الوقت - لا تزال أصداء زيارة دونالد ترامب إلى السعودية تتردد، هذا وكان من اللافت مستوى واتساع دائرة رفض الزيارة من قبل كبريات الصحف العالمية، خاصة بعد الخطاب الذي ألقاه ترامب في القمة الأمريكية الإسلامية التي عُقدت الأحد في الرياض.
مجلة "شبيغل" كما معظم الصحف الألمانية كان موقفها رافضا للزيارة منذ البداية، أما بعد خطاب ترامب فنشرت المجلة مقالا على موقعها الالكتروني اعتبرت فيه أن الأخير ركز فقط على موضوع مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أن أكثر ما يخيف الشعوب العربية في المغرب ومصر وبنغلادش والكثير من البلدان الإسلامية الأخرى ليس أن يسقطوا ضحايا عمليات إرهابية، بل إن خوفهم الأساسي هو من عدم الحصول على عمل وتأمين متطلبات العيش لعوائلهم. فالأفق منعدم وهو أكبر مشكلة تعاني منها شعوب المنطقة، ومسؤولية انعدام الأفق يتحملها أولئك الذين كانوا جالسين مع ترامب في تلك القاعة في الرياض.
كما تحدثت الصحيفة عن عقيدة آل سعود، وعدم انسجام مقولة ترامب بالتسامح والعمل ضد التطرف في بلد يحظر فيه الإنجيل ولا مكان لعقيدة أخرى غير الإسلام السني.
صحيفة "ديلي فيلت" بدورها اعتبرت أن ترامب تمكن من تجاوز أول اختبار له في السياسة الخارجية، ولكن شعاراته وخطابا واحدا له لن يغير من الواقع شيئا ولن يوقف قهر النساء، فالنساء لا يسمح لهن بقيادة السيارات ولا ارتياد المسابح إضافة إلى الكثير من الحقوق الأخرى التي يضمنها النموذج الغربي الاجتماعي الليبرالي.
صحيفة "تاغس شبيغل" اعتبرت أن خطاب ترامب شكل عرضا عاما، حيث مد يديه للتعاون في الحرب ضد التطرف والفكر الراديكالي، ووعدهم بأن يمدهم بكل ما يحتاجونه في المعركة. لكن ثقة ترامب بنفسه لا تكفي للوصول إلى النتيجة المطلوبة، والسبب مرتبط بمعرفة المنطقة، وأمريكا فشلت كنموذج لنظام يمكن تطبيقه على الشرقين الأوسط والأدنى.
صحيفة ألمانية أخرى هي "فرانكفورتر روندشاو"، اعتبرت أن الأمل الحقيقي هو في إيران، حيث تدفق الإيرانيون بقوة وبحماس للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وصوتوا لمرشح الإصلاحيين الشيخ حسن روحاني، في انتخابات حرة ونزيهة. فالواقع أن في داخل إيران الملايين من الشركاء للغرب، وفي الجانب الآخر (السعودية) اختار ترامب أن يرقص مع الحكام الإقطاعيين في نظام ملكي مستبد لا يوجد لديه برلمان ولا يفكر في تنظيم انتخابات رئاسية.
وتضيف الصحيفة: "في السعودية لا يحق للنساء قيادة السيارات، كما أن أسامة بن لادن خرج من السعودية وحصل على الدعم اللازم منها دون أي صعوبات". رغم ذلك يبيع ترامب أسلحة لهولاء بقيمة 110 مليار دولار ليتبعها صفقات أخرى بقيمة 350 مليار دولار، والهدف أن يتمكن السعوديون من الدفاع عن أنفسهم في مواجهة إيران. هذه الصفقات تتم دون أي شروط متعلقة بتحسين وضع حقوق الإنسان أو إيقاف العدوان السعودي المدمر على اليمن.
تختم الصحيفة بأن ما يحصل هو عار، معتبرة أنه لا يجب أن تبقى إيران في خانة الأعداء، مشيرة إلى المواجهة الإيرانية السعودية بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، ومتخوفة من تشجيع الرياض على خوض مواجهة مباشرة من خلال صفقات الأسلحة الأمريكية. وهذا الأمر خطأ تعيد ارتكابه أمريكا مجددا، فهي تقوي دولة مارقة لتقليص حجم أخرى، وتُعد بذلك المنطقة الخصبة لنزاعات أكثر حدة في المستقبل.
بدورها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اعتبرت أن خطاب ترامب كان يمكن أن يكون أسوأ لو استمر في استخدام أدبياته حول الإسلام المتطرف، فلم يشر حسب الصحيفة في خطابه إلى أي شيئ يخص الإسلام كدين أو حضارة، بل ركز على ضرورة مكافحة الإرهاب ومواجهة إيران.
تضيف الصحيفة أن إيران التي تُعد القوة غير السنية الرئيسية في العالم، تعرضت لهجوم عنيف من قبل ترامب إضافة إلى زعماء العالم السني، وهذا الأمر يزيد في الانقسام الطائفي، مع ملاحظة أن غالبية الجماعات الإرهابية بالمنطقة تابعة للسنة وليس للشيعة وكل ذلك حسب النيويورك تايمز.
ختاما وبصرف النظر عن صوابية ما تطرحه الصحف الغربية، إلا أن هذه الأمور تكشف عن جانب خفي على كثيرين حول حقيقة الموقف الغربي تجاه السعودية وإيران على حد سواء.