الوقت- لم يمنع الدعم الأمريكي اللامحدود للعدوان السعودي على اليمن، واشنطن من إتخاذ خطوات جديد تهدف لتبرئة الإدارة الأمريكية من دماء اليمنيين من ناحية، وإنزال السعودية عن الشجرة اليمنية من ناحية آخرى. واشنطن التي كانت الغطاء السياسي الأبرز للعدوان السعودي على اليمن، فضلاً عن الدعم الإسخباراتي واللوجستي من خلال صفقات السلاح، إتخذت خطوات جديدة تعكس توجّه أمريكي مختلف، في الظاهر على الأقل، لما شاهدناه خلال عام ونيّف من العدوان.
فقد أوضحت مجلة فورين بوليسي الامريكية "إن البيت الأبيض، المحبط من تنامي حصيلة القتلى في اليمن، جمد بيع القنابل العنقودية إلى السعودية"
واعتبرت المجلة الأمريكية في تقرير لها، قرار تجميد مبيعات القنابل العنقودية للسعودية "أول خطوة ملموسة تتخذها الولايات المتحدة لإثبات عدم ارتياحها من حملة القصف السعودية في اليمن التي يقول نشطاء حقوق الإنسان إنها قتلت وجرحت المئات من المدنيين، وبينهم العديد من الأطفال".
كما تأتي هذه الخطوة، حسب المجلة، بعد "انتقادات متزايدة من قبل المشرعين الأمريكيين إزاء دعم أمريكا للمملكة، الغنية بالنفط، في الصراع الدموي الذي تخوضه في اليمن منذ أكثر من عام".
وخلال الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، باعت أمريكا أسلحة، ووفرت لقواتها التدريب ومعلومات الاستهداف، وزودت مقاتلاتها بالوقود عبر الجو، كما باعت، أيضا، للرياض قنابل عنقودية بملايين الدولارات خلال السنوات الأخيرة. وردا على سؤال عن تجميد شحنات القنابل العنقودية للسعودية، لفت مسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى تقارير تفيد بأن قوات "التحالف العربي"، الذي تقوده السعودية في اليمن، استخدمت القنابل العنقودية "في مناطق يُزعم أن مدنيين كانوا موجودين فيها أو بالقرب منها".
المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أضاف: "نأخذ هذه المخاوف على محمل الجد، ونسعى للحصول على معلومات إضافية". وحسب فورين بوليسي، يسري قرار تجميد شحنات القنابل العنقودية للسعودية على القنابل من نوع “CBU-105″، التي تنتجها شركة “تكسترون للأنظمة”، ومقرها أمريكا.
ووفقا لمنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ألقت القوات، التي تقودها السعودية، قنابل عنقودية من نوع “CBU-105” على مواقع عديدة في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك محافظة عمران، ومديرية سنحان (بمحافظة صنعاء)، وتحتوي القنابل العنقودية على قنابل صغيرة تتناثر على نطاق واسع، وتقتل أو تصيب بلا تمييز. وأحيانا، لا تنفجر هذه القنابل الصغيرة على الفور، ويمكن أن تقتل مدنيين بعد مضي أشهر أو حتى سنوات.
من جانبه، قال "سونجيف بيري"، من منظمة العفو الدولية: "أي خطوة نحو إنهاء إنتاج وبيع الذخائر القنابل العنقودية من قبل حكومة الولايات المتحدة تعتبر شيئا جيدا، لكن لا يزال هناك الكثير الذي ينبغي عمله".
وأضاف أن منظمته سعت، دون جدوى، لمنع بيع قنابل ذكية إلى الرياض بقيمة 1.3 مليار دولار، لكن العقد تم التصديق عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويبقى من غير الواضح ما إذا تجميد إدارة أوباما بيع القنابل العنقودية سيطال شحنة القنابل التي تستعد لإرسالها إلى السعودية، أو ببساطة كافة الطلبات المستقبلية.
بريطانيا تبيع كميات قياسية من الأسلحة إلى السعودية
في السياق ذاته، كشفت صحيفة "الجارديان" أن بريطانيا تبيع كميات من الأسلحة قياسية تشمل صواريخ وقنابل وقنابل يدوية إلى بلاد تدرجها وزارة الخارجية البريطانية بأنها تحوي سجلا مريبا في مجال حقوق الإنسان.
ومن بين تلك الدول التي تستورد أسلحة من بريطانيا أنظمة متهمة بجرائم حرب أو قمع احتجاجات شعبية.
أكثر من 3 مليار من الأسلحة المصنعة بريطانيا صدرت للخارج لأكثر من 21 دولة من بين 30 دولة تصنف الأسوأ في احترام حقوق الإنسان في عامي 2014 و2015.
وتنتظر بريطانيا قرار المحكمة المتعلق بقانونية تصدير الأسلحة إلى تلك الدول من بينها دول عربية والمالديف وبوروندي.
هذا وحذرت منظمة العفو الدولية من خطر القنابل العنقودية التي ألقاها تحالف العدوان السعودي على المدنيين في اليمن، مؤكدة أنها حوّلت شمالي البلاد الى حقول ألغام.
وقالت المنظمة إنّ الأطفال والمدنيين يقتلون ويشوّهون جراء القنابل العنقودية غير المنفجرة، وطالبت تحالف العدوان بوقف استخدام هذه الذخائر والمجتمع الدولي بالمساعدة على تنظيف المناطق التي سقطت فيها. واكدت المنظمة أنّ العائلات العائدة الى منازلها شمالي اليمن في خطر شديد من التعرض لاصابات خطرة او الموت جراء آلاف الذخائر العنقودية غير المنفجرة، مشيرة الى أنها عثرت في مهمتها الاخيرة على قنابل عنقودية مصنّعة في اميركا وبريطانيا والبرازيل استخدمت من قبل السعودية.
يبدو أن بريطانيا تسير على خطى واشنطن للإنسحاب التدريجي من خلف الرياض في العدوان على اليمن، ولعل هذا الإنسحاب يكون مقدّمة لخطوات أكبر تستهدف الرياض التي فشلت في هذا العدوان من ناحية، وتسعى لتبرئة هذه الدول من دماء اليمنيين من ناحية آخرى. وبصرف النظر عما تسعى إليه واشنطن أو لندن أو غيرها من الدول، إن جميع الدول التي شاطرت السعودية عسكريا وأمنيا وسياسياً أو إعلامياً حتى، تتحمل مسؤولية دماء من الشهداء اليمنيين الذين أريقت دمائهم بقرار سعودي وأسلحة أمريكية.