الوقت – في عام 1996 صرف الحزبان الجمهوري والديمقراطي معا مبلغ 448.9 مليون دولار على الانتخابت الرئاسية الامريكية لكن في عام 2012 وصل هذا المبلغ الى 6.3 مليار دولار وهذه تكلفة يؤمن نصفه بضع عشرات من كبار الاثرياء. ويعتقد المواطنون الامريكيون ان النظام القائم في ذلك البلد ليس صادقا ويعمل ضد مصالح المواطنين العاديين ولصالح الاثرياء.
وفي نهاية العام المنصرم نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا اظهرت فيه كيفية قيام 158 عائلة ثرية بتأمين 50 بالمئة من المساعدات المقدمة للمرشحين الرئاسيين وكان غالبية هؤلاء من البيض والاثرياء والطاعنين في السن والرجال وهم يسيطرون على القطاع المالي وقطاع الطاقة.
ان المحاكم الامريكية تسمح للشركات الخاصة والحكومية بالعمل كافراد عاديين ولذلك لاتستطيع الحكومة ان تراقب مصاريفهم السياسية.
وفي عام 2008 ارادت جماعة يمينية تدعى سيتيزن يونايتد ان تبث دعايات ضد هيلاري كلينتون وهذه الخطوة ادت الى خلق لجان عرفت باسم الـ "سوبر باك" (لجان المبادرة السياسية) وهي جماعات مؤلفة من اشخاص وشركات وباقي المنظمات التي بامكانها صرف اموال طائلة فقط من اجل التأثير على الانتخابات عبر شن دعايات هجومية، وعلى سبيل المثال تولى احد المنظرين المحافظين ويدعى كارول روف امر الاشراف على لجان صرفت اكثر من 300 مليون دولار لدعم المرشحين الرئاسيين في عام 2012.
المساعدات المالية من الرؤساء السابقين الى اوباما
يشرح فيلم وثائقي تحت اسم ( ميت ذا دونورس) أي "تعرفوا على الداعمين الماليين" امورا هامة تظهر كيف تحولت الاموال الى السياسة منذ نشأة امريكا، فجورج واشنطن على سبيل المثال صرف الاموال التي حصل عليها في اول مهرجان انتخابي لشراء مشروبات كحولية للمقترعين في وقت اصبح اندرو جاكسون خالقا لعبارة "النظام الفاسد" لأنه منح كل المناصب الحكومية لداعميه الماليين".
وفي الزمن الذي تلى فضيحة ووترغيت غير الامريكيون النظام المالي للحملات الانتخابية لمنع الفساد وقرروا ان يتم تأمين ميزانية الحملات الانتخابية من الضرائب بشكل مباشر واستمرت هذه الآلية حتى عهد باراك اوباما لكن اوباما تغاضى عن 84 مليون دولار من الساعادات العامة لكي يحصل على 778 مليون دولار من المساعدات الخاصة وقد اصبحت الانتخابات الامريكية عملية مكلفة جدا وتزداد تكاليفها باستمرار ففي الوقت الذي صرف الحزبان الجمهوري والديمقراطي معا مبلغ 448.9 مليون دولار على الانتخابات الامريكية في عام 1996 وصل هذا المبلغ الى 6.3 مليار دولار في عام 2012.
وقد صرفت "لجان المبادرة السياسية" المعروفة باسم سوبر باك خلال السنوات العشرة الماضية قربة مليار دولار على الدعايات.
وهناك قرابة 2300 سوبر باك في امريكا تدعم نشاطات المحافظين او الليبراليين تشير احصائيات منظمة "اوبن سورس" غير الحكومية ان هذه اللجان جمعت مساعدات قيمتها 940 مليون دولار حتى شهر يوليو 2016 وقد دفع نصف هذا المبلغ 50 شخصا او مؤسسة، وتقول القوانين ان هذه اللجان يجب ان تسجل اسمها لدى لجنة الانتخابات الفيدرالية ويمكنها ان تتلقى المساعدات المالية فقط من المؤسسات والاشخاص الموجودين في امريكا لكن هناك غموض وضبابية حول الداعمين الماليين لهذه اللجان الان.
ورغم ذلك فإن فرص نجاح هذه اللجان ليست كبيرة فهذه اللجان التي تميل تقليديا لصالح الجمهوريين صرفت مبالغ طائلة ضد دونالد ترامب في عامي 2015 و2016 لكنها لم تحقق نجاحا.
وفي عام 2012 ساندت هذه اللجان ميت رومني امام باراك اوباما لكن رومني خسر امام اوباما بفارق كبير.
وعلى العكس من الجمهوريين يسعى الديمقراطيون الى مواجهة هذه اللجان التي مكّنت الاشخاص والمؤسسات الثرية الداعمة للجمهوريين من التأثير على الانتخابات بشكل كبير وكذلك على سياسات الحكومة.
ورغم ان هيلاري كلينتون وعدت بمكافحة هذه اللجان لكن لجنة مماثلة تدعم كلينتون قد صرفت 36 مليون دولار في عام 2016 لصالح كلينتون، ان حملة كلينتون تسلمت 71 بالمئة من المساعدات المالية من اشخاص قدموا مبالغ طائلة ومن بين هؤلاء الاشخاص الميلياردير اليهودي جورج سوروس وجيمس سيمونز صاحب شركة للتكنولوجيات، والثري الآخر دونالد سوسمان.