الوقت- "كسر عظم"، عبارة تختصر الخلافات بين الرئيس الفلسطيني الحالي "ابو مازن" والعضو القيادي في حركة فتح "محمد دحلان"، ولم تفلح اكثر من ثلاث سنوات من القضاء على هذا الخلاف المعمر باعتباره ليس وليد لحظته بل هو امتداد لعلاقات متوترة بدأت منذ عام 2011 تقريبا. واليوم وبعد سنوات من الخلاف تعود العلاقات المتوترة بين الطرفين الى الواجهة من جديد، متخطية كافة المشاكل والازمات التي تمر بها المنطقة لتعبر عن نزوة سياسية جديدة بين ابو مازن ودحلان تغرق الدولة الفلسطينية بأزمة جديدة تحت مسمى السلطة الفلسطينية، ولا شك ان السياسة المعتمدة من قبل الطرفين تصب في مصلحة الطابور الخامس الاسرائيلي، الذي يعتبر المستفيد الوحيد من الخلافات. فأين توصل المشاكل السياسية القادة الفلسطينيين؟ وهل يشهد العام 2015 نهاية لصراع الاضواء بين الطرفين؟
صراع الأضواء
"البقاء للأقوى" هو القرار الذي اتخذه المتخاصمان في المعركة السياسية الفلسطينية، واقل ما يمكن قوله في الصراع الذي تفاقم منذ سنوات بين الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة "فتح" محمود عباس والقيادي المفصول من عضوية اللجنة المركزية لـ"فتح" محمد دحلان، إنها تمثل صراع الاضواء، كل الهدف منها الوصول الى السلطة الفلسطينية ولم تفلح كل الأبواب العربية والفتحاوية التي تدخلت لاحتواء الخلافات وعدم إظهارها بشكلها المعلن حاليا .
الخلافات تطورت تدريجيا بين الرجلين بعدما شن دحلان هجوما على أبو مازن وفريقه التفاوضي، واصفا سلوكهم بالمستجيب للضغوطات "الاسرائيلية والامريكية". الأمر الذي دفع مركزية "فتح" لمهاجمة دحلان، والتأكيد على أنه يقود "نهجا تآمريا" ضد الشعب الفلسطيني، وقائد "فتح" العام الذي بدوره يتهم دحلان بقضايا فساد وأخرى تتعلق بتقديم معلومات للاحتلال عن المقاومة إبان توليه منصب رئيس جهاز الأمن الوقائي بالسلطة الفلسطينية .
ولم تتوقف الخلافات عند تبادل الاتهامات بين الرجلين فقط عبر وسائل الإعلام، وإنما انتقلت إلى داخل انتخابات الأقاليم التابعة للحركة في محافظات قطاع غزة. الأمر الذي يعتبره المحللون السياسيون ينذر بوقوع انشقاق كبير في صفوف حركة فتح، ربما يصل إلى حد ولادة تنظيم جديد يقوده دحلان .
وتفاقمت الخلافات بين الطرفين إلى حد كبير بعدما أفاق سكان غزة على صور للرئيس أبو مازن معلقة في معظم المفارق الرئيسة بمدينة غزة كتب عليها "كفى لرمز الفساد والطغيان والانقسام والخنوع"، ما أزعج الاول وانصاره .
يقول بعض المحللين إن خلافات فتح الداخلية بدأت تظهر بشكل تدريجي منذ وفاة الرئيس ياسر عرفات، عقب سعي بعض قياداتها بأن تملأ الفراغ، وإن كان الأمر حسم لصالح أبو مازن. ويرى المحللون أن خلاف دحلان مع أبو مازن لم يعد مجرد موقف لقيادي فتحاوي معارض لموقف رئيس الحركة بل أصبح يشكل ظاهرة بكل ما تعنيه الكلمة، سيما بعد بروز أنصار لدحلان في قطاع غزة الامر الذي يجعله يفكر في طرح نفسه كبديل لأبو مازن في قيادة "فتح ".
خلافات أهل البيت والغاصب مستفيد
يبدو أن مسلسل عباس ــ دحلان لن يشهد نهاية قريبة. فالخلاف المحتدم بين الرجلين منذ ثلاث سنوات، وصل حدا لا تشفع عنده وساطة أو مبادرة، وامتد صداه إلى عواصم عربية كبرى. والبركان الذي ظل خامدا طوال السنوات الماضية انفجر فجأة، وطفت على سطحه ملفات بالغة الحساسية، كانت السلطة الفلسطينية، وحتى خصومها، تلفها بالسرية التامة خلال الفترة الفائتة .
الملفت في الصراع الذي يجمع عباس بدحلان، ان هدفه السيطرة على الحكم والسلطة الفلسطينية، وبذلك يكون الخلاف قائماً على مبدأ الصراع على السلطات. ولا شك ان الصراع على السلطات السياسية في فلسطين لن يوصل الطرفين الى بر الامان بل سيوصل الفلسطينيين الى طريق مسدود اخره المصالح اليهودية. ولا يمكن على احد إخفاء الفائدة الكبيرة التي سيحصل عليها الصهاينة من خلال المشاكل الفلسطينية الداخلية .
الخلافات بين ابو مازن ودحلان إذاً لا تصب الا ضمن المصالح الصهيونية، والصراع الذي يجمع الطرفين بسبب حب السلطة والتسلط والذي يبتعد عن المصالح الفلسطينية الداخلية، لا يمكن ان يفيد من قريب ولا من بعيد الشعب الفلسطيني والسياسة الفلسطينية بل سيقتل الفلسطينيين ويدمر مستقبلهم ليصبحوا لقمة سهلة في فم الصهاينة. فأين هو الشعب الفلسطيني من الصراع القائم؟ وأين سيصبح الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في ظل صراع السلطات القائم بين ابو مازن ودحلان؟ أسئلة برسم الفلسطينيين .