الوقت- قبل الخوض في تفاصيل دور ايران الواضح في تضييق الخناق على تنظيم داعش الارهابي وباقي الجماعات الارهابية في المنطقة لابد من إلقاء نظرة سريعة على الدور الذي لعبته دول اخرى في نشوء هذه الجماعات وعلى رأسها اميركا وحلفائها الغربيين وبعض بلدان المنطقة وفي مقدمتها تركيا والسعودية وقطر والاردن.
فأميركا اعترفت على لسان العديد من مسؤوليها بتأسيس داعش خلال سنوات احتلالها المباشر للعراق بين عامي 2003 و2011 وهو ما اكدته وزيرة خارجيتها السابقة هيلاري كلينتون قبل نحو عام . وكذلك الحال بالنسبة للاطراف الاخرى كالأردن الذي يحتضن أكبر قاعدة للمخابرات المركزية الامريكية التي تقوم بجمع وتدريب العناصر الارهابية وارسالها الى سوريا والعراق لتنفيذ عمليات ارهابية في هذين البلدين وبلدان اخرى في المنطقة من بينها لبنان.
وبعد ان عجزت الجماعات الارهابية كـ " جبهة النصرة " وما يسمى بـ "الجيش الحر" في تحقيق اهدافها في سوريا وفي طليعتها اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد كهدف استراتيجي كانت تسعى له الادارة الامريكية والدول الغربية الحليفة لها كبريطانيا وفرنسا وبعض الدول الاقليمية كتركيا والسعودية وقطر والاردن ، اتجهت هذه الجماعات التي انبثق عنها تنظيم داعش الارهابي لتواصل اجرامها في العراق وتعد العدّة لاسقاط حكومته المنتخبة من قبل الشعب لتهيئة الارضية فيما بعد لمهاجمة دول اخرى في المنطقة في مقدمتها ايران.
وتمكنت عناصر داعش بمساعدة فلول نظام البعث في العراق والمتعاونين معه في المناطق الغربية من هذا البلد من احتلال اجزاء كبيرة في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى وكاد هذا التنظيم الارهابي أن يصل الى بغداد لولا الفتوى الجهادية التي اطلقتها المرجعية الدينية واستجابة الحشد الشعبي لهذه الفتوى التي لعبت دوراً كبيراً في اجهاض المخطط الاجرامي الرامي الى تحويل المنطقة الى انهار من الدم وكتلة من الخراب على يد العصابات الارهابية التي قدم عناصرها من عدة دول وموّلتها دول اخرى بالسلاح والمال والمعلومات الاستخبارية وفي طليعتها اميركا وبعض الدول الغربية وعدد من دول المنطقة في مقدمتها تركيا والسعودية وقطر والاردن.
وبفضل الاجراءات الحكيمة التي اتخذتها الحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي تمكنت القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي والبيشمركة الكردية والعشائر من دحر هذا العدوان الهمجي والشرس ووقف تقدمه بعد أن حققت انتصارات باهرة على تنظيم داعش الإرهابي في مناطق كثيرة من بينها جرف النصر " جرف الصخر " جنوب العاصمة بغداد وآمرلي وطوز خورماتو والضلوعيه والدجيل وبيجي شمال العاصمة ومساحات واسعة في محافظة ديالى شرقي البلاد.
وقد سارعت ايران الى مساعدة الشعب العراقي وقواه المسلحة بكل ما اوتيت من قوة وقدمت لهم كل اشكال الدعم العسكري واللوجستي والانساني لمواجهة هذا التهديد الخطير الذي نجم عن احتلال الجماعات الارهابية للاراضي العراقية . وقد اثنى المسؤولون العراقيون على دور ايران المتميز في وقف تقدم داعش وتمكين العراقيين من تحويل الانكسار الى انتصار من خلال تقديمها مختلف انواع الدعم والمشورة العسكرية للجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي والبيشمركة والعشائر العراقية دون النظر الى انتماءاتها القومية والمذهبية والمناطقية . وقدمت ايران في هذا السبيل الكثير من ابنائها قرابين للدفاع عن العراق واهله ومقدساته وحفظ وحدته وتماسكه امام هذا التوغل البربري الوحشي الذي تنفذه العناصر الارهابية وفي مقدمتها داعش.
وقد اشاد الرئيس العراقي فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان العراق بدور ايران المؤثر والفعال في تضييق الخناق على داعش ونصرتها للشعب العراقي وقواه المسلحة للوقوف ضد داعش وباقي الجماعات الارهابية ، كما اكد الكثير من المسؤولين والمواطنين العراقيين من جميع فئات الشعب على اهمية الدور الذي تضطلع به الجمهورية الاسلامية في ايران بمساعدة بلدهم لدحر الجماعات الارهابية ، مشددين على ضرورة التنسيق والتعاون الكامل مع طهران في هذا المجال حتى تحقيق النصر النهائي والمؤزر على الارهاب الذي يهدد جميع دول المنطقة لاسيما سوريا والعراق ولبنان.
ويعتقد المراقبون ان الدور الذي تؤديه ايران في صد الهجمات الارهابية في تلك البلدان وفي عموم المنطقة لايمكن انكاره أبداً ، مؤكدين ان هذا الدور سيكون له الكلمة الفصل في دحر الارهاب في المنطقة ، مشيرين في الوقت نفسه الى وجود ادلة كثيرة على صحة هذا الاعتقاد من بينها الانتصارات المهمة والاستراتيجية التي تحققها قوات الجيش والقوات الشعبية في العراق وسوريا والمقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين بفضل الدعم اللامحدود الذي تقدمه لها ايران في كافة المجالات.
ومن جانب آخر يرى المراقبون ان ما يسمى بـ "التحالف الدولي" الذي تقوده اميركا لايمكن التعويل عليه ابداً في دحر الارهاب لانه تشكل في الاساس لتحقيق مصالح واشنطن وحلفائها الغربيين وليس من اجل انقاذ الشعب العراقي من الارهاب ، مشيرين الى ان ما تقوم به هذه الاطراف ومن بينها الضربات الجوية وسعيها لارسال قوات برية الى العراق يثير الكثير من الشكوك حول طبيعة هذا التحالف خصوصا مع وجود ادلة كثيرة على تزويد اميركا والدول الحليفة لها لداعش بالسلاح والغذاء والمعلومات الاستخبارية لمواجهة تقدم القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي الذي يقترب من الحسم وطرد الجماعات الارهابية من جميع الاراضي التي احتلتها خلال الشهور الاخيرة.
كما يؤكد المراقبون ان ما تقوم به اميركا في الوقت الحاضر ومن بينه نيتها لارسال قوات برية الى العراق يهدف في الحقيقة الى اعادة احتلالها لهذا البلد تحت ذريعة محاربة الارهاب ، مشددين على أن هذا المخطط لن يكتب له النجاح بفضل وعي ويقظة الشعب العراقي وقياداته الدينية والسياسية والعسكرية ودعم ايران المنقطع النظير لهم لتحقيق النصر النهائي والمؤزر على الارهاب ومن يقف وراءه وفي مقدمته اميركا واسرائيل وبعض الدول الغربية والاقليمة الحليفة لهما.