الوقت- في الوقت الذي يزداد الخطر الإرهابي لتنظيم داعش، يتزايد الحديث عن وقائع تؤكد استخدام التنظيم للسلاح الكيميائي. وهو ما أثار مخاوف قوى كثيرة، في وقتٍ أعلنت فيه وزارة الخارجية الروسية عن استغرابها من محاولات بعض الدول الغربية تحميل دمشق مسؤولية استعمال السلاح الكيميائي في سوريا. فما هي آخر الاخبار المتعلقة بهذا الموضوع؟ وماذا في القراءة التحليلية له؟
أولاً:
ماذا في وقائع استخدام التنظيم، للسلاح الكيميائي؟
أشار
بيان صادر عن الخارجية الروسية يوم الخميس 12 مارس/آذار، إلى أن بعض المسؤولين
الغربيين يعتبرون قرار مجلس الأمن الدولي 2209 "تحذيرا أخيرا" للحكومة
السورية في ظل احتمال فرض عقوبات تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة. وأكدت الخارجية الروسية أن قرار مجلس الأمن الدولي
أو قرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهذا الشأن لم يتضمنا أية إشارات إلى
مسؤولية أحد الأطراف المتنازعة في سوريا عن استعمال مواد سامة بسبب عدم وجود أية
أدلة مقنعة في هذا المجال. وأضاف البيان أن البعثة الخاصة
التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستواصل دراسة المعطيات الواردة حول استعمال
المواد السامة، بما في ذلك المعلومات التي قدمتها الحكومة السورية حول استيلاء
جهات غير حكومية على احتياطات الكلور، مما يسمح بالافتراض أن مسلحي المعارضة
السورية متورطون في استعمال هذه المادة بهدف الإرهاب أو الإستفزاز.
وكان قد
أعلن في وقتٍ سابق مجلس الأمن القومي، للإدارة الإقليمية في شمال العراق، أن لديهم
وثائق تثبت أن تنظيم داعش الإرهابي، إستخدم غاز الكلور في اشتباكاته مع قوات
البشمركة. وجاء في بيانهم الصادر، أنه عثر على غاز الكلور في العينات التي جمعت من
منطقة انفجارٍ انتحاري جرى في الثالث والعشرين من كانون الثاني الماضي، حيث قام
مسلحو داعش بتفجير سيارة تضم 20 حاوية من غاز الكلور. وقد ندد البيان باستخدام هذا
النوع من الأسلحة، مضيفاً: "إن استخدام داعش لهذه الطرق مؤشر على فقد قوتها و
لجوءها إلى طرق جديدة". وأشار إلى انه في الوقت الذي جرى فيه الحادث كانت
قوات البشمركة تسعى للسيطرة على خط الإمدادات لداعش.
ثانياً:
القراءة التحليلية:
هي المرة
الأولى التي يثبت فيها تحقيق دولي بأن التنظيم، استخدم عناصر كيميائية ضد الجيش
والبيشمركة.ولكنها ليست المرةَ الأولى التي يُتَهَمُ فيها التنظيم باستخدام السلاح
الكيميائي.أدلة جديدة يكشف عنها مجلس الأمن القومي الكردي في أربيل، تدين تنظيم
داعش الإرهابي، وتثبت استخدامه غاز الكلور، خلال هجوم نفذه شمال العراق قبل نحو
شهرين.عِيناتٌ من التربة والملابس أرسلت حينها إلى دولة شريكة في التحالف الدولي
لم يُفصِحِ البيان عنها، ولكن التحليل الذي أجراه مختبر مجاز من قبل الإتحاد
الأوروبي، أثبت أن المواد أحتوت على مستويات من الكلورين، وأن المادة، استخدمت
سلاحاً حربياً. إلا أن استخدام التنظيم لغاز الكلور لم يقتصر على معاركه في العراق
فحسب، فحتى سجون التنظيم، شهدت على ارتكابه أفظع الجرائم والممارسات بحق السجناء،
حين استخدم هذا الغاز القاتل كأسلوبٍ للتعذيب والقتل، بغرض إجبارهم على الإعتراف
والإدلاء بمعلومات.
قد يكون
ما يجري من استخدامٍ للسلاح الكيميائي، دليلٌ على حجم الهزيمة التي يعاني منها
تنظيم داعش الإرهابي. وبالخصوص بعد ما أصابه من تراجع في نفوذه في العراق وسوريا
بالتحديد. لكن الأهم من كل ذلك أنه والى جانب ما يشكله هذا التنظيم من خطرٍ على
صعيد الأمن الإقليمي والدولي. يجب الإلتفات الى حقيقة الحجم الذي يمتلكه هذا
التنظيم من السلاح الكيميائي. فتنظيم داعش الإرهابي ليس تنظيماً يمكن الرهان على
قيادته أو على من يمون عليه. فالسعودية وخلفها أمريكا وكل الدول التي ساهمت في
تنميته تعاني اليوم من عدم القدرة على السيطرة عليه. وبالتالي فقد تكون المنطقة
أمام خطر وجود هذا السلاح مع طرفٍ لا يمكن الرهان على حكمته في ردات الفعل.
وهنا
يأتي الحديث عمن يتحمل مسؤولية هذا الموضوع. ليقع اللوم المباشر على أمريكا أم
الإرهاب، وأدواتها التنفيذية وبالخصوص السعودية وتركيا. ولكن الأهم من ذلك أنه من
الواضح أن الأوان قد فات لضبط الأمور.وأن الجميع يتعاطى مع هذا الملف، كالتعاطي مع
مرور الأيام. إلا أن الشيء الأكيد هو أن من سيدفع الثمن أولاً، لن يكون سوى
السعودية وتركيا وكل من يمشي في السياسة الأمريكية في المنطقة. ومن يرى غير ذلك
عليه أن لا ينسى المقولة التي تقول: من يطبخ السم سيأكله....