الوقت- عقد في طهران السبت مؤتمر صحفي شارك فيه خبراء سياسيون بينهم الخبير البارز الدكتور سعدالله زارعي تناول موضوع العلاقات الايرانية الروسية في ظل التطورات الجارية في المنطقة، وقد أكد زارعي خلال المؤتمر ان العلاقات الايرانية الروسية تسير نحو ان تصبح علاقات إستراتيجية ونظرا الى بقاء منطقة الشرق الأوسط مركزا لسير الأحداث الدولية في المسقبل فإن العلاقات الايرانية الروسية ستوجد علاقة إستراتيجية في المستقبل في المنطقة.
زارعي الذي إعتبر ان منطقة غرب آسيا تعيش في هذه الأيام ظروفا خاصة، قال ان القوى العالمية مثل أمريكا باتت اليوم تبحث عن حلفاء لها في هذه المنطقة لتنفيذ خططها وحفظ مصالحها بعد ان كانت في الماضي تقدم بنفسها على ذلك وهذا يدل على تحول إستراتيجي في القضايا الدولية وخاصة في قضايا المنطقة وعلى مختلف الأصعدة وخاصة على الصعيد الأمني وهذا يمكن ان يضع ايران أمام فرص وكذلك أمام تهديدات والامر يتوقف على قدرة ايران على الإستفادة من مكامن القوة الموجودة في المنطقة لتحقيق أهدافها الإستراتيجية.
وأشار الخبير السياسي سعد الله زارعي الى التحذير الذي أطلقه قائد الثورة الإسلامية مؤخرا حول وجود مخطط غربي لزعزعة الأمن في ايران وأضاف: على ايران ان تزيد من قدراتها الدفاعية وفي نفس الوقت توجد في المنطقة نظاما متحالفا ومتناغما مع قوتها الإقليمية، ونظرا الى ان دول المنطقة بمعظمها حليفة مع امريكا مثل السعودية والأردن وغيرهما فعلى ايران ان تستفيد من روسيا والهند والصين وتركيا، وتظل روسيا القوة التي لديها رغبة أكبر من غيرها للتناغم والتعاون الإقليمي مع ايران لأن موسكو و طهران لديهما هواجس مشتركة واعداء مشتركون ومصالح مشتركة واصدقاء مشتركون وهكذا يمكنهما ان توجدا الأرضية لتعاون طويل الأمد بينهما عبر التمهيد لذلك.
ونوه الدكتور زارعي الى وجود بعض المعارضين في داخل روسيا وفي داخل ايران لتمتين العلاقات الثنائية لكنه قال ان النظرة القائلة بضرورة وجود علاقات إستراتيجية بين ايران وروسيا هي نظرة قديمة وبإمكان الدولتين ان تصلا الى علاقات إستراتيجية رغم وجود بعض الخلافات في بعض المجالات وليس بالضرورة حل كافة الخلافات.
وأكد هذا الخبير السياسي ان تحويل العلاقات الإيرانية الروسية الى علاقات استراتيجية مازال في بداية الطريق ويجب على الجانبين بذل الجهود ليجعلا طريق الوصول الى العلاقات الاستراتيجية طريقا قصيرا، لكنه اضاف ان العلاقة مع روسيا ليس الخيار الأول والأخير لايران كما ان العلاقة مع ايران ليس الخيار الأول والأخير لروسيا لكن اذا كان البلدان يريدان هذه العلاقات الإستراتيجية فعليهما ان يذللا العقبات.
وفيما يتعلق بنشر روسيا لطائراتها في مطار نوجه في مدينة همدان الايرانية لقصف الجماعات الإرهابية في سوريا قال زارعي ان هذا التعاون كان قانونيا ومنطبقا على القوانين الإيرانية المرعية وهو يقع ضمن مهام وصلاحيات المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني في اطار السياسات العامة التي يرسمها قائد الثورة الإسلامية، وقال "هناك من يسأل هل ان العلاقات الإستراتيجية بين ايران وروسيا قد إنتهت مع إنتهاء إستخدام الروس لمطار همدان؟ ونحن للإجابة نقول ليست هناك علاقات إستراتيجية بين ايران وروسيا بل البلدين يبنيان الآن مثل هذه العلاقات وان العلاقات الإستراتيجية تتضمن قضايا وموضوعات مثل ما حصل في مطار همدان وإذا توقف هذا التعاون مؤقتا فهذا لايعني إنتهاء العلاقة الإستراتيجية فهذا النوع من التعاون هو تعاون تكتيكي وليس إستراتيجي ولذلك يمكن ان يستمر هذا التكتيك مستقبلا".
