الوقت- يقول المراقبون ان مقارنة اوضاع الفصائل الفلسطينية والكيان الصهيوني في الوقت الراهن مع الاوضاع التي كانت سائدة ابان حرب الـ 51 يوما على المستوى الداخلي والاقليمي والدولي تظهر ان هناك حرب قادمة بين الجانبين وهي حرب ستكون اكثر تعقيدا من حرب الـ 51 يوما. ان وسائل الاعلام الاقليمية والصهيونية باتت تتحدث مرة اخرى عن مؤيدين ومعارضين للحرب وهي تقول ان هذه الحرب يمكن ان يبدأها الجانب الاسرائيلي او حماس.
حرب غزة الرابعة .. المؤيدون والمعارضون
يقول محلل موقع "تايمز اوف اسرائيل" آفي يسخاروف ان الحرب واقعة لامحالة ويشير الى ما قاله الصحفي الفلسطيني فايز ابو شمالة الذي يعتبره يسخاروف مقربا من حماس، حيث يؤكد ابو شمالة ان مقاومي كتائب القسام لم يرتاحوا منذ عام ونصف حتى الان وهم منشغلون بالاستعداد لمعركة مصيرية، ويضيف ابو شمالة ان اوضاع قطاع غزة اصبحت صعبة جدا وهي ستنفجر حتما واذ انتهت عام 2016 من دون حرب فهذه معجزة لأن وقوع الحرب ليس بيد حماس او الكيان الاسرائيلي.
ويعتقد محللون آخرون ان الكيان الاسرائيلي يمكن ان يبادر الى شن الحرب من اجل حرف الرأي العام عن الانتفاضة وقمعها واقناع الرأي العام بقدرات حكومة نتنياهو والسعي لاضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية عبر الضغط على غزة ودفع حماس نحو المساومة.
ويقول المحلل في جريدة السفير حلمي موسى ان اوضاع غزة الصعبة تقرّب الحرب والانفجار وهناك يمينيون اسرائيليون يدفعون باتجاه الحرب ويمكن ان يكون تخفيف الحصار على غزة من بوابة الاتفاق مع تركيا خدعة لبدء حرب مدمرة أخرى.
ومن جهة اخرى نجد كيف يرد نتنياهو على كلام اسماعيل هنية الذي اكد الاستعداد لحرب جديدة واستخدام الانفاق، وقد هدد نتنياهو الفلسطينيين بحرب اشد من حرب الـ 51 يوما ومن ثم قام رئيس حزب الاتحاد الصهيوني اسحاق هرتزوغ بدعوة الحكومة الاسرائيلية بوضع الترديد جانبا وقصف هذه الانفاق.
اما صحيفة هآرتس المقربة من الدوائر الامنية الاسرائيلية ادعت بأن وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون لايرحب بحرب جديدة ويسعى الى تهدئة الامور، كما دعت الصحيفة اعضاء الكنيست الاسرائيلي الى تجنب الحديث الاستفزازي الذي يدفع حماس وباقي فصائل المقاومة نحو شن هجوم وقائي.
ان الادبيات المستخدمة في الاعلام الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية لا تعكس وجود رغبة نحو بدء الحرب لكن هناك تحليلات واخبار تؤكد عكس ذلك.
اسباب بدء الحرب المحتملة
يمكن ان نعتبر "حرف الرأي العام عن الانتفاضة" سببا من اسباب قيام الكيان الاسرائيلي بشن الحرب فالانتقادات لحكومة نتنياهو بسبب عجزها عن ايقاف العمليات الاستشهادية آخذة بالازدياد بشكل كبير وشن حرب على غزة يفتح المجال امام الاحتلال بفرض حالة امنية مشددة على الضفة الغربية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية.
اقناع الرأي العام الاسرائيلي بقدرات حكومة نتنياهو امام الانتفاضة والانفاق
اظهر استطلاع اجراه موقع واللا الاسرئيلي ان 61 بالمئة من الاسرائيليين يعتقدون ان امنهم مهدد بسبب الانتفاضة الثالثة و71 بالمئة منهم يقولون ان حكومة نتنياهو عاجزة عن قمع الانتفاضة ولذلك يعتقد المراقبون ان تراجع الشعبية هذه يمكن ان تكون مقدمة للحرب الرابعة وان تصريحات رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الذي اعتبر حماس وحزب الله العدويين الرئيسيين لاسرائيل (بدلا من ايران) وقوله ان انفاق المقاومة هي الخطر الحقيقي ونشر وحدات الجيش الاسرائيلي بالقرب من قطاع غزة يقوي التكهنات حول احتمال اندلاع الحرب.
