الوقت- تدخل ثورة 14 فبراير عامها الخامس على التوالي في ظل اصرار الشعب البحريني الصبور والصامد على نيل حقوقه رغم الإجراءات الخليفية القمعية من قتل وقمع وإعتقال وسحب للجنسيات. الذكرى الرابعة لثورة سلمية منقطعة النظير من شعب رفع شعار "ستعجزون ولن نعجز"، جاءت هذا العام بنكهة جديدة تحت عنوان العصيان المدني و"إضراب الإباء".
إنطلقت صباح اليوم في البحرين تظاهرات في الذكرى الرابعة لانطلاق الثورة بالتزامن مع استمرار اضراب الإباء الذي دعت اليه قوى الثورة لليوم الثالث على التوالي. في هذا السياق كشفت قوى المعارضة البحرينية عن جزء من خطوات العصيان المدني المرتقب من 12 حتى 14 من الشهر الجاري، وشددت فيه على ضرورة إغلاق المحال التجارية والامتناع عن التبضع والشراء ووقف التزود بالبنزين ومشتقاته وإخلاء الشوارع العامة من السيارات والمركبات، إضافة إلى إطفاء الأنوار الخارجية للمنازل فضلاً عن قطع الشوارع العامة والتقاطعات الرئيسية في كافة أرجاء البلاد، معزّزة بصيحات التكبير والمشاركة الشعبية في الساحات والميادين على مدى ثلاثة أيام ليكون التصعيد متمثلاً بعدم الذهاب إلى الوظائف والمدارس والجامعات ووقف جميع المعاملات الحكومية والمصرفية والتجارية.
وكانت العديد من مدن البحرين وبلداتها، قد شهدت العديد من التظاهرات التي أعلنت خلالها جماهير الشعب البحرينيّ جهوزيّتها للمشاركة في إضراب الإباء، وخوض غمار الاستحقاق المرتقب في الذكرى السنويّة الرابعة لانطلاق الثورة.
ميدانياً واصلت القوات الخليفية التي إعتمدت سياسة قطع الطرق وعزل المناطق، قمعها للمتظاهرين، واعتقلت عدداً منهم في بلدة الديه والسنابس والمنامة وسترة وغيرها، مستخدمةً مختلف أنواع الأسلحة.
إلى ذلك، قال ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير، إنّ استحقاق «إضراب الإباء» الذي سيتزامن مع إحياء الذكرى الرابعة للثورة البحرينيّة، سيُشكّل علامةً فارقة في نوعيّة الحراك الثوريّ في البحرين، وسيشلّ شوارع البحرين بشكلٍ واسع.
وصرحت القوى الثورية صاحبة الدعوة لإحياء ذكرى 14 فبراير/ شباط هذا العام، بأن إصابات المحتجين "تناهز 300 إصابة بين خطيرة ومتوسطة".
وعرضت أرقاماً قالت إنها "إحصائيات يوم ونصف من إضراب الآباء"، وقد شملت "قطع أكثر من 430 طريق عام وداخلي" و"اقتحام قوات الأمن أكثر من 23 بيتاً" و"اعتقال أكثر من 17 شخصاً" و"خروج أكثر من 66 مسيرة في مختلف المناطق".
أمين عام الوفاق البحرينية المعارضة الشيخ علي سلمان، من سجنه، حيّا الشعب البحريني مباركاً ذكرى انطلاق الحراك الشعبي في 14 شباط/فبراير 2011، مطالباً بالاستمرار في حراكه متمسكاً بالسلمية وبالمطالب التي خرج للمطالبة بها.
وقال الشيخ علي سلمان، في رسالة وجهها من سجنه: "استمروا في حراككم وتمسكوا بسلميتكم وحافظوا على انفسكم والأموال الخاصة والعامة كما عهدناكم ".
وخاطب أمين عام الوفاق المتضامنين معه بألا ينسوا "بقية المعتقلين" من كل تحركاتهم. وشدد على ضرورة التأكيد على مطالب الحراك الشعبي، وقال: "لا تنسوا مطلبنا الأساس في انتخاب حكومتنا بطريقة ديمقراطية سليمة".
وفي تأكيده على المطالبة بنظام انتخابي عادل، أضاف: "إن الانتخابات التي نريد تقوم على أساس المساواة التامة في ثقل الصوت الانتخابي و تابع الشيخ علي سلمان "وأنتم تطالبون بالافراج عن السجناء لا تغيب المطالب عن كل تحركاتكم ولا يتقدم عليها أي مطلب آخر.