وردا على سؤال أحد الصحفيين "لماذا اختارت ايران التعاون مع دولة غير إسلامية في المنطقة بدلا من دول إسلامية مثل السعودية مع العلم بأن الدين الإسلامي لا يوصي بذلك؟" قال الدكتور زارعي ان إيجاد علاقة إستراتيجية هو قرار سياسي تتخذه الحكومة حسب إمكانياتها وإمكانيات الآخرين وقد رأينا كيف أوجد النبي الأكرم (ص) تعاونا نشطا مع حكومة الحبشة في فترة حكم النجاشي في حين لم تكن مثل هذه العلاقات موجودة بينه وبين قومه أي قريش، ولذلك نقول يجب على الطرف الآخر ان يجيب لماذا لايقبل بالتعاون مع ايران؟ ان ايران وثقافتها غريبة مع النزاع الشيعي السني ولا تعرفه ولم يتنازع الايرانيون الشيعة أبدا مع أهل السنة في بلادهم.
وفي جانب آخر من كلامه تطرق الخبير السياسي الدكتور سعدالله زارعي الى تأثير العلاقات الايرانية الروسية على مستقبل النظام الدولي وقال ان المغريات الإستراتيجية تدفع ايران وروسيا بإتجاه تكوين قوة موحدة ولذلك نجد ان هناك حساسية تجاه مثل هذه العلاقة التي تتخطى مستوى العلاقات الإستراتيجية ويمكن ان توجد علاقة إستراتيجية في مستقبل المنطقة وتحث الهند والصين على الإنضمام اليها وان ما يضمن بقاء هذه العلاقة هو كونها علاقة إستراتيجية وأيضا مكامن القوة في المنطقة.
وتطرق الدكتور زارعي في نهاية كلمته الى الأوضاع الجارية في سوريا وخاصة دخول الجيش التركي الى مدينة جرابلس السورية وإحتلالها وقال "نحن نفضل الأكراد على داعش دون شك لكن إذا كان الموضوع هو خروج قطعة من سوريا من تحت السيادة السورية كما حصل في جرابلس فإننا لانقبل بتقسيم سوريا من دون شك وان ايران ستتصدى لذلك، من الضروري ان نراقب ونمنع إستغلال بعض الأطراف للظروف الراهنة وقيامهم بمصادرة كل الإنجازات، يجب أن لانسمح بأن يجتمع البعض في خارج سوريا ويقرروا مصير هذا البلد.
وفي هذا المؤتمر الصحفي تحدث الخبير السياسي الايراني شعيب بهمن ايضا حول العلاقات الروسية الايرانية قائلا ان تغيير النظام الدولي هو احدى الإستراتيجيات الهامة لطهران وموسكو.
وأضاف بهمن ان نظرة القيادتين الايرانية والروسية قد أثرت بشكل كبير على تقريب العلاقات بين الدولتين وان جعل هذه العلاقات في إطارها المؤسساتي يساعد على عدم وقوفها على أشخاص.
وتابع هذا الخبير: ان روسيا تعتبر اليوم أهم شريك لإيران ففي المجال العسكري هناك علاقات قديمة بين الجانبين كما يمتلك البلدان احتياطات ضخمة من النفط والغاز وهناك مجال للتعاون بينهما على هذا الصعيد والنموذج على ذلك هو تشكل منظمة أوبك غازي (تضم الدول المصدرة للغاز) والتي تشكلت بإقتراح من قائد الثورة الإسلامية وتعاون روسيا.