الوقت- قد لا يختلف اثنان حول زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية بأنها زيارة تاريخية بامتياز، أما الأسباب التي تجعل منها تاريخية وغير مسبوقة فتختلف باختلاف التوجهات وزوايا طرح الموضوع. على أي حال هي زيارة توجها آل سعود بقمة ذل الأنظمة العربية والإسلامية وكرمى لعيون العم سام داسوا على تقاليدهم وتشريعاتهم، فأباحوا لزوجة ترامب وابنته وحاشيتهه من النساء ما حرمه الله، وهنا حصل ما لم يأخذه آل سعود بالحسبان حيث أشعلت صور ميلانيا وابنته ايفانكا قلوب الشعب السعودي وأيقظت الكبت الاجتماعي والثقافي الذي يعاني منه الشعب السعودي.
انطلاقا من ذلك سنحاول الإضاءة على جانب مضحك ومبك من الزيارة يتعلق بالتعليقات والهاشتاغات التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي. محاولين الغوص في الأسباب التي جعلت من #بنت ترامب هستيريا لدى الشعب السعودي.
فلم يلبث أن وصل الوفد الأمريكي وبدأت الصور الأولى لزوجة وابنة ترامب بالظهور حتى ضج موقع تويتر بهاشتاغات مختلفة كان أبرزها #بنت-ترامب ايفانكا الذي تم تداوله مئات آلاف المرات ليكون الأول والأكثر تداولا في السعودية لساعات طويلة، وقد رافق هذا الهاشتاغ عشرات الصور والأفلام التي رصدت كل خطوة خطتها ايفانكا إضافة إلى السيدة الأولى ميلانيا، مترافقة مع آلاف التعليقات التي تشيد بالجمال الأمريكي الفاتن وبطريقة ساخرة قارن الشباب السعودي ايفانكا بالفتيات السعوديات، حيث اعتبرهم الكثير من الشباب بدوا متخلفين عن ركب الحضارة.
هذا وانتشرت الكثير من الفيديوهات وقد يكون أظرفها وأكثرها تعبيرا عن واقع السخف لدى أمراء آل سعود هو الفيديو الذي يُظهر ولي العهد السابق مقرن يشرح لايفانكا طريقة هز فنجان القهوة العربية، فيديو ورغم تفاهته لاقى رواجا كبيرا على تويتر.
الصورة الأخرى التي جرى تداولها بشكل كبير وعلى نطاق واسع هو المشهد المضحك لحراس القصر الملكي وهم يلاحقون ايفانكا بأعينهم، صورة انتشرت في كافة أنحاء المعمورة، صورة كان من الحري بآل سعود والسعوديين أن يشعروا بالخجل منها بدل الضحك واعتبارها ظريفة.
هذه المسألة استدعت هجوما مقابلا من قبل النساء السعوديات، اللاتي أحسسن بالاحتقار من قبل الرجل حيث عبرن عن استيائهن من الاهتمام بابنة ترامب وقد خاطبت بغضب سيدة سعودية الشباب قائلة: "اهتمام الشعب ببنت ترامب إن دل على شيء فهو يدل على كمية الجهل والتخلف والمرض الفكري والإدراكي التي يعاني منها شعبنا بكل صراحة".
هذه الكلمات تختصر واقعا أليما ملموسا داخل السعودية، فالشباب السعودي يعاني من مشاكل نفسية اجتماعية تفتك به وتتآكل بنيته الفكرية والثقافية الضعيفة بالأصل. والسبب هو سياسة القمع الفكري والکبت الاجتماعي التي ينتهجها آل سعود، فالشاب السعودي أمام خيار ثقافي أوحد وهو تقبل الفكر الوهابي الذي يبلغ له آل سعود، وهذا الفكر المنحرف والذي لا تقبله الفطرة الإنسانية يؤدي بالشباب السعودي إلى السعي للتفلت من قيوده عبر التوجه للتعبير عن نفسه بأشكال غاية في التفاهة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
صدقت تلك السيدة السعودية حينما تحدثت عن الجهل والتخلف والأمراض الفكرية والإدراكية التي يعاني منها الشعب، فالواقع بات أليما في الداخل السعودي إلى حد قريب من الانفجار، وآل سعود لا يريدون إدراك هذا الأمر، ومستمرون في سياستهم وفي بث عقيدتهم الملعونة، ولكن ورغم ذلك يبقى الأمل بأن تتصدى الشريحة المثقفة السعودية والعربية بشكل عام لهذا الطغيان والكبت الفكري بشكل أكثر فعالية ونشاط ووعي.