ان ما قام به نتنياهو مؤخرا بتعيين نداف ارغمان (المسؤول عن تصفية نائب قائد كتائب القسام الشهيد احمد الجعبري) رئيسا للشاباك زاد من حساسية المراقبين تجاه ما سيدور في المستقبل.
الاوضاع الحالية وحرب الـ 51 يوما
ان نظام القبة الحديدية الاسرئيلي فشل في التصدي للصواريخ الفلسطينية في حرب الـ 51 يوما ورغم ادخال تعديلات عليه مازال الخبراء العسكريون الاسرائيليون يعتقدون ان صواريخ المقاومة ستصل مرة اخرى الى تل ابيب وحيفا.
بعد حرب الـ 51 يوما بادر الكيان الاسرائيلي الى شراء اسلحة ومعدات جديدة لقواته الجوية ولدرعه الصاروخية بالاضافة الى قنابل تستخدم لضرب التحصينات من اجل تدمير انفاق الفلسطينيين ونظام الكتروني لكشف الانفاق لكن حماس اعلنت طوال السنتين الماضيتين ان عدد الانفاق قد تضاعفت بشكل كبير رغم كل المحاولات الاسرائيلية، وهناك خبراء يعتقدون ان الحرب القادمة ستكون حرب الانفاق التي اجاد الفلسطينيون استخدامها كأداة استراتيجية لردع الجنون الاسرائيلي.
ان المقاومة التي استخدمت الصواريخ البحرية ووحدة الغواصين في الحرب الماضية تختبر الان اطلاق الصواريخ باتجاه البحر وهذا تحذير للاسرائيليين الذين باتوا يدركون ان الحرب القادمة ستكون مختلفة جدا.
الاوضاع الاقليمية
في حرب الـ 51 يوما كانت الاوضاع في مصر مضطربة وكانت سوريا تعاني من اوضاع صعبة جدا وظن الاسرئيليون انهم سينفردون بحماس والجهاد الاسلامي لكن وقوف ايران وحزب الله الى جانب الفلسطينيين وصواريخ المقاومة صدمت الاسرائيليين اما الان وبعد مضي سنتين على تلك الحرب فإن الاوضاع تغيرت واصبحت روسيا في الميدان الى جانب محور المقاومة وابرم الاتفاق النووي مع ايران وتورطت السعودية في حرب اليمن، ومن جهة اخرى حصل تقارب اسرائيلي سعودي تركي لكن هذا لايعني تشديد احتمال شن الحرب على غزة بل يمكن ان يؤدي التقارب التركي الاسرائيلي الى ابعاد احتمالات الحرب.
ان علاقات فصائل المقاومة الفلسطينية مع محور المقاومة في المنطقة قد تحسنت قياسا مع السنتين الماضيتين كما اعادت الانتفاضة الثالثة القضية الفلسطينية الى الواجهة مجددا وفي المقابل اقترب محور المساومة الموجود في المنطقة من الكيان الاسرائيلي الذي يمكن ان يستغل هذا الامر لشن عدوان على غزة لكن علم الاسرائيليين بتمتين العلاقات بين ايران والمقاومة في غزة يجعل اتخاذ هذا القرار اكثر صعوبة بالنسبة لهم.
الاوضاع الدولية
يعاني الكيان الاسرائيلي من خلافات نتنياهو مع الرئيس الامريكي باراك اوباما كما تضرر هذا الكيان من الاتفاق النووي الايراني والمقاطعة الاوروبية تجاه هذا الكيان ولذلك يمكن القول الاوضاع الدولية بالنسبة للكيان الاسرئيلي ليست افضل من الاوضاع السائدة ابان حرب الـ 51 يوما وفي المقابل يبدو ان الاوضاع الدولية تميل لصالح قوى المقاومة وان ضغوط منظمات حقوق الانسان على تل ابيب يمكن ان تتحول الى ازمة بالنسبة لهذا الكيان في حال اندلاع حرب جديدة في غزة.