الوقت- لقيت المسيرات المليونية بمناسبة الذكرى الـ 38 لإنتصار الثورة الإسلامية في إيران أصداء واسعة في وسائل الإعلام الغربية. فيما برزت العناوين لتؤكد استمرار العداء الإيراني لأمريكا والكيان الإسرائيلي. فعلى الرغم من وصف الإعلام الغربي لمسيرات الإحتفال بالمليونية، خرجت بعض الصحف ووكالات الأنباء لتتحدث عن تظاهرات بالآلاف. في حين ركَّزت كل وسيلة إعلامية على الموضوع من جانبٍ معين، فيما اشتركوا جميعاً بالتأكيد على إعلان الشعب الإيراني عداءه للسياسات الأمريكية لا سيما في ظل الإدارة الحالية. فكان المشهد امتداداً للماضي ولكن بلغة اليوم. فماذا في أبرز العناوين التي عبَّرت عن أصداء الإحتفال بذكرى انتصار الثورة في إيران؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟
الأصداء في الإعلام الغربي: عناوين موجزة
عدة صحف ووسائل إعلام غربية سلَّطت الضوء على المسيرات التي شهدتها إيران احتفالاً بذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران. وهنا يمكن الإشارة لذلك من خلال التالي.
أسوشيتيد برس: كانت "أسوشيتيد برس" أول من نقل شعارات مناهضة أمريكا والكيان الإسرائيلي في الإعلام الغربي. حيث عنونت "المشاركون في المسيرات رفعوا شعارات مناهضة لأمريكا واسرائيل".
رويترز: على الرغم من وصف العديد من الصحف ووسائل الإعلام الغربية لمسيرات احتفال انتصار الثورة بالمسيرات المليونية، إلا أن وكالة الأنباء البريطانية "رويترز" عبَّرت عن ذلك بقولها "مئات آلاف الإيرانيين ينادون بالموت لأمريكا".
واشنطن بوست: اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست"، أن المسيرات في ذكرى انتصار الثورة في إيران جاءت بالتزامن مع تصاعد التوتر مع أمريكا و كتبت: "احتفالات في إيران بذكرى انتصار الثورة بالتزامن مع التوتر مع أمريكا".
سي أن بي سي: أشارت "سي أن بي سي" الى أن مئات الآلاف يتظاهرون في طهران ضد ترامب ويردوون "الموت لامريكا".
الإندبندنت: صحيفة "الإندبندنت" سلَّطت الضوء على أن الآلاف في إيران وقفوا ملبين دعوات القيادة الإيرانية ومعلنين أنهم لن يخافوا من أمريكا، مرددين شعار "الموت لأمريكا".
وكالة الأنباء الفرنسية: ركزت وكالة الأنباء الفرنسية على التهديد الذي أطلقه الرئيس حسن روحاني والذي توعد بأن الإيرانيين سيجعلون واشنطن "تندم على لغة التهديد". وأشارت الوكالة الى أن الرئيس روحاني أعلن أن الشعب الإيراني سيجعل واشنطن تندم على لغة التهديد، بمناسبة الذكرى الـ38 للثورة الإسلامية مؤكدة أن ذلك جاء على خلفية التوتر بين البلدين بعد وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
نيويورك تايمز: صحيفة "نيويورك تايمز" أشارت الى أن المشاركين في المسيرات كانوا ينادون بالموت لأمريكا.
كيف يمكن تحليل ذلك؟
يمكن تحليل أصداء الإحتفال المليوني لدى الغرب كما يلي:
أولاً: لا شك أن عداء الشعب الإيراني لأمريكا ليس بجديد. لكن تركيز وسائل الإعلام على عدة نقاط، كان واضحاً. ولعل من أهم هذه النقاط، التركيز على عداء الشعب الإيراني لأمريكا وإبراز مواكبة الشعب الإيراني للتحديات الحالية، عبر التأكيد على عدائهم للإدارة الأمريكية الحالية المتمثلة بشخص رئيسها دونالد ترامب. وهو ما يمكن أن يكون محاولة غربية لإستثمار موقف الشعب الإيراني، كنموذج واضح ومعارض ومعادي لسياسات الإدارة الأمريكية الجديدة والتي بات يتعاطى معها الغرب بحذر.
ثانياً: من النقاط المهمة والتي جاءت في فحوى حديث الإعلام الغربي، تأكيده على جهوزية الشعب لتلبية أوامر القيادة. وهو ما تمثَّل بالتركيز الواضح على تلبية الشعب الإيراني نداء مرشد الثورة الإمام الخامنئي، وإعلان الشعب عدم خوفه من التهديدات الأمريكية وحضوره في الساحات للدفاع عن الجمهورية الإسلامية.
ثالثاً: أبرز الإعلام الغربي، تكامل الدور بين القيادة في إيران، ومراكز الدولة، حيث سلَّط الضوء على حضور المسؤوليين الإيرانيين وبمختلف مواقعهم وأطيافهم السياسية، ووقوفهم جنباً الى جنب، تحت ظل قائد الثورة. فيما برز التكامل الواضح بين خطاب الإمام الخامنئي ورئيس الجمهورية. الأمر الذي وضعه البعض في خانة الرد على التحديات الحالية التي تواجه إيران من قِبل العدو الأمريكي.
رابعاً: لا شك أن هذه المسيرات، أثبتت جدية إيران المعهودة في الدفاع عن حقوق شعبها. لا سيما أن الجمهورية الإسلامية هي الطرف الوحيد في المنطقة والعالم، والذي يأخذ خيارات الشعوب على محمل الجد، ويضعها في أولوية سياساته. كيف إذا تعلق الأمر بحقوق الشعب الإيراني. الأمر الذي يؤكد قدرة إيران على العمل على الصعيدين الداخلي والخارجي من مُنطلق إحترام وتقدير حق الشعب الإيراني وشعوب المنطقة، وهو ما يُناقض ويُخالف ويُعارض السياسة الأمركية والتي أبرزت العجز الأمريكي في التصدي للملفات الداخلية والخارجية معاً وعلى حساب الشعب الأمريكي والشعوب العالمية.
خامساً: إن مسيرات هذا العام، جاءت بعد وصول إدارة أمريكية جديدة للبيت الأبيض، وإطلاق رئيسها ترامب تهديدات، مسَّت حقوق الشعب الإيراني. وهي أيضاً تزامنت مع مرحلة سياسية تعيشها المنطقة، تقوم فيها إيران بدور محوري ومركزي في إدارة العديد من الأزمات والملفات في الإقليم والعالم. الأمر الذي يعني وبوضوح، وجود تكامل بين خيارات إيران الخارجية ودعم الشعب الإيراني لها. فيما جاءت نداءات الشعب، كرسالة للإدراة الأمريكية، مُكمِّلة لتوجهات القيادة الإيرانية والتي تقف بصلابة في مواجهة أمريكا الساعية لسرقة حقوق إيران المشروعة.
إذن، من جديد، خرجت إيران لتؤكد ما هو مؤكَّد. ولكن بلغة الحاضر المبنية على أيديولوجية الماضي الثوري. وهو تاريخٌ لإيران الإسلام، بات منبع شرف الأمة الإسلامية. فالشعب الإيراني يستحق كل التقدير والإحترام. فيما خرجت مسيراته، لتكون كما كانت دوماً، صوت المستضعفين في الأرض، والثائرين على خيارات الإستكبار الأمريكي بكافة مظاهره حيث كانت رسالته واضحة، وتحمل توقيع الملايين، أمريكا ستبقى العدو التاريخي، ولن تنفع تهديدات أي إدارة أمريكية.