الوقت- في وقت تسعى عدة جهات اوروبية الى احتواء الازمة في شرق اوكرانيا تحاول امريكا تشديد الأزمة وازدياد الهوة بين الاطراف المعنية بالأزمة وتأجيج الصراع في تلك المنطقة بهدف ابعاد روسيا والاوروبيين عن بعضهم البعض وتعميق الهوة بين الطرفين وبيع الاسلحة الامريكية الى الاطراف المتورطة في الصراع وتوريط حلف الناتو فيه ، فما هو الهدف الامريكي من وراء ذلك وكيف تنفذ واشنطن مآربها؟
تقول المصادر المطلعة عن كثب على الأزمة الاوكرانية ان واشنطن تدرس حاليا خيار تزويد اوكرانيا بـ 3 مليارات دولار من الأسلحة من أجل مواجهة الانفصاليين وهذا ما سيزيد من حدة الصراع في شرق اوكرانيا وسيتسبب برفع كلفة الحرب هناك بالنسبة الى روسيا التي تدعم الانفصاليين من المنحدرين من الاصول الروسية في شرق اوكرانيا.
ويعتقد محللون ان امريكا التي تريد تأجيج الصراع لاتدرك اهمية اوكرانيا بالنسبة الى روسيا، فروسيا تنظر الى اوكرانيا كما تنظر الصين الى تايوان وبذلك تعتبر موسكو المساس بالروس في شرق اوكرانيا خطا احمر بالنسبة لها وهذا يضاف الى سعي الرئيس الاوكراني الجديد الى الانضمام الى حلف الناتو.
ويمتلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقومات النجاح في افشال الخطط الامريكية في اوكرانيا فروسيا قريبة من اوكرانيا وتمد الانفصاليين بالسلاح مباشرة كما ان بامكان بوتين نقل الصراع الى اماكن اخرى في خارج اوكرانيا ودعم دول وجماعات تناهض السياسات الامريكية في باقي مناطق العالم.
وهناك من يعتقد ايضا بان من يحكم امريكا ويرسم سياساتها في الازمة الاوكرانية وباقي الازمات في مناطق اخرى من العالم ليس الرئيس الامريكي باراك اوباما لوحده بل ان المحافظين الجدد والجمهوريين والبنتاغون والمخابرات الامريكية هم من يرسمون السياسات الامريكية في الخارج وان هؤلاء جميعهم قد قرروا مواجهة روسيا لتحطيمها.
ويعتقد المراقبون للشأن الروسي ان الرئيس فلاديمير بوتين لايسعى الى تأجيج الصراع وهو يدير الصراع باحتياط ويريد فقط الحفاظ على المصالح الروسية وينتهج اسلوب الدفاع وليس الهجوم لكن لصبر بوتين حدود فهو لايستطيع السماح بإبادة المنحدرين من أصل روسي في شرق اوكرانيا كما ان الشعب الروسي لن يقبل بذلك ايضا وهناك ايضا اتفاقيات وقوانين دولية تخالف حدوث هذا الأمر.
وهناك من يقول بأن الرئيس الروسي هو على حق عندما اعلن ان العالم يعيش الفوضى وان القوانين الدولية لايتم العمل بها، ورغم هذا يحاول الغربيون اظهار بوتين وكأنه شخص يدعو الى الحرب والمواجهة في وقت يقوم الغرب ببناء منشآت عسكرية قرب الحدود الروسية ونصب احدث انواع الاجهزة والعتاد الحربي بالقرب من روسيا وتوسيع حلف الناتو وتضييق الخناق على روسيا يوما بعد يوم.
وفي وقت يحاول الامريكيون تأجيج الصراع مع روسيا يتماشى قادة الدول الاوروبية ايضا مع السياسات الامريكية ويتصرفون بشكل غير معقول وغير متزن ويزيدون من الاجراءات التي تعمق الهوة بينهم وبين روسيا وهذا ما ينفع الامريكيون فقط، وكان من الأفضل للدول الاوروبية ان يعمد قادتها الى كبح جماح الامريكيين وتغليب المصلحة الاوروبية على المصلحة الامريكية في النزاع مع روسيا وحينها كان الاوروبيون يكتشفون ان هناك مصالح كبيرة يخسرونها عندما ينساقون هكذا خلف امريكا في معاداة الدول الاخرى.
وهناك محللون اوروبيون يعتقدون ان بعض القادة الاوروبيين بدأوا يشعرون بخطر هذا الانسياق الأعمى خلف السياسات الامريكية ويدركون الخطر الذي يداهم مستقبل اوروبا ومن هنا جاءت زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل الى موسكو وقبلها الى كييف من أجل البحث عن سبل لاحتواء الازمة في شرق اوكرانيا، ويقول هؤلاء المحللون ان هذه المساعي جرت دون التنسيق مع الامريكيين.
ورغم ان القادة الاوروبيين لاينتهجون سياسة ودية تجاه روسيا لكن المساعي الدبلوماسية الاخيرة فيها نوع من الإتزان والسؤال المطروح اليوم هو هل تستطيع اوروبا تخليص نفسها من الهيمنة الامريكية أم لا ؟
