الوقت- بعيداً عن الأسف الذي أبداه وزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه يعلون، بالأمس خلال بيان استقالته من الحكومة والكنيست "البرلمان"، وبعيداً عن سعي نتنياهو لتوسيع ائتلافه الحكومي، الذى أضحى الأكثر يمينية، أو تطرفاً، في تاريخ إسرائيل، لاقى تعيين الأخير للقومي المتطرف أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، ووزيرالخارجية السابق في حقبة الدفاع ردود أفعال واسعة في الداخل الإسرائيلي وخارجه.
نجح ليبرمان الذي بدأ مسيرته السياسية كمدير عام لمكتب رئيس الوزراء خلال ولاية نتنياهو الأولى عام 1996 في الصعود سريعاً على سلّم السياسة الإسرائيلية حيث أسس حزب المهاجرين بعد خلافه مع نتنياهو وطمح في قيادة اليمين المتشدّد، وتولى منصب وزارة الخارجية ما بين العامين 2009 و2015، وها هو اليوم يعتلي رأس الهرم العسكري في الكيان الإسرائيلي رغم أنه لم يتولَ قطّ منصباً رفيعاً في الجيش، وليس من الواضح بتاتاً كيف سيتماشى مع كبار ضباط "الجيش الإسرائيلي".
من يعرف ليبرمان وطموحاته يدرك جيّداً أنه يطمح لقيادة اليمين ورئاسة الوزراء في إسرائيل، ويتّسم بالبراغماتية التي تعجل منه رجلاً عسكرياً في الدفاع ودبلوماسيّاً، إلى حدّ ما، في الخارجية، ولعل هذا ما يفسّر الواقعية الأكبر التي أظهرها خلال توليه حقبة الخارجية حينما أشار علنا إلى أنه لا بد لإسرائيل من إطلاق أفكار السلام الخاصة بها وإلا فسيتخذ الآخرون المبادرات الخاصة بهم.
متطرف مثل ليبرمان، والذي استقال من منصبه كوزير للخارجية، احتجاجا على ما اعتبره فشلا من جانب نتنياهو في "محو حماس" في غزة وبناء المزيد من المستوطنات في القدس والضفة الغربية، لا يمكن أن يحمل في جعبته سوى المزيد من الحروب، ولن يتورع عن ارتكاب حماقات تدخل المنطقة في جولة جديدة من الصراعات الدموية، بإعتبار أنه سيحاول إثبات نفسه في وزارة الدفاع، ما يعني أنه سيستخدم مزيداً من التطرف والتهوّر والقوّة المفرطة ضد الفلسطينيين، فخلال حرب غزة عام 2014، كان الوزير الوحيد الذي دعا علناً إلى إعادة الاحتلال الإسرائيلي الكامل لتلك الأراضي، فضلاً عن تهديده بنسف سد أسوان حال نشوب حرب مع مصر.
ردود الأفعال الإسرائيلية
إنضمام حزب "إسرائيل بيتنا" للائتلاف الحكومي، وتعيين ليبرمان الشخصية المكروهة لدى الفلسطينيين، والمعروف بمواقفه وتصريحاته العنصرية المتطرفة ضد المواطنين العرب والنواب العرب، لاقى إعتراضاً واسعا في الشارع الإسرائيلي حيث إعتبر يعلون والعديد من الجنرالات والمحللين السياسيين والعسكريين والناشطين الحزبيين، الأمر انحرافاً خطير في أعلى هرم المؤسسة العسكرية والحكومة الإسرائيلية، لا يقاس بالخطر الذي شكّله تولي تولي مناحيم بيغن رئاسة الوزراء عام 1977، أو تعيين أرئيل شارون وزيراً للدفاع 1977-1983.
باراك: النزعة الفشيّة تعزّزت داخل الحكومة الإسرائيلية
رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق إيهود باراك، أكّد، اليوم السبت، أن حكومة بنيامين نتنياهو تعاني أزمة حقيقية بعد استقالة وزير الحرب موشيه يعلون.
ووفقاً للقناة العاشرة الإسرائيلية قال باراك: "استقالة يعلون يجب أن تدق ناقوس الخطر داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن الاستقالة ستعزز النزعة الفاشية داخل الحكومة.