ثم خاطب الشعب البحريني بالقول: "أحيي شعبنا العظيم وأبارك لكم ذكرى الإنطلاق في 14 فبراير المجيدة"، مضيفاً: "لقد أخجلتموني بموقفكم النبيل من اعتقالي، وقمتم بما هو فوق الواجب، وإني لممتن لكم على مواقفكم".
وطمأن أمين عام الوفاق، كبرى الجمعيات المعارضة في البحرين، محبيه بالقول: "ما وجدت إلا جميلا ، وأشعر بالسكينة والطمأنينة تغمر قلبي بفضل الله سبحانه وتعالى".
آية الله الشيخ عيسى قاسم والعلامة السيد عبد الله الغريفي، أكبر مرجعيتين في المملكة، عبّرا في بيان مشترك عن أسفهما لاستمرار المشاكل المتراكمة في البحرين، واتساعها على مدى طويل، معتبرَيْن أن استعصاء الأزمة السياسية في البحرين على الحلّ لا يعود إلى صعوبتها، إنما لفقد السلطة إرادة التغيير الإصلاحي الملحّ والضروري لإنقاذ الوطن وتخليصه من سائر الأزمات التي تعصف به وتقلق أبناءه، وتهدّ من بنيته".
وأضاف البيان أن "الوضع في البحرين على تأزّمه؛ لا يبلغ في ما وصل إليه ما كانت عليه ولا زالت؛ الأوضاع في بلاد الحراك العربي في البلدان الأخرى، التي أخذت صوراً مرعبة من التمزق والإرهاب والاقتتال من كل من طرفي المعارضة والسلطة"، مؤكدا أن "الحل لمشكلة هذا الوطن ليس متعسِّراً أو بعيداً لو توفرت إرادة الإصلاح عند السلطة".
وتابع الشيخ قاسم والسيد الغريفي في بيانهما أن "الحراك الشعبي قائم على الضرورة والحاجات الفعلية القائمة، ومع بلوغ الثورة ذكراها الرابعة، الأوضاع لا تزداد إلّا سوءً وتدهوراً، حتى غدا المواطن مهدداً في أي لحظة بفقد الجنسية، وسحب الاعتراف بحق المواطنة الذي هو من أبده الحقوق، ومن غير وجه حق، في حين أن بلداناً من بلدان الحراك العربي التي سالت الدماء الغزيرة من أطراف الصراع فيها تبحث عن حل لصراعها عن طريق الحوار؛ نجد البحرين على العكس، حيث توصد السلطة كلّ أبواب الحوار، وتلغي فرصها".
بيان الشيخ قاسم والسيد الغريفي أعاد التأكيد على أن "لا مخرج للوطن إلى شاطئ الأمان في إرهاب السلطة ولافي عنف الشعب، وأن كل ذلك إنما هو تأزيم وسوء للوضع وخسارة للوطن".
من جانبه قال رئيس المجلس الإسلاميّ العلمائيّ السيد مجيد المشعل، إنّ الثورة البحرينيّة التي تكمل عامها الرابع ، مُستعدّة لأربع سنوات أخرى، مؤكّدًا أنّ المواطنين لن يعودوا لمنازلهم من دون تحقيق مطالبهم العادلة، وأنّ شعب البحرين مُستعدٌّ لسنواتٍ أربع أخرى دون أن يتراجع في مطالبه.
وأكّد خلال مشاركته بالتظاهرات أنّ الجماهير ستبقى وفيّة للرموز السياسيّة والدينيّة المعتقلة والشيخ علي سلمان، موضحًا أنّه رغم عشرات الشهداء وآلاف الاعتقالات والجرحى سيُكمل الشعب مسيرته، مُردِّدًا «لن تعجز ولن تنكسر».
اذاً، تحافظ الثورة البحرينية المظلومة بعد مرور أربع أعوام على زخمها وسلميتها التي أراد النظام الخليفي سلبها عبر مرتزقة يقومون بتفجير هنا وإعتداء مسلح هناك، لكن شعب المنامة صاحب العزيمة التي لا تلين و الإرادة الصلبة أثبت بحق مقولة أن إرادة الشعوب تنتصر، فأصحاب الكرامة والشرف لا ينكسرون أمام تهديد وإعتقال ولا يتراجعون عن النهج السلمي أمام أي سحابة صيف عابرة، بإختصار شعب البحرين الصامد: إرادة لن تنكسر وعزم لا يلين.