الوقت- مع اقتراب موعد دخول الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/ يناير القادم لازالت التكهنات بشأن سياساته إزاء القضايا الداخلية والخارجية لاسيّما ما تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط تأخذ حيّزاً كبيراً من اهتمام المراقبين.
في هذا السياق يعتقد "دانيلا بلتكا" الخبير والمحلل السياسي في معهد "أمريكان إيتنر برايز" بأن إيران ستكون الرابح الأكبر في سياسة ترامب الخارجية إزاء الشرق الأوسط.
ومن غير المعلوم، هل سيقوم ترامب بترجمة تصريحاته التي أطلقها خلال حملته الانتخابية على أرض الواقع أم أنه سيتخذ سياسات وإجراءات مخالفة لهذه التصريحات؟
ويرى الكثير من المحللين والمراقبين ومن بينهم "دانيلا بلتكا" بأن سياسة ترامب الخارجية ومع الأخذ بنظر الاعتبار تصريحاته بشأن الشرق الأوسط والأزمة السورية على وجه الخصوص ستصب في صالح إيران في حال تم ترجمتها على أرض الواقع.
ويشير بلتكا إلى عدّة فرضيات وسيناريوهات يمكن استخلاصها من تصريحات ترامب الانتخابية فيما يتعلق بسياسته الخارجية إزاء الشرق الأوسط ويوجزها بما يلي:
أولاً: بالنظر إلى التحالف القوي بين روسيا وإيران في دعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، يمكن الاستنتاج بأن أي إجراء سيتخذه ترامب للتقرب من روسيا من أجل محاربة الجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم "داعش" في سوريا سيصب حتماً في صالح إيران الحليف الاستراتيجي لحكومة الأسد.
ثانياً: في حال تم القضاء على "داعش"، فربما يتم الحديث عن أن أمريكا ستكون لها استراتيجية خاصة حيال إيران، لكن أنا - والحديث لـ "بلتكا" - أطمئنكم بأن هذا لن يحصل بسهولة في وقت قريب.
ثالثاً: نظراً لتصريحات ترامب بأنه سيسعى لوقف دعم السعودية وقطر والإمارات للجماعات المسلحة التي تعارض نظام الأسد في سوريا، يمكن الاستنتاج أيضاً بأن إيران ستكون الرابح الأكبر في هذه الحالة باعتبارها حليفاً استراتيجياً لحكومة الأسد.
رابعاً: أمّا فيما يتعلق بالاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1) والذي قال عنه ترامب بأنه سيمزقه، فهذا الأمر الذي من الممكن أن يبعث على ارتياح بعض دول المنطقة ويؤدي بالتالي إلى عزلة إيران، فالسؤال المطروح هنا: هل سيقوم ترامب بتمزيق الاتفاق فعلاً؟! يجيب بلتكا: لا أعتقد.
خامساً: في حال تنصلت أمريكا عن تنفيذ بنود الاتفاق النووي مع طهران وباقي أطراف المجموعة السداسية الدولية فإن هذا الأمر سيعطي مبرراً كافياً لإيران كي لا تلتزم هي أيضاً بتعهداتها. ومع الأخذ بنظر الاعتبار هذا الافتراض، يبقى السؤال قائماً: هل يتمكن ترامب من إعادة فرض الحظر على إيران في حال انسحابه من الاتفاق؟ يعتقد بلتكا إنّ هذا الاحتمال ضعيف جداً، وبالتالي إن حصل فستكون إيران هي الرابح أيضاً في نهاية المطاف.
ويضيف بلتكا أن البعض يعترض على مقولة أن أمريكا لا تستطيع إعادة فرض الحظر على إيران من جديد، لكن إذا امعنا النظر فسنرى أن تركيبة الحظر الأمريكي على طهران استغرقت ربع قرن تقريباً قبل أن تصل إلى نتيجة، وجميع الشواهد والقرائن تشير إلى أنه لا توجد رغبة كافية لدى الدول الأوروبية والأسيوية للتعاون مع أمريكا ورئيسها القادم الذي لايتمتع بمقبولية كافية لدى هذه الدول لفرض حظر جديد على طهران، وبالتالي فإن إيران ستكون هي الرابح أيضاً طبقاً لهذا الافتراض.
ويختم بلتكا تحليله بالقول إنّ الاتفاق النووي ليس جيداً بالنسبة لأمريكا لأنه أتاح لإيران فرصة الانفتاح أكثر على دول المنطقة وزاد من قوتها الإقليمية، والسياسات التي أعلنها ترامب بهذا الخصوص لا تؤدي سوى إلى مزيد من الفرص لتقوية نفوذ إيران في المنطقة.