الوقت- لم تنته مهلة الايام الثلاثة بعد، المهلة التي حددها "انصار الله" وحلفائهم للسلطة للخروج من الازمة اليمنية السياسية الحالية. مهلة الايام الثلاثة هذه لم تظهر عن عبث سياسي حوثي، بل عن مؤتمر استمر ثلاثة ايام ناقش فيه المجتمعون الاوضاع السياسية الراهنة. وطوال الايام لم تتوقف حركات الاحتجاج اليمنية في العاصمة صنعاء والمدن كافة التي يقوم بها الشعب اليمني، دعما لما خرج عن المؤتمر الشعبي. لكن اللافت في الامر ان الغرب لم يكن داعما للارادة الشعبية بل على العكس كانت السياسة الخارجية خنجرا في خاصرة الارادة اليمنية. فهل الهدف الخارجي الغربي العودة الى الحكم اليمني القديم؟ ام ان الارادة اليمنية التي تبعد عن الاهداف الغربية محكوم عليها بالاعدام؟
ثلاثة ايام للخروج من الازمة
عقد المؤتمر الوطني اليمني برعاية حركة أنصارالله، سعيا لقرار يخرج البلاد من الازمة الرئاسية الحالية. وقد شارك فيه أحزاب وقبائل من كافة أنحاء الدولة إضافة إلى عدد من القيادات العسكرية والأمنية.
القوى الوطنية المشاركة في المؤتمر اجتمعت لمدة ثلاثة أيام للخروج بحل يسد الفراغ، و في الختام حذر المؤتمرون في البيان الختامي أن هناك أطراف سياسية في اليمن تعرقل تنفيذ اتفاق السلم والشراكة، مؤكدين أنهم سيفوضون اللجان الثورية ترتيب أوضاع السلطة للخروج بالبلد من الوضع الراهن بعد انتهاء المهلة المحددة بثلاثة أيام.
وقد بين البيان أن قوى سياسية عملت على إضعاف وتمزيق المؤسسة العسكرية والأمنية وصولا باليمن إلى حالة الانهيار. مؤكدا أنهم لم يمنحوا للشعب اليمني فرصة تصليح الأوضاع الفاسدة. وأشار البيان إلى أن الشعب اليمني حمل على عاتقه المسؤولية وقطع الطريق أمام الفاسدين، فيما أكد أن المؤتمر الوطني جمع كافة أطياف ومكونات الشعب اليمني. وقد أوضح البيان أن بعض الأطراف في اليمن دعمت التكفيريين وصولا لاستقالة الرئيس هادي بغرض المناورة.
البيان شدد ايضا على رفض التدخلات الخارجية التي تستهدف أمن اليمن واستقراره، مؤكدا على ضرورة الاصطفاف الشامل في مواجهة الجماعات التكفيرية في اليمن. كما أكد البيان الختامي للمؤتمر على ضرورة الإسراع في حل القضية الجنوبية بشكل عادل، مثمنا بالدور المشرف للقوات المسلحة اليمنية في حماية الوطن من انزلاقه نحو الفوضى. ودعى المؤتمر الوطني في بيانه الختامي القوى الإقليمية والدولية، إلى تقدير الشعب اليمني الذي يسعى لعلاقات طيبة مع جيرانه على أساس الاحترام المتبادل.
الشعب يرد التقدير بالدعم
مهلة الايام الثلاثة نالت اعجاب الشعب اليمني الذي اعتبر المؤتمر الوطني يمثل قراره الشخصي. و قد اكد ذلك بيان مسيرة تأييد لمقررات المؤتمر الوطني الموسع دعم عبره الثوار كل مقررات المؤتمر لبناء يمن خال من الفساد والارتهان.
المسيرات الحاشدة التي انطلقت في العاصمة اليمنية صنعاء، فقد دعت قوى الثورة وحركة انصار الله لتظاهرات شعبية سلمية تاييدا ودعما لمقررات المؤتمر الوطني الموسع. و اتجه المتظاهرون من ساحة التغيير وسط صنعاء وجابوا شوارع العاصمة كافة.
واعلن منظمو التظاهرة أن هدفها التاكيد على استمرار ثورة الشعب اليمني ورفضه لمحاولة القوى الخارجية والداخلية تأزيم الاوضاع والضغط على اليمنيين.
ردة الفعل الغربية
بعد تقديم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته ورفضها من قبل البرلمان سارعت الدول الغربية وفي مقدمتها اميركا وبريطانيا الى مطالبة مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة مغلقة لبحث تطورات الاوضاع في هذا البلد. ويرى المراقبون أن مجلس الأمن قد يصدر قرارا في نهاية الجلسة ضد حركة انصار الله يقضي بفرض ما اسموه عقوبات على الحركة ودعوتها إلى سحب قواتها من المدن والمناطق التي تحت سيطرتها ومن بينها العاصمة صنعاء وتفكيك نقاط التفتيش التي أقامتها في هذه المناطق وما حولها. وقد تشمل هذه العقوبات بحسب ما يقوله المراقبين، تجميد مصادر تمويل الحركة ومنع كافة الدول الاعضاء في الامم المتحدة من منح تأشيرات دخول لقادتها وفي مقدمتهم زعيم الحركة عبد الملك الحوثي.
مطالبة مجلس الامن للوقوف بوجه انصار الله لم تكن الاولى من التدخل الخارجي ضد المصالح اليمنية ولم تكن الحركة الوحيدة التي يقوم بها الغرب على حد سواء للوقوف بوجه الارادة الشعبية اليمنية. فقد اعلنت السفارة الاميركية في صنعاء في بيان لها منذ ايام انها ستغلق ابوابها امام العموم حتى اشعار آخر. و لفت البيان الموجه الى الرعايا الاميركيين في اليمن الى انه بسبب الاستقالة الاخيرة للرئيس ولرئيس الحكومة وللحكومة اليمنية، والمشاكل الامنية القائمة، لم تعد السفارة قادرة على تقديم الخدمات القنصلية الاعتيادية، كما ان قدراتها على تقديم المساعدة للمواطنين الاميركيين في حالات طارئة باتت محدودة للغاية.
السعودية ايضا لها دورها في الضغط على الارادة اليمنية، فلطالما اعتبرت السعودية اليمن حديقة خلفية لها، تملي السياسات على حكامه منذ عقود. ولا تخفى التدخلات السعودية الساعية الى افشال ثورة الشعب اليمني خلال السنوات الـ ۴ الماضية عبر ما يسمى بمبادرة دول مجلس التعاون. وللسعودية ايضا مارب كثيرة في اليمن، تتمثل بالاستحواذ على مناطق يمنية غنية بالنفط، وتستغل الرياض الحالة القبلية في اليمن من أجل شراء الذمم عبر صرف الاموال الطائلة والدعم التسليحي لقبائل يمنية.
حركة انصار الله اذا وبالرغم من الدعم الشعبي لها، لم تلقى يوما ترحيبا من العرب و الغرب على حد سواء بل لطالما واجهتها نعرات و ضربات خارجية لتدمير الارادة الشعبية اليمنية، منعا لوصول الشعب الرافض للفساد لاستلام القدرة اليمنية. لكن وبالرغم من التدخل الخارجي الممانع للحريات لم يستطع احد حتى اليوم من القضاء على الارادة اليمنية بالتحرر و الاصلاح فهل تنته الايام الثلاث تاركة القرار بيد الثوار؟ ايام قليلة تفصلنا عن الاجابة....