الوقت- يدور الحديث اليوم عن خلافات تحصل بين المسلحين في سوريا، نتيجة الأوضاع التي وصلت إليها جراء الخسائر الكبرى أمام الجيش السوري وحلفائه. فيما بات الحديث عن الخلافات داخل أحرار الشام من جهة وخلافات الحركة مع الجهات الأخرى، مثالاً يعكس حجم التخبُّط الذي تعاني منه هذه الحركات بالإضافة الى الجهات الإقليمية والدولية الداعمة لها.
واليوم يجري الحديث عن محاولات اندماج بين فتح الشام وأحرار الشام الفصيلين الكبيرين شمالي سوريا. وهو الأمر الذي تُشير المصادر الى أنه حصل بعد وصول قيادة سياسية في أحرار الشام تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، انشق عنها على الفور بعض القيادات المحسوبة على تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، في عملية وُصفت بالإنقلابية فيما لم تتضح معالمها لحد الآن بينما من أهم أسبابها خسارة الجماعات الإرهابية في معركة حلب. حيث كان من نتائج الخلافات الكبيرة التي نشبت داخل حركة أحرار الشام، عزل القائد السابق مهند المصري، والملقب بأبو يحيى الحموي، وتعيين علي العمر "أبو عمار"، قائداً عاماً جديداً لـ"الحركة". ويعتبر أبو عمار قيادياً في "صقور الشام" والمحسوبة على التيار السلفي منذ مطلع العام 2013. ويتميز بعلاقاته الجيدة مع تنظيمي "القاعدة" و"الإخوان المسلمين".
وهنا نوضح بعض ما يجري من مساعٍ تدل على حجم التخبُّط الذي يعاني منه المسلحون، حيث أن الإندماج أو الإنشقاق بات سمة الجماعات الإرهابية، لإختلاف مراجعها الإقليمية والدولية. وفيما يخص ذلك نُشير للمعلومات التالية:
أولاً: تجري محاولات للإندماج سراً بين كافة الفصائل التي سبق أن كانت تحت لواء الجيش الحر من جديد، في الشمال السوري وذلك بدعمٍ تركي. وهو الأمر الذي تُشير المصادر الى أنه أحد الأسباب التي جعلت بعض قيادات أحرار الشام والذين كانوا مؤيدين للإندماج مع جبهة النصرة يتراجعون عن تأييدهم لذلك، غداة الإجتماع الذي حصل في ادلب بين قيادات من النصرة وأحرار الشام وحركة الزنكي. وتقول المصادر أن أحرار الشام تسعى لتحقيق اندماج يضم صقور الشام وجيش الاسلام وجيش المجاهدين والجبهة الشامية وثوار داريا وفيلق الشام وفصائل الحر وذلك بدعم تركي.
ثانياً: تواجه حركة احرار الشام بحسب المصادر، سيناريوهين في إطار تعاطيها مع حالة التخبط، ونتائج قراراتها. حيث رجحت المصادر أن عدم حصول الإندماج، يبدو أنه السيناريو الأكثر توقعاً، لأسبابٍ تعود للمشاكل التي تُعانيها القيادات فيما بينها بالإضافة الى كثرة المرجعيات الإقليمية والإختلاف في أجنداتها. فيما سينعكس ذلك صراعاً عسكرياً بين جبهة النصرة وجند الأقصى من جهة وأحرار الشام والفصائل التابعة للجيش الحر من جهة ثانية. فيما سيدور هذا الصراع في مناطق ادلب وريف حماه حيث يتواجد الطرفان، وسوف تستفيد احرار الشام من الدعم السياسي التركي الذي سوف يعمل على تعويمها سياسياً. في حين توجد خلافات إقليمية بين تركيا والإمارات والتي سعت بقوة لتصنيف الحركة ارهابية على غرار جبهة النصرة.
ثالثاً: يوجد احتمال ضعيف في وصول الأطراف هذه الى توافق عبر الإندماج والتأسيس لقوة عسكرية مشتركة ستؤثر بحسب المصادر على معارك ادلب وريف حماه. لكن حصول ذلك لن يُلغي الخلافات الحاصلة، حيث ستحاول هذه القوة الجديدة السيطرة على الفصائل المسلحة الصغيرة. فيما ستكون بحسب الخبراء تنظيماً إرهابياً يجعل من نفسه هدفاً للأطراف الجدية في محاربة الإرهاب. كما أن الدور السياسي الذي تدعيه وتسعى له حركة أحرار الشام سينتهي، وهو ما لا يصب في صالح البعض الذي حاول إظهار الحركة كجزء من المعارضة السياسية.
بعيداً عن التنبؤ بما سيكشفه المستقبل القريب، فإن الوضع الحالي يُعتبر الهزيمة السياسية الكبرى لما يُسمى بالمعارضات السورية بعد الهزيمة العسكرية في حلب. في حين تسعى بعض الجهات تجنُّب حصول ذلك، خصوصاً نتيجة الخسارة الكبيرة التي ستظهر على أجندتها في سوريا لا سيما تركيا والسعودية.