الوقت- دخل اليمن في دائرة أزمة لم يسبق لها مثيل منذ عقود حيث تتابع المؤسسات الدولية والمراقبون الدوليون اوضاع هذا البلد عن كثب ، ورغم ان اليمن عاشت أزمات وحروب داخلية في الماضي لكن انهيار الجيش والمؤسسات الامنية يفرض تحديات امام اي حل للأزمة.
ان عدم الاستقرار السياسي في اليمن له اسباب عدة منها دخول اطياف سياسية جديدة على خط الأزمة ومنها التدخلات الخارجية، ومن جهة اخرى فان سيطرة حركة انصار الله على صنعاء يمكن اعتباره بداية لتغييرات اساسية في المعادلات السياسية في اليمن ومنها خروج اليمن من الوصاية السعودية ودخول لاعبين جدد الى اليمن ومنهم ايران على خط اللعبة والذين يريدون مواجهة النفوذ الامريكي والغربي في المنطقة.
ان انتصار الحوثيين والثوار المؤيدين لهم في اليمن له اسباب كثيرة لكن ما يجب التطرق اليه هو التحديات التي فرضته سيطرة الحوثيين على صنعاء وان اول هذه التحديات هو تحرك انصار الرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي ضد الحوثيين وقطع المساعدات الاقتصادية عن اليمن والتي كانت البلاد بأمس الحاجة اليها.
ان الاقتصاد اليمني مرتبط ببيع كمية قليلة من النفط وكذلك المساعدات الخارجية من قبل السعودية لكن مع سيطرة الحوثيين على صنعاء قام المعارضون لهذه الخطوة وخاصة المنتمين لحزب الاصلاح بالسيطرة على المنشآت النفطية في جنوبي البلاد ومنع العاصمة من الثروة النفطية كما قام الارهابيون من تنظيم القاعدة باستهداف انابيب النفط ولذلك انهارت العملة اليمنية ايضا خلال الأيام الماضية.
ومن جهتها قامت السعودية الى حث القبائل في محافظة مأرب على مقاومة الحوثيين وقد شكل هؤلاء قوة في مواجهة الحوثيين وسيطروا على مناطق فيها 70 بالمئة من آبار النفط كما انهم سيطروا على محطات توليد الطاقة التي تغذي صنعاء.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وقد قام الانفصاليون الجنوبيون الذين كانوا حتى وقت قريب يشاركون في جلسات الحوار الوطني باعلان الانفصال والحكم الذاتي بذريعة سيطرة الحوثيين على صنعاء وهم الان يسعون للسيطرة على محافظة شبوة التي تعتبر ثالث اكبر المحافظات اليمنية.
وكان تنظيم القاعدة قد سيطر على معسكر القوات البرية للجيش اليمني في محافظة شبوة قبل ايام وقد تذرع انفصاليو الجنوب بهذا الامر لكي يرفضوا البيان الدستوري لحركة انصار الله ويضمون صوتهم الى السعودية وحزب الاصلاح.
وعلى الصعيد الدولي قامت الدول الغربية وامريكا باغلاق سفاراتها في صنعاء بذريعة انعدام الأمن وسحب العاملين فيها وقد حذت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي حذو الغربيين من أجل بث اجواء من التوتر في صنعاء والايحاء بأن اوضاع صنعاء هي متأزمة، وتسببت هذه الخطوة بردود فعل من قبل انصار الله كما انتقد ذلك رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الايرانية اللواء حسن فيروز آبادي.
وفي هذه الاثناء تنشط الوسائل الاعلامية المحسوبة على الطيف السعودي في تأجيج الاجواء وتحاول التأثير على الراي العام اليمني وتأليبه على الحوثيين ووصف الرئيس اليمني المستقيل بأنه رجل ضعيف قبل بتقسيم الجيش، كما ان هناك شائعات بأن الجيش مازال مواليا للرئيس السابق علي عبدالله صالح ولذلك لم يقاوم الحوثيين.
اما ما يتم تجاهله في اليمن وباقي الدول في الشرق الاوسط هو ان شعوب هذه الدول لديها مطالب متراكمة منذ سنوات وان هذه الشعوب تدفع ثمن عدم تلبية هذه المطالب كما ان الاقليات في هذه الدول قد تعرضت لسنوات الى الظلم والتهميش ويجب ان يضاف الى هذا كله ان التدخلات الاجنبية والاقليمية حالت دون نجاح الثورات الشعبية وخاصة في اليمن.
ان السعودية وامريكا هما المسؤولان الرئيسيان عن تردي الاوضاع في اليمن عبر تدخلاتهما من الخارج لكن ما يهم اليمنيون اليوم هو امكانية الاستفادة من قواهم الذاتية الداخلية من أجل التغلب على الازمة الحالية وتشكيل هيئة للمصالحة الوطنية ومنع وقوع حرب داخلية وتقسيم اليمن من جديد وهو تقسيم ستكون مرارته أكبر من الماضي.