ويأمل باراك، ألا تدفع "إسرائيل" ثمناً باهظاً لتولي رئيس حزب “إسرائيل” بيتنا المتطرف أفغدور ليبرمان حقيبة وزير الحرب بديلاً عن يعلون.
في السياق ذاته، علقت وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة عضو الكنيست تسيبي ليفني على تعيين ليبرمان في منصب وزير الدفاع بحكومة نتنياهو، بأنه في الوقت الذي اقترح فيه الرئيس السيسي مبادرة للسلام مع الفلسطينيين، نتنياهو قام بوضع إصبعه في عينيه بتعيين ليبرمان في هذا المنصب.
سياسات نتنياهو المجنونة ستدفعني الى الرحيل عن هذه البلاد
إلى ذلك، وفي تصريح هو الأقسى من نوعه قال المراسل العسكري والمحلل في القناة الثانية روني دانيئيل بالأمس خلال برنامج " ستديو الجمعة "وتحدث " أنه خاض حروباً كثيرة ولم يتردد لأي أمر عسكري ".
وأضاف:" هذه المرة الأولى في حياتي ليس لدي ثقة بأن يبقى أبنائي هنا في هذه الدولة بسبب الأعيب السياسية ".
وقد أثار نقاشه عاصفة في الوسط الإسرائيلي ، والتي كانت الأولى من نوعها على لسان كبار المحللين والضباط عبر وسائل الإعلام .
ليفي: خطر الفاشيّة بات حقيقياً
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي جدعون ليفي، المحسوب على اليسار، من بين الذين حذروا من تولي ليبرمان حقيبة وزارة الدفاع، أن عرض هذه الحقيبة على ليبرمان بمثابة "رفع راية سوداء لم يرفع مثلها من قبل، وتجاوز خط أحمر لم يجر تخطيه سابقاً..".
وأضاف: "إنه اقتراح غير شرعي، لأن ليبرمان شخصية لا تمتلك أي شرعية، على الرغم من أنه انتُخب عضو كنيست في انتخابات ديمقراطية، ولأول مرة في تاريخ إسرائيل أصبح خطر الفاشية خطراً حقيقياً، لا بل محدقاً."
ليبرمان على شاكلة ترامب
في السياق ذاته، كتب المحلل الإسرائيلي دان مارغليت في صحيفة "إسرائيل اليوم" مقال عنوانه تعيين ليبرمان - خطأ فادح".
وأوضح مارغليتأن نتنياهو وضع بين يدي ليبرمان أكثر جهاز حساس في الدولة. لم تختلف الأجواء كثيراً في صحيفة "هآرتس" حيث كتب المحلل السياسي الإسرائيلي عاموس هرئيل : إن تعيين ليبرمان على رأس الجهاز العسكري يُشبه تمامًا الشكل الذي يُنظر به إلى فوز دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية للرئاسة من قبل الحزب الجمهوري في أمريكا"
نتنياهو يُعرض الأمن القومي للخطر
من جانبه، قال المُحلل رون بن يشاي: "يُعرض نتنياهو الأمن القومي للخطر" مضيفا "إن العزل المتوقع لوزير الدفاع موشيه (بوجي) يعلون وتعيين نائب الكنيست أفيغدور ليبرمان ليشغل منصبه هو خطوة عديمة المسؤولية يتخذها رئيس الحكومة. يُعرّض نتنياهو أمننا القومي بشكل كبير جدًا، وذلك لاعتبارات سياسية وخضوعًا لرغبة التيار اليميني القومي المُتطرف في حزبه فقط. تعيين ليبرمان بدلا من موشيه يعلون هو أيضًا تصرف غير أخلاقي".
النائب بيغن: أمر جنوني
إلى ذلك، انتقد النائب الليكودي بيني بيغن بشدة فكرة تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع، فقال انه تنطوي على عدم المسؤولية وانه "امر جنوني".
من جهة اخرى رحبت مصادر في حزب البيت اليهودي بالتعيين المتوقع، معتبرة انه سيجعل حكومة بنيامين نتنياهو الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ دولة اسرائيل.