الوقت- استعدادات الجيش العراقي لإطلاق عملية عسكرية لاستعادة مدينة الفلوجة و التي تعتبر واحدة من أهم قلاع تنظيم داعش في محافظة الأنبار، ورغم أن السياق كان واضحا ومباشرا من قبل وزير الدفاع العراقي الذي صرح بالمعلومة ضمن حديث إعلامي له، يبدو أن الحديث عن الفلوجة في هذا التوقيت لم يرق لعدة أطراف داخلية وخارجية، من بينها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والذي اعتبر مدينة الموصل أولوية ذات سبق على مدينة الفلوجة، أما في الأهمية الإستراتيجية لهذه المنطقة فهي تكمن في عوامل عدة مهمة نطرحها في التالي.
الأهمية الإستراتيجية
تقترب مدينة الفلوجة المحتلة من داعش من عامها الثاني تحت حصار تفرضه القوات الحكومية و الحشد الشعبي، بغرض القضاء على مجموعات داعش فيها والتي تواترت الأنباء عن احتجازها المدنيين كدروع بشرية بعد أن طالبت القوات العسكرية المدنيين بالخروج من المدينة.
من الناحية الجغرافية تبعد الفلوجة 60 كلم غرب العاصمة العراقية بغداد و 36 كلم تفصلها عن مدينة الرمادي التي تعتبر مركز محافظة الانبار، و تقع قرب الطريق الرئيس الذي يربط العراق بعدة دول مجاورة هي الأردن و سوريا، و تحدّها من الشرق منطقة النعيمة و من الغرب مناطق الحلافسة و البوعلوان و الفلاحات، أما من الشمال فتحدها منطقة الكرمة و ذراع دجلة و من الجنوب منطقة عامرية الفلوجة كما تمتد إلى كربلاء و مدينة الحلّة.
و في الأهمية الإستراتيجية غير توسطها الجغرافي للعديد من المناطق المهمة و التي ذكرناها أعلاه تأتي في مقومات عديدة أبرزها:
1. كونها تشكل نقطة انطلاق للعمليات العسكرية في قلب مناطق داعش، و هذا يشكل عامل ضغط و يضيف حيوية في الحركة و السرعة في الوصول لمناطق إضافية و التي ستكتسبها القوات العراقية في حال تحرير الفلوجة.
2. كونها ثاني أكبر مدن الأنبار بعد الرمادي، و هذا عامل إضافي يعطيها أهمية من حيث المساحة و تقليص نفوذ الإرهاب على مساحات كبيرة في العراق ما يحد من حركته و قدرته على التواصل في ما بين فصائله و يمنعه من الوصول إلى مناطق عراقية اضافية.
3. يقطنها نحو نصف مليون نسمة من العراقيين، و هو عدد كبير من المواطنين الذين يرزحون تحت عبء كبير من الضغوط و الإرهاب الأمر الذي يشكل عامل ضغط إضافي على الحكومة العراقية لتحريرهم، فضلاً عن ان تحرير المنطقة سيسمح لعدد لا يستهان به من النازحيين بالعودة إلى ديارهم في الفلوجة ما يخفف العبء عن الحكومة في بغداد و المناطق التي نُزح إليها.
4. قربها من العاصمة العراقية بغداد، و اعتبارها ممراً أساسياً للمفخخات و سيارات الموت التي كانت ترسل للعاصمة و محيطها و خصوصاً في الفترة الأخيرة و التي ضربت مدينة الصدر القريبة من الفلوجة التي تقع في ضواحي بغداد ما يعد إنجازاً أمنياً كبيراً.
5. يوجد فيها و في محيطها قواعد عسكرية مهمة كالحبانية و البغدادي و الوليد و التي يمكن استعمالها كنقاط انطلاق استراتيجية متقدمة للعمليات العسكرية للقوات العراقية في عملياتها اللاحقة في الأنبار و غيرها.
الإستعدادات للعملية تمت بشكل كامل بعد تأمين الشريط الحدودي الذي يربط الأردن بالعراق إضافة إلى ان قتل القائد العسكرية لعمليات الفلوجة في داعش بإحدى الغارات الجوية في هذا التوقيت في الذات يشكل ضربة قوية للتنظيم الإرهابي، إضافة لاستكمال التجهيزات اللوجستية و العسكرية اللازمة و الحصول على قرار سياسي و شعبي داعم للعملية، كل هذه الإستعدادات العسكرية و غيرها و العراق و العالم بانتظار ساعة الصفر للبدء بتحرير المنطقة الأولى التي استولى عيلها داعش في العراق.
هذا و يجدر الإشارة إلى أن الرئيس "العبادي" أعلن عدم مشاركة قوات الحشد الشعبي في عمليات تحرير الفلوجة التي تقع في محافظة الأنبار ذو الأكثرية السنيّة و التي عملت دولاً عدة في المنطقة بوسائل إعلامها و حملاتها لخلق حساسية غير مبررة من تدخل الحشد الشعبي في أي عمليات في مثل هذه المناطق بحجّة الحساسيات الطائفية و الإثنية و غيرها، رغم أن تدخل قوات الحشد الشعبي سرّع في تحرير العديد من المناطق كالرمادي و غيرها.
فهل ستنطلق معركة الفلوجة الآن أم أن الخلافات السياسية والخارجية ستؤجلها مجددا؟ ولماذا تدعم واشنطن العبادي سرا وجهرا، وتخالفه في الميدان؟ نترك السؤال للأيام القادمة أو الساعات القادمة لنرى ساعة الصفر هذه إن كانت ستحلّ فرجاً على العراقيين ككل من سكان الفلوجة خاصة أم أن للضغوط الداخلية و الخارجية كلام آخر؟