الوقت- تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طعنة مسمومة في الظهر من الإدارة الأمريكية، قبل أيام من زيارته للبيت الأبيض في أول لقاء رسمي لهما، عندما أعلنت الإدارة الأمريكية، بأن الرئيس دونالد ترامب أعطى إذنا بتجهيز العناصر الكردية ضمن قوات سوريا الديمقراطية لضمان تحقيق انتصار على تنظيم داعش في الرقة، ومن جهة أُخرى أعربت تركيا عن رفضها لهذا القرار الأمريكي ولفتت إلى أنها تخشى من أي دعم أمريكي للأكراد في شمال سوريا وذلك لإنها ترى بأن هذا القرار الذي اتخذته حكومة ترامب لا يهدف إلى القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وإنما هو قرار اتخذته سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتقوية المليشيات الكردية في شمال سوريا.
وحول هذا السياق أيضا صرحت تركيا بإن هذا القرار سيجعل من قوات سورية الديمقراطية الكردية نواة الجيش للدولة الكردية التي تخطط أمريكا والغرب لأقامتها على طول الحدود السورية التركية.إن خطورة هذه الخطوة بالنسبة إلى الرئيس أردوغان تأتي كونها جاءت تحديا له، وتعارضا مع مطالبه، وهدية ملغومة له قبل أسبوع من زيارته الرسمية المقررة إلى واشنطن خلال الأسبوع الحالي. الرئيس أردوغان الذي اعرب عن حزنه قبل أيام وهو يرى القوات الأمريكية تقوم بدوريات مشتركة مع قوات الحماية الشعبية الكردية على طول الحدود مع سورية، سيصاب بالخذلان والإحباط والاكتئاب أيضا، وهو يرى الإدارة الأمريكية الجديدة تتخلى عنه.
لم يكن هذا الخذلان جديدًا على الإدارة الأمريكية، إذ إنه يمثل امتدادًا لخذلان أوباما وإدارته للحليف التركي منذ العام 2015م، عندما خدعت إدارة أوباما، أردوغان وأقنعته بفتح قاعدة أنجرليك العسكرية مقابل أن تسمح له أمريكا بلعب دور في شمال سوريا يحول دون قيام الكيان الكردي الفيدرالي، والذي يشكل لأردوغان وللجمهورية التركية الأمر الذي لا تتمنى أن تراه أبدًا على حدودها الجنوبية.
من جهة أُخرى وصفت وحدات حماية الشعب الكردية القرار الأمريكي بتسليحها بأنه قرار تاريخي، وذلك لان هذا القرار، يعكس رهانا غربيا عليها، وعلى الأكراد عموما، وليس على الأتراك والعرب والإيرانيين كحلفاء يمكن الوثوق بهم في الحرب ضد الإرهاب، وغيرها من الحروب الأخرى.
إن ما يجعل من غضب اردوغان يصل ذروته، أن الأكراد لا يحظون بحماية الأمريكان، ودعمهم فقط، وإنما الروس أيضا، مما يعني انه سيقف وحيدا ودون دعم من أي من القوتين العظميين في مواجهة مشروع إقامة دولتهم، التي يرى أنها ستشكل تهديدا لتركيا، وخطوة محورية لتقسيمها وزعزعة استقرارها.
وفي السياق نفسة اعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإن قرار نظيره الأمريكي دونالد ترامب بزيادة تسليح وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا لمحاربة داعش يضر بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وأضاف أردوغان خلال مؤتمر صحفي في أنقرة اليوم أنه يتوقع حل ومناقشة المسألة العالقة بين البلدين بخصوص تسليح الأكراد في سوريا على نطاق واسع خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن الأسبوع المقبل.
وكان قرار ترامب قد تعرض لانتقادات شديدة من قبل تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تعده “إرهابيا”، حيث عبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم عن رفض بلاده لعملية التسليح هذه، كما صرح وزير الخارجية التركي أوغلو بأن عملية التسليح ستشكل خطرا على تركيا.
حيث انه في وقت سابق صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن الولايات المتحدة وتركيا بإمكانهما متى ما وحدا جهودهما أن يقوما بدفن تنظيم داعش في مدينة الرقة، معلنًا أنه سيقوم بزيارة للولايات المتحدة في منتصف مايو/أيار ليعرض على الرئيس الأمريكي ترامب أن تقوم القوات المسلحة التركية وحلفاؤها من القوات السورية بالهجوم على الرقة مقابل عدم إشراك الولايات المتحدة الأمريكية لقوات سوريا الديمقراطية.
أن هذه التصريحات الساخنة التي اطلقها الرئيس ألتركي، لمغازلة ترامب، تعكس مخاوفه من دعم أمريكا للأكراد السوريين، حيث قال فيها " أنقرة متحمسة للمشاركة في معركة استعادة الرقة ولكن بشرط عدم انخراط المقاتلين الأكراد السوريين فيها، وأنه في حال تعاون تركيا والولايات المتحدة معا، فستتمكن الدولتان من تحويل الرقة إلى "مقبرة" للجهاديين، وطالب واشنطن بتحويل الدعم المتعلق بالهجوم على الرقة من القوات الكردية إلى قوات سورية معارضة دربتها تركيا وقادتها في هجمات على تنظيم داعش المتشدد خلال العام الماضي، ويبدو أن أخفاق هذه القوات المدعومة من تركيا في إحراز أي نجاح على عناصر داعش، دفع واشنطن لتزويد الأكراد السوريين بالعتاد العسكري، لإنجاز المهمة التي فشل فيها أردوغان الذي تحوم حوله شبهات دعم وتدريب عناصر إرهابية في شمال سوريا، وأن هدفه ليس القضاء على داعش، بقدر ما يسعى لتوسيع نفوذ تركيا في الأراضي السورية، وإضعاف الوجود الكردي، وإجهاض حلم الدولة الكردية أو وجود حكم ذاتي لهم، وهو ما تؤكده تصريحات وزير الخارجية ألتركي أوغلو اليوم الأربعاء، بأن كل سلاح يحصل عليه مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية السورية، يعد تهديدا لتركيا.