الوقت- الجميع يعيش حالة ترقب إلى ما ستؤول إليه الأمور في سوريا بعد هذا التخبط الذي تعيشه إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، خاصة بعد التقدم الكبير الذي يحققه الجيشين السوري والعراقي في معركتهم ضد الإرهاب واقترابهم من الإلتقاء على الحدود بعد دحرهم لتنظيم "داعش" الإرهابي على طول محور الرطبة - التنف - شرق دمشق.
وهذا ما جعل الولايات المتحدة تشعر بالذعر من هذا الالتقاء الذي قد يمتد على طول الخط الذي يصل بين دول محور المقاومة معززا التواصل الاستراتيجي بين دول المحور "إيران والعراق وسوريا وصولا إلى لبنان"، وللعلم فإن "داعش" لاتسيطر على أي نقطة على طول الخط الواصل بين بغداد وغرب الرطبة مرورا بالرمادي يضاف إلى ذلك الانتشار الواسع للجيش السوري "المتقدم نحو الشرق" على طول هذا المحور داخل الحدود السورية.
ومن خلال هذا الشرح المبسط للتقدم الكبير لمحور المقاومة على حساب حلفاء أمريكا، لم يبق أمام الأخيرة سوى التدخل بشكل مباشر بعد أن بدأت أذرعها بالتقهقر والإنهيار تحت ضربات قوات الحشد الشعبي والجيش السوري في كل من العراق وسوريا، وتمثل هذا التدخل هذه المرة في شن غارة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على القوات السورية بموقع التنف ضمن منطقة خفض التصعيد.
هذا العدوان الذي شنته واشنطن على دمشق يمثل بشكل أو بأخر قلق أمريكي واضح من تحقيق ترابط حيوي بين دول محور المقاومة، لاسيما أن الجيش السوري أصبح على بعد 16 كيلومتراً من التنف، وهذا ما تحاول واشنطن منعه بجميع الوسائل الممكنة فهو خط أحمر بالنسبة لها، لكن أمريكا تعلم في قرارة نفسها أن هذا العدوان لن يمر دون رد.
وحاولت أمريكا تبرئة نفسها كعادتها عن طريق إدعائها بأنها طلبت من روسيا عبر قناة الاتصال العسكري القائم بين البلدين وقف تقدم قوات متحالفة مع دمشق صوب قاعدة التنف بعد أن لوحظ تحركها نحو القاعدة، بحسب ما صرح به مصدر من البنتاغون.
وتابع المصدر إدعائاته بالقول أن "العسكريين الروس حاولوا إقناع تلك القوات بوقف التقدم نحو التنف"، مشيراً إلى أن قوات التحالف أطلقت طلقات إنذار قبل توجيه الضربات إلى القافلة الموالية للحكومة السورية في التنف، وهذا ما نفاه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف جملة وتفصيلا مؤكدا أنه لا يعلم بإبلاغ الجانب الأمريكي موسكو بتحرك القافلة صوب التنف قبل الغارة وقال: "لا أعلم أن مثل هذا الإنذار تم فعلا".
وفي هذا الإطار دعت روسيا عبر مسؤوليها إلى بذل أقصى الجهود مستقبلا لمنع الحوادث المتعلقة بالمشكلات في تحديد قوات مختلف أطراف النزاع في سوريا، واعتبر عضو اللجنة الدولية في مجلس الاتحاد، إيغور موروزوف، أن على مجلس الأمن الدولي أن يصنف الضربة الأمريكية الجديدة كعمل عدواني أحادي الجانب ضد "دولة ذات سيادة".
وجاء في أول تعليق رسمي سوري على هذا العدوان الغير شرعي إن "اعتداء التحالف الدولي على إحدى نقاطنا العسكرية على طريق التنف، أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء بالإضافة إلى بعض الخسائر المادية". وأشار مصدر عسكري إلى أن "الاعتداء يفضح زيف ادعاءات "التحالف" في محاربة الإرهاب"، وأكد المصدر أن "الجيش السوري يحارب الإرهاب على أرضه ولا يحق لأي جهة أياً كانت أن تحدد مسار ووجهة عملياته ضد التنظيمات الإرهابية".
ومن خلال ما تقدم نجد أن الولايات المتحدة لا تكل ولاتمل من استخدام ذرائعها المعتادة حول "محاربة الإرهاب" لتمرير مشاريعها الهادفة لتمزيق دول المنطقة وتفقيرها للحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط، هذا النفوذ الذي بدأ يتهدد ويتصدع من داخل العراق وصولا إلى دمشق، لذلك تلهث واشنطن بكل ما أوتيت من عنف لمنع إنهاء الحرب السورية وإحلال الاستقرار فيها، وتجلى ذلك بدخولها الأراضي السورية في الشمال الشرقي تحت ذريعة محاربة "داعش" وهي تحاول الآن دخول الجنوب الشرقي تحت نفس الذريعة.
وخلال الأيام أو الأسابيع القليلة الماضية شوهد داخل الحدود الأردنية مع سوريا تحركات مشبوهة لقوات أمريكية وبريطانية وأردنية تحاول توسيع نفوذها من الجنوب الشرقي نحو الشمال الشرقي على طول الحدود السورية مع الأردن والعراق للحيلولة دون وصول قوات الجيش السوري إلى الحدود، وبالتالي محاولة منع فتح طريق سريع بين دمشق وبغداد، لما يحمل معه من تهديد للنفوذ الأمريكي في المنطقة.
في الختام، رغم كل المحاولات الأمريكية لمنع تقدم الجيش السوري نحو الحدود مع العراق، إلا أن الواقع يختلف عن أماني وطموحات واشنطن، فالجيش السوري ماضٍ في معركته لدحر جميع المجموعات الإرهابية عن كامل أراضيه، وقد شهد له الميدان تقدم كبير نحو شرق البلاد خلال الأسبوع الماضي ليصبح على مشارف حدوده مع العراق من جهة التنف وبالتالي ربط دمشق ببغداد.