.jpg){kind=logo}
الوقت- في الذكرى الرابعة عشرة لتدمير طالبان تماثيل بوذا في باميان وسط أفغانستان اتمت ابنتها الغير شرعية "تنظيم داعش الارهابي" ما بدأته الأولى، حيث بث تنظيم داعش الارهابي الخميس 26 شباط شريطا مصورا يبين تدمير عناصره الآثار القديمة و التماثيل والمنحوتات النفيسة التي تعود للحقبة الآشورية قبل آلاف السنين الموجودة في متحف مدينة الموصل التاريخي شمال غرب العراق.
تلك المشاهد الصادمة التي تناقلتها وسائل الاعلام العالمية تظهر مجموعة من العناصر الملتحين في متحف الموصل و المصابين بمرض التدمير، تدمير الفن والإنسان والمجتمع، وهم يهدمون تماثيل ضخمة بعمر آلاف السنين تختزن وتختصر مسيرة الانسان عبر العصور باستخدام المطارق وأدوات الحفر، من بينها تماثيل تعود إلى حضارات بلاد الرافدين وإلى القرن التاسع قبل الميلاد.
وكما يوضح الفيديو الذي مدته 5 دقائق تدمير ثور مجنح آخر موجود في "بوابة نركال" الأثرية في مدينة الموصل، علما أن الثور المجنح يعد رمز الحضارة الآشورية التي ازدهرت في العراق وامتدت سيطرتها حتى وادي النيل. ويظهر في نهاية التسجيل المتحف بعد أن تم تدمير جميع محتوياته، وتدمير جميع آثار مدينة نينوى.
وكان التنظيم المتطرف فجر جزءا من "سور نينوى" التاريخي الذي يعود للحضارة الآشورية بعد أن فخخه منذ أكثر من شهر،ويعتبر هذا السور وبحسب المتخصصين من الآثار المميزة في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة، وشاهدا على عظمة الحضارة الآشورية وقوتها منذ آلاف السنين. وبعد حرق آلاف الكتب والمخطوطات، فجر التنظيم الارهابي المبنى المركزي لمكتبة الموصل في منطقة الفيصيلة وسط المدينة، وحرق محتوياتها من الكتب والوثائق والمخطوطات التي بينها مؤلفات نادرة.
تنديد دولي واسع باستهداف التاريخ الانساني:
أثارت جريمة داعش الجديدة تلك ردود أفعال واسعة منددتا بهذا السلوك الهمجي ومطالبة بتسريع عملية طرد عناصر التنظيم الارهابي من المدن العراقية. حيث استنكر رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، ما قامت به عصابات داعش الارهابية بتفجير المتحف التاريخي في مدينة الموصل ونهب وتخريب ما فيه من آثار ومخطوطات تاريخية. وأوضح الجبوري على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، "أن هذه المجاميع الظلامية تثبت في كل يوم أنها عدو للعراق بماضيه وحاضره ومستقبله، وأن تاريخ هذه المدينة الناصع والذي يمثل تاريخ الحضارة البشرية لا يمكن لمثل هذه الثلة الضالة أن تمحوه ".كما شدد الجبوري على أن "هذه الاعمال الاجرامية التي أقدم عليها داعش جعلت من العراقيين بكل دياناتهم وطوائفهم وقومياتهم أكثر توحّدا وعزما على انهاء وجود كل أشكال الارهاب في بلدهم العراق.
وفي هذه السياق اعتبر نائب الرئيس العراقي اسامة النجيفي ان جماعة "داعش" الارهابية بتخريبها المتحف الوطني في الموصل كتبت موتها وأعلنت نهايتها ولم يتبق غير الإعلان النهائي عبر معركة التحرير. واشار الى أنه "لا مناص من فعل يرتقي الى مستوى ما يعانيه الإنسان ومستوى التدمير والتحطيم ولا مناص من حشد كل جهد وقوة وطاقة لضرب المجرمين وطردهم من مدينة الأنبياء والقديسين".
