة كردية في شمال سوريا.
ونشرت صحيفة يني شفق المقربة من الحكومة التركية قبل أيام من هذه التغريدة تقريراً يفيد جهوزية القوات التركية لشن هجوم على مقاطعة عفرين وأن التحضيرات اللازمة لشن مثل هذا الهجوم على عفرين جاهزة وأن الجيش التركي قد أنهى استعداداته بسرعة غير مسبوقة. وفي هذه الأثناء، أعلن وزير الدفاع التركي فكري إيشيك أنه لن يتردد نهائياً في حال إستدعت الضرورة القيام بعمليات عسكرية في عفرين السورية. في حين أثارت هذه التحركات التركية قلق الأكراد، الذي أصدروا بياناً قالوا فيه: إن القوات التركية مستعدة و تنتظر أوامرها العسكرية لتبدأ إحتلال عفرين. تستعد تركيا للقيام بهذا العمل بمشاركة بعض المجموعات المسلحة وقد أطلقوا تسمية سيف الفرات على هذه العمليات.
منطقة عفرين إحدى المناطق الثلاثة ذوي الغالبية الكردية في الشمال السوري، والتي سيطر عليها الأكراد بعد إنسحاب الجيش السوري منها. تقع هذه المنطقة في شمال غرب سوريا وتنفصل جغرافياً عن المناطق الكردية الأخرى مثل عين العرب والجزيرة. لكن الأكراد سعوا العام الماضي إلى وصل هذه المناطق الثلاثة من خلال إجتيازهم لنهر الفرات وزحفهم نحو منبج. إلا أن عمليات درع الفرات التركية وإحتلال ميليشياتها العسكرية لمدينة جرابلس هدمت آمال الأكراد في تحقيق غايتهم. بينما أرادت تركيا التوسع شرقاً والإغارة على منبج وإحتلالها، لكنها تخلت عن نيتها هذه لفقدان الدعم الأمریكي وللرفض الروسي السوري.
ويبدو أن مساعي تركيا وحصر تهديداتها ضد الأكراد بمنطقة عفرين فقط يعود إلى يأس تركيا في إقناع شركائها الأمريكيين بوقف دعمهم عن الأكراد في شمال شرق سوريا. وتبدو تركيا أكثر تصميماً من ذي قبل للتقرب من موسكو أملاً في الوصول إلى مبتغاها.
في الحقيقة لم تعبأ روسيا أو تتخذ موقفاً واضحاً من التهديدات التركية، في حين يتبلور الهدف الأساسي لموسكو في عودة كامل المناطق السورية تحت سيطرة الحكومة المركزية.
ويتحدث البعض عن حصول إتفاق روسي تركي تبدي فيه تركياً تعاوناً مع روسيا في إدلب في حين تغض روسيا طرفها عن عملياتها في عفرين. وبالتزامن تفشي بعض المصادر الأخرى أن هدف روسيا يتجلى في الضغط على الأكراد عن طريق تركيا لتسليم مناطق نفوذهم للحكومة السورية.
إنتقد عبد صلاح علي مندوب حزب الإتحاد الديمقراطي السوري في موسكو الحكومة الروسية قائلاً: مواقف الكرملين بشأن الهجمات التركية على مقاطعة عفرين غير شفافة ومتناقضة. وأضاف: مواقف روسيا حول هجمات الجيش التركي على مقاطعة غير واضحة، إنهم يقولون أننا نعارض كل تدخل أو هجوم عسكري أجنبي في سوريا، لكنهم في الواقع يتبعون سياسة تضع الحكومة السورية المركزية في أول أولوياتها، أعتقد أن روسيا تحاول إجبارنا على القيام بعمل ما بسكوتها وتركها المجال مفتوحاً أمام هجوم الجيش التركي على عفرين.
ومن الجلي أن سياسات موسكو قد تكللت بالنجاح، فقد أعلن قادة الأكراد عن إحتمال تسليم منطقة عفرين للحكومة السورية قاطعين بذلك الطريق أمام العمليات العسكرية التركية على هذه المنطقة. أعلن صالح مسلم الرئيس السياسي لحزب الإتحاد الديمقراطي السوري قائلاً: إذا لم تتدخل أمريكا ورسيا لوقف العدوان التركي على عفرين ويسدوا الطريق على تركيا، سنقوم بتسليم مدينة عفرين للجيش السوري، وسنكرر مافعلناه في منبج فما عفرين إلا أرض سورية ولن نسمح لتركيا أن تحتل شبراً واحداً من سورية.
وأضاف الزعيم الكردي السوري صالح مسلم: في حال وقوع هجوم تركي على عفرين، سنواجه هذا الأمر بتسليم كامل المقاطعة للجيش السوري.
ويذكر أن الحكومة السورية قد قدمت عدة شكاوى إلى الأمم المتحدة بسبب إنتهاك تركيا للسيادة السورية و القانون الدولي والأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة و مبادئ حسن الجوار.