الوقت- لم تشهد القوقاز تغييرات كبيرة في عام 2014، وکانت ديناميكية المنطقة تتعلق بأزمة أوكرانيا في الأغلب. ومع ذلك كانت تلك السنة حبلی بالأحداث المثيرة للاهتمام وعملت علی تعزيز الاتجاهات القديمة والتعرف على المخاطر السياسية في المستقبل .
أزمة أوكرانيا: تبعاتها في القوقاز
الأحداث في أوكرانيا غيرت كل الأجواء بعد الاتحاد السوفياتي، والموقع الجديد لشبه جزيرة القرم قد وضع حداً لمشروع توحيد دول الكومنولث. والتنافس بين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو أوراسيا قد استمر في الاتحاد السوفياتي حتى أزمة أوكرانيا، ولكن أحداث عام 2014 رفعته إلى مستوى أعلى. جزء من بلدان الاتحاد السوفيتي قد وقع علی اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، وبعض آخر منها وافق علی الدخول إلی الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تحت رقابة موسكو. ولهذا السبب شهدت بلدان أرمينيا وجورجيا ومولدوفا وأوكرانيا الاقتتال السياسي، واعتبرت إمکانیة التكامل والدمج وسيلة للخروج من الأزمة الحالية .
جورجيا: طريق إلى الغرب
الأزمة الأوكرانية أسرعت عملية التوقيع والمصادقة علی الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتبليسي. ومع السير نحو الغرب، أبعدت تبليسي رسمياً أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن نفسها بشکل أكثر جدية. وطالما أن قرار أوروبا والأطلسي ينسجم مع سلامة أراضي جورجيا، فإن سوخومي وتسخينفالي تسعيان إلى تعزيز العلاقات مع روسيا. وفي الانتخابات البرلمانية في أوسيتيا الجنوبية فاز حزب أوسيتيا الموحدة الذي يدعم دائماً التحالف مع أوسيتيا الشمالية تحت رعاية الاتحاد الروسي الفيدرالي .
وينبغي أن نلاحظ أن توقيع الاتفاق بين روسيا وأبخازيا في الشراكة الاستراتيجية والوحدة، يعتبر في الواقع استجابة رمزية لتوقيع الاتفاق بين بروكسل وتبليسي. کما يجب التأکيد أيضاً علی أن عملية تطبيع العلاقات بين روسيا وجورجيا لم تتوقف، وحتی الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أثار مراراً إمکانية لقائه بنظيره الجورجي جيورجي ما ركفيلاشفيلي. مع ذلك هذا لا يعني أن العام المقبل سيشهد التعاون المشترك بين موسکو وتبليسي .
التوجه الأوروبي الآسيوي لأرمينيا
عام 2014 کان عام توجه أرمينيا نحو الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وکانت الشکوك تنتاب الحکومة الأرمينية حتی سبتمبر عام 2013 بشأن اختيار سياسة عدد من المسؤولين الرفيعي المستوی حول الاتحاد الجمرکي ووضم أوراسيا بشکل عام، وتستطيع موسکو أن تعتبر ذلك نجاحاً لها. وحتی الآن لا يمکن اعتبار المعارضة الأرمينية معارضة لضم أوراسيا، ولکن ثمة عوامل عديدة يمکن أن تؤثر إلی حد کبير ولا يمکن أن نغض الطرف عنها .
التقلبات السياسية في أذربيجان
الموضوع الرئيسي بهذا الخصوص هو علاقة أحداث أوکرانيا بأذربيجان. كييف هي شريكة باكو على المدى الطويل، وأولوية التعاون بينهما هي قضية "استبدال الوقود" وتقليل الاعتماد على روسيا إلی الحد الأدنی. وتنفيذ "سيناريو الميدان" في هذا البلد أدی إلی تحوّل أغنى جمهورية في القوقاز إلی مکان للإسلام الراديكالي .
صراع كاراباخ
في كاراباخ کانت العلاقات في حدود أرمينيا وأذربيجان في العام الماضي تبدو خطيرة حقاً. وفي خلفية تعميق التناقضات بين روسيا والغرب، يتطور أيضاً نزاع قره باغ الجبلية. وفي شهر مايو 2014، قال جيمس وارليك الأمريكي إن هناك خطة محددة من قبل الحكومة لحل الصراع. لکن الصراع المطول على الوضع في قره باغ لم يتغير بشكل أساسي، ومع ذلك زادت المخاطر بشكل كبير نتیجة التوترات في "النقطة الحدودية" وبسبب عدم وجود الوساطة المناسبة .
أبخازيا: استبدال الحكومة والتعاقد مع روسيا
كانت أبخازيا في عام 2014 في صدارة عناوين وسائل الإعلام. واحتجاجات المعارضة الجماهيرية في 27 من مايو، ومن ثم استقالة رئيس جمهورية أبخازيا الثالث الكسندر آنکوبا، حمل الصحفيين والخبراء علی الحديث عن "ميدان الاستقلال في المناطق شبه الاستوائية ."
واليوم ليس المهم أن إحدی القوى الدافعة للاحتجاجات في أوكرانيا، کانت المشاعر المتعلقة بمکافحة الأوربة، بل تکونت هذه المشاعر نتيجة سياسة التغني بسلامة أراضي جورجيا، مع عدم الرغبة في العمل مباشرة مع الجمهورية وشعبها في مجموعة واسعة من المشاريع الإنسانية، دون أي إشارة إلى وضعها السياسي والقانوني .
وتجدر الإشارة إلى أنه في التصويت الذي أجري في برلمان أبخازيا في 22 من ديسمبر للموافقة علی الاتفاقية بين روسيا وأبخازيا، صوت 23 من الحاضرين من أصل 28 لصالح الاتفاقية، بينما رفضها خمسة منهم. وتشير هذه الاتفاقية بوضوح إلی التناقض بين الطلب للاستقلال الوطني في حين الاعتماد المتزايد لجمهورية أبخازيا شبه المعترف بها علی الميزانية الروسية، الضمانات الأمنية، وکذلك الحاجة إلى انفتاح أبخازيا علی التجارة والاستثمار من قبل روسيا والمحافظة على نظام الديمقراطية العرقية في أبخازيا .