الى ذلك اعتبر وزير السياحة والآثار العراقي عادل شرشاب ان تدمير متحف الموصل يعتبر من جرائم العصر الكبرى.و أن “ما حدث يعد خسارة كبيرة للانسانية وليس للعراق فقط “..واكد أن “وزارة السياحة سترفع تنسيقها مع الانتربول الدولي ومنظمة اليونسكو لمنع تهريب او تداول الاثار العراقية التي تتاجر بها عصابات داعش الارهابية عن طريق الموصل”.
بدوره أدان الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الجمعة "الاعتداء الوحشي" بحق آثار تعود الى حقبة ما قبل الاسلام بايدي "داعش"، معتبرا الامر من "ابشع الجرائم بحق تراث الإنسانية". واشار الى ان ما قام بها المتشددون "يهدف إلى بث ثقافة الإرهاب والعنف والكراهية بين الجماعات والمكونات الثقافية والحضارية المتنوعة لأبناء المنطقة".
من جانبها طالبت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" مجلس الأمن الخميس 26 فبراير/شباط بعقد اجتماع طارئ عقب نشر تنظيم "داعش" فيديو يظهر تحطيمه آثارا بمتحف الموصل. وطالبت الإنتربول بملاحقة الآثار المهربة من سوريا والعراق.
وقالت مديرة "يونيسكو" إيرينا بوكوفا في بيان لها "هذا الاعتداء هو أكبر بكثير من يكون مجرد مأساة ثقافية، إنه أيضا شأن أمني يغذي الطائفية والتطرف العنيف والنزاع في العراق".وأضافت "لهذا تواصلت مع رئيس مجلس الأمن الدولي لأطلب منه عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن حول حماية الإرث الثقافي العراقي، كمكون أساسي من أمن البلاد".وأعربت بوكوفا عن "صدمتها العميقة" تجاه الشريط المصور، مؤكدة "إدانتها لهذا الاعتداء المتعمد على تاريخ العراق وتراثه الذي يعود إلى آلاف السنين".
وفي سياق متصل اكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي أن تنظيم "داعش" قام ببيع وتهريب الاثار قبل تخريبها في الموصل، محذرا ممولي التنظيم من أنه سينقلب عليهم. وقال لافروف إن "داعش قام بسلب وبيع وتهريب الاثار التاريخية وليس تدمير المتاحف في العراق وسوريا كما شاهدنا ذلك في مدينة الموصل ". وأضاف لافروف أن "داعش لديها ممولين من دول خارج المنطقة"، محذراً من أن "التنظيم سينقلب عليهم كما فعلت القاعدة عندما هاجمت نيويورك عام 2001".
داعش ...تعيش على تهريب الاثار
في موضوع متصل تشير التقارير الى أن مسلحي تنظيم داعش الارهابي يعتمدون في تمويل حملتهم الدموية على بيع التحف الأثرية القديمة إلى جانب بيع النفط. وتشكل تركيا البوابة الرئيسة لعمليات التهريب تلك .وكان مجلس الأمن الدولي تبنى قرارا أعدت مشروعه موسكو حول منع تمويل تنظيم "داعش" الإرهابي.ويندد القرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في مطلع فبراير/شباط الحالي بالمشاركة المباشرة أو غير المباشرة في التجارة مع تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية ويهدد بفرض عقوبات على المخالفين لهذا القرار.
يذكر أن متحف الموصل تأسس في عام 1951 وتتركز مجاميع الآثار في متحف الموصل على آثار عصور ما قبل التاريخ لمنطقة الموصل وآثار العصور الآشورية وآثار مدينة الحضر وآثار الحضارة الإسلامية. وقد أغلق المتحف في العام 2003 بعد الغزو الأمريكي للعراق، ولم يفتتح حتى عام 2012 ليستقبل الزوار خاصة من طلبة المدارس والكليات.
