الوقت- يولي دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية احتراما خاصاً للاقليات الدينية، فإلى جانب الغالبية المسلمة، تعيش في ايران أقليات دينية أخرى تتمتع بحقوق المواطنة أسوة ببقية فئات الشعب الايراني، كما أن الاستقرار والهدوء الذي تتمتع به هذه الاقليات شكّل قدوة للاخرين، باختصار، لقد بعث انبثاق الثورة الإسلامية في ايران، روح الحياة في الأقليات الدينية من جديد.
ضمنت الثورة الإسلامية في ايران الحرية الدينية للمسيحيين، واليهود والزرادشتيين، بدستورها الجديد الذي اعطى الأقليات الدينية حرية اتباع شرائعهم الخاصة في ما يتعلق بأمور الأحوال الشخصية مع الحفاظ على الشريعة الإسلامية نظاماً قانونياً للبلاد، وينص الدستور الايراني على رسمية اتباع الاديان المسيحية واليهودية والزرادشتية وتمتعهم بحقوق مماثلة ووجود ممثلين لهم في مجلس الشورى الاسلامي، كما أن مجلس الخبراء الذي وضع مسودة دستور الجمهورية الاسلامية يضم اربعة ممثلين غير مسلمين: زرادشتي، وارمني، واشوري، ويهودي، فضلاً عن كون المادة 13 من الدستور تمنح كل واحدة من هذه الاقليات اعترافاً وحمايةً صريحين بها.
في إيران على سبيل المثال لا الحصر يتزوّج المسيحيون الإيرانيون في الكنيسة لكنّهم يسجّلون زواجهم في دوائر الدولة الإيرانية، والقرار الفعلي في أمور الزواج والطلاق والإرث هو بيد الكنيسة المسيحية باختلاف طوائفها، كما ان علاقة الطائفة المسيحية مع وزارة الثقافة الإسلامية مباشرة، فهناك قسم فيها يهتم بشؤون الأقليات، حتى أن العلاقات مع وزارة الداخلية والتربية والخارجية هي عبر هذه القناة حفاظاً على حقوقهم.
لم تشهد إيران في عصرها الاسلامي وجمهوريتها الاسلامية اي تطاول من قبل المسلمين على غيرالمسلمين، وفي هذا السياق يؤكد كبير الاساقفة الاشوريين والكلدانيين والكاثوليك في مدينة ارومية توماس ميرم أن انتصار الثورة الاسلامية في العام 1979 بث الامل في نفوس جميع شرائح الشعب الايراني بما في ذلك الاقليات الدينية التي تنعم بكامل الحريات والاحترام في الجمهورية الاسلامية.
و تابع قائلا ان انتصار الثورة الاسلامية واقامة النظام الاسلامي في ايران وفر ارضية للتعايش السلمي بين مختلف القوميات والمذاهب وساهم في مشاركة الاقليات الدينية في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في المجتمع الايراني.
واشار الاسقف ميرم الى المعارك الدائرة في الدول المختلفة بالمنطقة وقال: من دواعي السرور لاننا نعيش في بلد تسكن فيه الاقليات الدينية في منتهي الاستقرار والهدوء من خلال التدابير الحكيمة لقائد الثورة الاسلامية بحيث تعتبر ايران بلدا امنا ومستقرا لاتباع الاقليات الدينية.
واكد ان الاقليات الدينية والى جانب الاخوة المسلمين لن تدخر جهدا في الدفاع عن قيم الثورة الاسلامية وان الحريات والامن الذي تنعم به الاقليات الدينية في ايران لا يمكن مقارنته باي بلد اخر في العالم.
من جانبه يوضح الأمين العام للاتحاد العالمي للآشوريين النائب "يوناتن بت كليا" أن القوميات والأقليات الدينية نالت حقوقها بانتصار الثورة الإسلامية "ولايوجد أي اختلاف بينها وبين أشقائها المسلمين."
ويعتبر النائب في مجلس الشورى الإسلامي أن الثورة الإسلامية قلبت الموازين السياسية للاستكبار العالمي، وقال إن الثورة الإسلامية أحدثت تطوراً وتغييراً أساسياً في أعتي الأنظمة العميلة المدعومة من القوي الكبري.
إلى ذلك يؤكد ممثل الاقلية اليهودية في مجلس الشورى الاسلامي "سيامك مصدق" بانه من البديهي ان تتحسن ظروف اليهود في ايران بعد تحول ايران الى الدين الاسلامي ، مشيراً إلى وجود كنيس يهودي في ايران وممارسة اليهود لطقوسهم الدينية بحرية كاملة وقال ان ايران هي من احدى افضل الدول من حيث الحرية الدينية .
في مقابل الحقوق التي تقدمها الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأقليات الدينية، تلتزم الأخيرة بواجبها تجاه البلاد بكل ما للكلمة من معنى، ففي هذا السياق أوضح قائد الثورة الإسلامية خلال لقائه عددا من ممثلي الاقليات الدينية في مجلس الشورى الاسلامي إلى احدى ذكريات فترة الحرب المفروضة من قبل النظام العراقي البائد ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية خلال الفترة 1980-1988 ، حيث راى سماحته في مدينة اهواز مركز محافظة خوزستان (جنوب غرب) مجموعة من المواطنين الأرمن الذين توجهوا الى الجبهة لانجاز اعمال صناعية وفنية، وهم معروفون بالحرفية الصناعية والمهارة فيها، وقال، ان الشهيد شمران استفاد من خدمات بعضهم الذين بذلوا الجهود وقدموا الخدمة ومنهم من استشهد ايضا.
كما لفت الى زيارة قام بها لاحدى الاسر الارمنية في الفترة الاخيرة، حيث كان ابنهم جنديا خلال فترة الحرب وحينما اكمل فترة خدمته العسكرية امتعض لذلك وكانت الحرب مازالت قائمة، وحينما تمت دعوة الجنود المسرحين لخدمة اضافية 3 اشهر او ما شابه، شعر بالسرور لتوفر امكانية ذهابه الى الجبهة مرة اخرى، ولقد استشهد من بعد ذلك، فمثل هذه المشاعر التي تنم عن التفاني موجودة لدى مواطنينا غير المسلمين.
الغرب وأمريكا يظهرون بين الفينة والآخرى قلقهم تجاه أوضاع الأقليات الدينية في إيران، دون ذكر أي دليل على ذلك، متجاهلين بشكل تام ما يتعرض له المسلمين في بلادهم، فالهجمات والاعتداءات التي يقوم بها النازيون الجدد في المانيا مثلا ضد المسلمين ومساجدهم، لا تتم ملاحقتهم ومعاقبتهم من قبل السلطات المعنية كما ينبغي، كما أن الامر هو كذلك في امريكا ودول اخرى فدم المسلمين الثلاثة في أمريكا لم يبرد بعد، اما في إيران لا سابق لمثل هذه الأمور، فحتى ذلك الشاب المتدين الصارم المتحمس لا يسمح لنفسه بالهجوم والاعتداء على غير المسلم.
في الخلاصة، تنعم الأقليات الدينية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحريات واسعة مقارنة بدول الجوار والعالم، ويعيش أتباع هذه الديانات مع إخوانهم المسلمين جنبا الى جنب في جو مفعم بالسلام والتعايش السلمي والصدق والإخلاص، فكيف يعيش المسلمون أو الأقليات الدينية في الدول التي تتشدق بالحرية وحقوق الإنسان؟