الوقت- حلب "المعركة الاستراتجية الكبرى" أو بوصف آخر هي "أم المعارك السورية" و التي ستبني عليها الأطراف المتنازعة الكثير الكثير. المخطّط الذي رسمته دائرة التخطيط الاستراتيجي في البنتاغون بالاشتراك مع الكيان الاسرائيلي و تركيا و السعودية و غيرهم، مخططٌ يغطّي سوريا بأكملها بدءً من مدينة حلب في الشمال السوري، مخطط اذا ما نجح تكون أمريكا و حلفائها قد حققوا انتصاراً سياسياً و عسكرياً ربما يؤثرعلى المباحثات المقبلة بين سوريا الدولة و ما يسمى ب" المعاضة السورية المعتدلة" أي المجموعات المسلحة الارهابیة.
ينقسم المخطط الأمريكي الجديد الى قسمين، القسم الأول سياسياً، و ذلك باستمرار تقديم الدعم لحكومة المعارضة برئاسة "جواد أبو حطب" و ذلك على نحو مغاير و خطير و مفهوم جديد نذكره فيما يلي، و قسم أخر عسكري و ذلك باستمرار تقديم الدعم للارهابيين في حلب و أريافها.
سياسياً
يعتقد البعض أن الدعم الأمريكي لحكومة "أبو حطب" أمر عادي، و من الطبيعي أن تقدم أمريكا المساعدات الانسانية لحكومة ما يسمى بالمعارضة السورية، لكن الخطورة في الأمر هي ما اتخذته تلك الحكومة من مواقف في الأسابيع الماضية بنقل موقع الحكومة من تركيا الى داخل الأراضي السورية، و الأخطر هو أن تكون مدينة حلب هي مركز تلك الحكومة و وزاراتها.
يقول أبو حطب:" أنه لن يدير حكومته من خارج سوريا و أنه سيديرها من الداخل" و لكنه لم يقول أين و كيف، فيما تشير المعطيات الاستخبارية الى أن أمريكا و تركيا أيدتا دعم حكومة "أبو حطب" على ان يكون مركزها في حلب. و أضاف أبو حطب أن "وزراته قد بدأت العمل في سوريا، و هي تعمل على مبدأ الأبنية المتنقلة أي كل يوم في مكان أخر كي تتفادى قصف الطائرات الروسية و السورية".
إنشاء حكومة "أبو حطب" في حلب يأتي ضمن خطة استراتجية متكاملة وضعتها أمريكا و حلفائها و ذلك بعد السيطرة على حلب كاملا، و طرد الجيش السوري و حلفائها منها، تأتي حكومة أبو حطب لتملأ الفراغ السياسي الذي سيسود المدينة بعد انتهاء المعركة، و تبدأ بعملها داخل الأراضي السورية، لكي تكسب الشرعية الدولية بأنها تمثل السوريين و الدليل على ذلك أنها موجودة ضمن الأراضي السورية. و هذا المخطط خطير اذا ما كتب له النجاح.
عسكرياً
لا يختلف اثنان على الدعم السياسي و اللوجستي العسكري الامريكي لما ما يسمى بـ"المعارضة السورية"، و تجلى هذا الدعم الأمريكي في معارك حلب و أريافها الأخيرة، حيث تلقت الجماعات المسلحة دعماً غير موصوف بالقدر و النوعية للسلاح الأمريكي من أجل قلب كفة الموازين لصالحها و وقف سلسلة الانتصارات التي حققها الجيش السوري و حلفائه في الأشهر الماضية. و تلقت المعارضة خلال فترة الهدنة التي وضعتها روسيا و أمريكا في حلب، و الذي يعتقده الكثرون من المراقبون خطاً استراتيجياً ارتكبته روسيا، دعما كبيراً وصل الى اعطاء " المعارضة السورية" في الشمال السوري أسلحة نوعية مضادات للطائرات من نوع ستينغر (100 صاروخ مضاد للطائرات) وعدداً كبيراً من الدبابات الحديثة. هذه المعطيات أكدها الكولونيل الروسي المشارك في لقاءات اللجنة الدولية "زورين"، حيث قدم وثائق وصور عن الدبابات الحديثة التي وصلت الى الجيش الحر و جبهة النصرة، مؤكداً أن هذه المعدات الحديثة والخطيرة التي وصلت إلى شمال سوريا هي من "دولة كبيرة على الحدود الشمالية لسوريا".
و ما يؤكد هذا الامر أيضا، هو الهجمات السريعة التي تُشنها الجماعات المسلحة ضد الجيش السوري وحلفائه في ريف حلب الجنوبي، حيث قامت أمريكا بزُج آلاف المسلحين عبر الحدود التركية و قدمت لهم المساعدات التسليحية و النوعي بحسب ما تؤكد التقارير الاعلامية، ورغم ذلك لم يستطع هؤلاء من احراز سوى بعض التقدم المحدود قياساً بحجم الهجمة، فيما تكبدت الجماعات المسلحة خسائر فادحة ناهزت الستمائة قتيل (عشرات منهم مسؤولون ميدانيون) ناهيك عن نحو الف جريح وعشرات الاليات والدبابات…الخ.
اذا، بنائاً على ما تقدم، يبدو المخطط الأمريكي متكامل هذه المرة، سياسياً و عسكرياً من أجل الانقضاض على حلب و جوارها، و لكن في الطرف المقابل، يبدو ان الجيش السوري وحلفاءه عازمون أيضاً و أكثر من أي وقت مضى على إفشال المخططات الجديدة للمسلحين و رعاتهم تأكيداً لما اعلنه سماحة الامين العام لحزب الله السيد "حسن نصرالله" وقوله ان "القتال دفاعاً عن حلب هو دفاع عن بقية سوريا، وهو دفاع عن دمشق، وهو دفاع أيضاً عن لبنان، وهو دفاع عن العراق، وهو دفاع عن الأردن".