الوقت - لم يكن القرار الذي اتخذه النظام البحريني منذ يومين والقاضي بإجراء تعديلات دستورية تمكن القضاء العسكري من محاكمة المدنيين، مفاجئاً للشعب البحريني الذي أصبح يشكل تهديداً كبيراً لزوال نظام آل خليفة، هذا التهديد لا أحد يعلم مدى جديته وإمكانية حدوثه كنظام المملكة، حيث وضع البحرينيون هذا النظام القمعي في خانة اليك من خلال صمودهم ومحافظتهم على سلمية ثورتهم فاضحين بذلك جرائم آل خليفة وداعميهم.
وفي الأيام القليلة الماضية أشعلت السلطات البحرينية النار مجدداً من خلال مصادقتها على مشروع لتعديل المادة 105من الدستور، فماهو هذا المشروع وماهي أبعاده ونتائجه؟
يهدف هذا المشروع إلى فتح المجال أمام القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين بالقضايا التي تتعلق بالإرهاب في محاكم عسكرية وكذلك محاكمتهم في حال ارتكبوا جرائم "تضر بالمصلحة العامة"، علماً أن مهمة القضاء العسكري هي فقط محاكمة العسكريين الذین يرتكبون جرائم بحق المدنيين والعسكريين.
الأمر المثير للإهتمام أن هذا التعديل يتزامن مع تصعيد الحراك الشعبي ضد نظام آل خليفة، حيث شهدت البلاد مظاهرات شعبية غاضبة احتجاجاً على قيام النظام البحريني بقتل الشاب عبدالله العجوز فجر الإثنين في بلدة النويدرات جنوب العاصمة المنامة.
ويشكل التعديل الدستوري الجديد، والذي أحاله مجلس النواب إلى مجلس الشورى، انتهاكاً جديداً لحقوق المدنيين يضاف إلى سلسلة الإنتهاكات الإجرامية التي يمارسها نظام آل خليفة بحق الشعب البحريني، وسيتم إقرار التشريع الجديد بعد مناقشته في مجلس الشورى، وخلال 15يوماً سيكون على طاولة الحكومة البحرينية لترفعه من جانبها إلى الملك لإقراره رسمياً.
وتنص الفقرة "ب" من المادة 105 في الدستور البحريني أن "يقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التي تقع من أفراد قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يمتد إلى غيرهم إلا عند إعلان الأحكام العرفية، وذلك في الحدود التي يقررها القانون".
أما الفقرة الجديدة التي تتم مناقشتها الآن، فتلغي هذه الحصرية، وتحمل القانون مسؤولية تنظيم عمل القضاء.
وجاء فيها "ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصاته في كل من قوة دفاع البحرين والحرس الوطني وقوات الأمن العام".
وأوضحت مصادر في مجلس النواب أن مسؤولين في وزارة الداخلية والقوات المسلحة حضروا الجلسة وأوضحوا للنواب أن التعديل الدستوري يسمح للجهات المختصة بإحالة بعض الجرائم التي تشكل "ضرراً على المصلحة العامة" إلى القضاء العسكري. وذكروا أن التعديل يهدف إلى "حماية الأجهزة الأمنية، بما في ذلك منشآتها وأفرادها وضباطها من جميع الأعمال الإرهابية".
من جانبه نشر مجلس النواب على موقعه الإلكتروني بياناً أوضح فيه السبب وراء تعديل الدستور، قائلاً أن هذه الخطوة تأتي "نظراً لما تمر به منطقة الخليج والمنطقة العربية ككل من أزمات وتداعيات متلاحقة تهدد أمن المجتمع واستقراره، إلى جانب تفشي ظاهرة الإرهاب وتنظيماته بالشكل الذي بات يهدد أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي".
وأشار المجلس في بيانه إلى أن التعديل الدستوري يزيد "درجات الحماية والتمكين للجهات العسكرية والاماكن الخاضعة لها".
وصوت 31 نائباً على التعديل الدستوري، فيما رفض نائب واحد المشروع وامتنع ثلاثة نواب آخرين بينهم إمرأة عن التصويت.
وهكذا فإن التعديل الجديد يعطي صلاحيات أوسع للنظام البحريني، ويمكنه من اعتقال أكبر عدد ممكن المدنيين المعارضين لسياسته القمعية، تحت ذريعة قيامهم بأعمال تضر بالمصلحة العامة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ألم يكن أجدر بهذا النظام أن يعدل دستوره بما يتناسب مع متطلبات شعبه المنادية بالعدالة والمساواة؟ ولكن نظام آل خليفة ماضٍ في سياسته الهمجية في قمع المتظاهرين بكل الوسائل المتاحة لديه، ظناً منه أنه يستطيع البقاء والإستمرار من خلال هذه الممارسات، لكن الصور التي تأتينا من البحرين تؤكد لنا إصرار المتظاهرين على إسقاط النظام.
وفي الحديث عن آخر جرائم النظام البحريني، فقد قامت مرتزقة النظام بقتل الشاب عبدالله العجوز البالغ من العمر 21 عاماً في بلدة النويدرات، وفور شيوع خبر استشهاد الشاب عبدالله عمت البلاد تظاهرات غاضبة، وخرج الآلاف للتنديد بجرائم آل خليفة، رافعين شعارات تطالب بإسقاط النظام.
وفور خروج التظاهرات قامت قوات الأمن بقمع المتظاهرين مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع ورصاص الشوزن الأمر الذي خلف عدد من الجرحى وحالات اختناق بين الأهالي.
وفي السياق أكد "ائتلاف شباب 14 شباط" في بيان له أن "شرطة آل خليفة نفذت عملية تصفية ميدانية بحق عبد الله العجوز بعد مداهمة أحد المنازل" معتبرة أن هذا العمل يضيف "جريمة جديدة" إلى سجل نظام آل خليفة الإجرامي.