الوقت- في مشهد يصور وجهاً أخر من صور المقاومة وإرادة البقاء، بدأ أكثر من 4 ملايين طالب وتلميذ بالعودة الى 15 ألف مدرسة في جميع المحافظات السورية، متسلحين بحب الحياة في وجه ثقافة الموت والارهاب والدمار.
وبالرغم من الأوضاع الإنسانية والاقتصادية القاسية، يثبت السوريون طلاباً وآباء ومدرسين إصرارهم على متابعة حياتهم من مختلف النواحي ومنها مواصلة التعليم رغم الاستهداف الإرهابي الكبير للقطاع التربوي الذي أدى إلى تدمير المدارس والمباني الإدارية على مدار أكثر من خمس سنوات من الحرب الضروس.
بصيص أملٍ في المستقبل، هكذا يرى السوريون تعليمهم ومدارسهم على الرغم من خفتان هذا النور عندما يتعلق الأمر بوضع حد لهذه الحرب المجنونة التي لم تبقي ولم تذر، والحرب الذي أنهكت حياة السوريين وجيوبهم لم تنل على ما يبدو من عزيمتهم وسط أصرار تام على التعلق بـ"المستقبل الجميل".
مدارس وتعليم في زمن الحرب
وفي إطار التجهيزات للعام الدراسي الجديد، أكد وزير التربية هزوان الوز الانتهاء من طباعة الكتب وتوزيعها مع البدائل المدرسية اللازمة على المستودعات الفرعية للمؤسسة العامة للمطبوعات والكتب المدرسية وبدئ بتوزيعها وفق الخطة الموضوعة والتعليمات الوزارية على المدارس في المحافظات كافة، وأضاف "بلغ عدد الكتب المدرسية الموزعة على فروع المؤسسة مع البدائل المدرسية اللازمة بحدود 70 مليونا ".
وعلى الرغم من الظروف والتحديات الصعبة التي تعيشها مدينة حلب في هذه المرحلة اتخذت مديرية التربية في المدينة الإجراءات اللازمة من أجل تأمين البيئة التعليمية المناسبة للطلاب مع توزيع الكتب والحقائب المدرسية على جميع المدارس، وبحسب مدير تربية حلب، ابراهيمماسو، فأن عدد المدارس التي تضررت في المدينة تجاوز 30 مدرسة مبينا أن عدد الطلاب المتوقع استقبالهم في مختلف المراحل 270 ألف طالب وطالبة و "أن المحافظة لا تعاني من نقص الكوادر التعليمية لأن معلمي المناطق الشرقية الذين هجرتهم التنظيمات الإرهابية وضعوا أنفسهم تحت تصرف مديرية التربية ما شكل فائضا في المعلمين".
وفي مدينة دير الزور المحاصرة تم افتتاح 40 مدرسة أبوابها في أحياء القصور والجورةوهرابش ومدرسة السكن الجامعي” لاستقبال ما يقارب 10 آلاف طالب وطالبة، على الرغم من حصار التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تمنع وصول الكتب المدرسية والقرطاسية فضلا عن النقص في الكوادر التعليمية نتيجة مغادرة المدرسين المحافظة داعيا هؤلاء المدرسين إلى العودة لتعليم أبنائهم والصمود في وجه الإرهاب
وفي الحسكة تستعد 2450 مدرسة مع انطلاق العام الجديد لاستقبال 300 ألف طالب وطالبة بين مرحلة التعليم الأساسي والثانوي والمعاهد مع انتهاء الاستعدادات لاستقبال العام الدراسي الجديد من خلال تجهيز المدارس وتأمين الكادر الإداري والتربوي وتوزيعه على المدارس.
وفي مدينة إدلب المحتلة، وعلى نهج داعش فقد منعت جبهة النصرة هي الأخرى الطلاب في مدينة ادلب الخاضعة لسيطرتها من الالتحاق بالمدارس، وأجبرت مئات الأطفال على التوجه لساحات القتال في ريف ادلب وحلب، بدلا من توجههم لتلقي العلم.
في حين تستقبل مدينة اللاذقية الساحلية عددا كبيرا من أبناء المحافظات الأخرى يصل إلى نحو 17 ألف طالب وطالبة ونحو 1500 أستاذ ثانوي وأكثر من هذا العدد للتعليم الأساسي حيث تتمثل الصعوبات بالضغط الحاصل نتيجة الوافدين.
وتعد مدرسة عكرمة داخل مدينة حمص أكبر شاهد على همجية ووحشية الإرهابيين، حيث استهدف تنظيم داعش تلك المدرسة في منتصف العام2014 بتفجير مزدوج أدى حينها إلى استشهاد عشرات الأطفال.
وعلى الضفة المقابلة يمنع تنظيم داعش الارهابي افتتاح المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرته لاسيما محافظة الرقة ومخيم اليرموك المحاصر جنوب العاصمة دمشق، ويقر التنظيم مناهج خاصة فيه تخض على العنف والكراهية.
خسائر ضخمة للقطاع التربوي في سوريا
وبحسب إحصائيات شبه رسمية كان للطفولة في سوريا نصيبها الخاص من الحرب المستعرة، حيث تسببت الحرب في خروج أكثر من 5000 مدرسة خارج الخدمة، تدمَّر عدد كبير منها بفعل هجمات المجموعات المسلحة، فيما تحول عدد آخر إلى مراكز لإيواء المهجرين. هذا الأمر انعكس على الواقع التعليمي في سوريا بشكل بالغ إذ تشير تقارير لمنظمة اليونيسيف إلى حرمان أكثر من 3.5 مليون طفل سوري من حق التعليم بفعل الحرب، الأمر الذي يهدد حاضر ومستقبل سوريا وينبئ بتراجع علمي كبير ستعيشه سوريا في المستقبل القريب.
و كنتيجة غير مباشرة للحرب فقد خسر قطاع التعليم ما مجموعه 24.5 مليون سنة دراسية، أي أن خمسة ملايين تلميذ خسر كل منهم خمس سنوات دراسية تقريبا.
ووفقًا لأرقام الأمم المتحدة، فإن الحرب على سوريا أثرت على حياة أكثر من 8 ملايين طفل، وسيؤثر الوضع الاقتصادي الخطر الذي وصلت إليه سورية على الأجيال المقبلة.
تحديدات الواقع تفرض مزيد من العمل
وعلى الرغم من حجم التحديدات الهائل، عملت وزارة التربية السورية على تأهيل وصيانة 1958 مدرسة متضررة في محافظات دمشق وريفها وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس والقنيطرة والسويداء والحسكة ودرعا وذلك عن طريق مديريات التربية بإنفاق قدره 1.013 مليار ليرة سورية لعام 2015 وتقوم بتأهيل وصيانة 1104 مدارس عن طريق مديريات التربية في عام 2016.
ويبلغ عدد المدارس المستثمرة في العملية التربوية للعام الدراسي( 2015-2016 ) 15301 مدرسة استقبلت 4134047 طالباً وطالبة منهم ذكور 2104083 وإناث 2029964 بينما قدر عدد العاملين في القطاع التربوي 311914 منهم ذكور 92648 وإناث 219266 في مختلف المحافظات.