الوقت- في خطوة بالغة الخطورة تدل على ان واشنطن وأنقرة لاتريدان حلا سلميا في سوريا اتفقت امريكا وتركيا على البدء بتدريب عناصر مايسمى بالمعارضة المعتدلة في سوريا داخل الاراضي التركية وتزويدها بالعتاد فما هو واقع الاتفاق وما هو تأثيره على الأزمة السورية والمنطقة بشكل عام؟
قراءة سريعة في تفاصيل الاتفاق تظهر بأنه اتفاق مبدئي بين الحكومتين الامريكية والتركية لتدريب المعارضة السورية "المعتدلة" وتزويدها بالعتاد حيث اعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية جين ساكي "ان تركيا وافقت أن تكون واحدة من الدول المضيفة بالمنطقة لبرنامج تدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة" واضافت "نتوقع إبرام الاتفاق وتوقيعه مع تركيا قريبا".
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أعلنت أن واشنطن سترسل أكثر من 400 عسكري لتدريب المعارضين في معسكرات بالسعودية وتركيا وقطر، وتسعى واشنطن، حسب عدة مصادر في البنتاغون، إلى تدريب نحو خمسة آلاف مقاتل مما يسمى بالمعارضة المعتدلة سنويا، اعتبارا من أواخر مارس المقبل.
وهكذا يبدو ان هناك تخطيط طويل الأمد بين امريكا وحلفائها للحرب السورية من أجل تحويل هذه الحرب الى حرب استنزاف مستمرة حيث يعلم الجميع بان 5 آلاف معارض مسلح أو بالأحرى "ارهابي مسلح" لايمكنهم تغيير كفة المعادلات العسكرية على الارض في سوريا ولذلك يبدو واضحا ان امريكا وحلفاءها يريدون اطالة عمر الأزمة.
وهنا يتبادر سؤال الى الذهن وهو هل ان امريكا قد كرست الفرق بين ارهابيين جيدين يمكن استخدامهم لتغيير نظام الحكم في سوريا وارهابيين غير جيدين يجب محاربتهم مثل تنظيم داعش الارهابي؟ وما هي الضمانة الامريكية والتركية بأن من سيتم تدريبهم مما يسمونهم بالمعارضة المعتدلة سوف لايتغيرون ليصبحوا معارضين متطرفين وارهابيين سيئين مثل تنظيم
لايتغيرون ليصبحوا معارضين متطرفين وارهابيين سيئين مثل تنظيم داعش الارهابي وجبهة النصرة؟ أليست هناك الآن انباء ومعلومات عن تنسيق بين جبهة النصرة الارهابية السيئة وجماعات ارهابية "جيدة" أخرى في سوريا؟
ان امريكا وتركيا تريدان القضاء على الآمال حول أي حل سلمي للازمة السورية وكأنهم ارادوا ان يردوا ايضا على روسيا التي اطلقت مبادرة للحوار بين الحكومة السورية واطراف المعارضة في موسكو قبل اسابيع وبذلك تريد امريكا وكذلك حلفاؤها في المنطقة ارسال رسالة الى الجميع بأنهم ماضون نحو اسقاط الحكومة السورية عسكريا مهما طال الزمن ومهما كلف الأمر وهذا ما يريده الكيان الاسرائيلي ايضا وينتظره بفارغ الصبر.
ان الخطوة الامريكية التركية هذه قد تنظم اليها اطراف أخرى وسيصطف هؤلاء كلهم من اجل تأجيج الصراع في سوريا وبشكل كبير وهم بذلك قد ارسلوا رسالة الى روسيا وايران بأن الحرب السورية سوف لن تنتهي الا كما يريده الامريكيون والاتراك والمرتجعين العرب الممولين للحرب حتى الآن.
ان تدريب الجماعات الارهابية وتمويلها وتزويدها بالاسلحة والعتاد بشكل رسمي وعبر اتفاقيات رسمية بين الدول يعتبر سابقة خطيرة في العلاقات الدولية وهي تنذر بمزيد من اراقة الدماء والتدمير واطالة أمد مأساة الشعب السوري.
والسؤال المطروح هنا ايضا هو هل ان ما يسمى بالتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الارهابي والذي اثبت بأنه عديم الفعالية ميدانيا قد تم تشكيله من أجل التغطية على تدريب وتسليح الارهابيين الآخرين في سوريا لكي تستطيع واشنطن وحلفاؤها القول بأنهم يحاربون الارهاب أي تنظيم داعش الارهابي وان من يدعمونهم في سوريا ليسوا ارهابيين بل معارضة معتدلة؟
ومن ثم ما هي هذه المعارضة المعتدلة التي تقبل بالانضواء تحت المظلة الامريكية وهل ان امريكا التي دعمت وتدعم الكيان الاسرائيلي ضد العرب والمسلمين بكامل قواها قد اصبحت الآن منقذة لشعب عربي قاوم لعقود الكيان الصهيوني بجيشه ودمائه واقتصاده؟ هل ان ولاء قادة هذه المعارضة "المعتدلة" سيكون لواشنطن التي قهرت جميع الدول العربية والشعوب العربية والمسلمة ارضاءا للكيان الاسرائيلي؟
ويعد هذا الاتفاق التركي الامريكي بداية لمسار كبير وطويل من التدخل العسكري المباشر في الحرب السورية وبذلك يمكن القول ان سوريا مقبلة على مرحلة بالغة الخطورة حيث من المتوقع ان يزداد عدد هؤلاء الارهابيين "الجيدين" من وجهة نظر امريكا وحلفائها ويكونوا جيشا وعديدا وتنهال عليهم الاموال العربية وهذا لا يجلب لسوريا وشعبها سوى المزيد من الدمار، كما ان نيران هذا التلاعب بمصير سوريا ستترك تأثيرها على كامل الاوضاع في المنطقة.