الوقت- لم يبق سوى الهجرة غير الشرعية «وإن كان غيرآمن» بالنسبة إلى السوريين الهاربين هوالملاذ الأخير، للعبور نحو رفاهية العيش او حتى الشعور بالأمان, بعد أن واجهوا الموت من جراء الحرب الدائرة في بلادهم وذل اللجوء في المخيمات خاصة في تركيا, هجرة محفوفة بمخاطر جمة يتذوقون فيها طعم المرارة والموت للوصول الى شواطئ اوروبا .
القصف, التهجير, انعدام الأمن وقلة فرص العمل, بالاضافة الى التعامل السلبي للسلطات التركية مع اللاجئين ساهمت في زياد هجرة اللاجئين السورين بشكل غير شرعي عبر الحدود التركية الى دول اوروبية مثل اليونان وبلجيكا والسويد وغيرهم وقد قفز عدد السوريين الذين يحاولون دخول دول الاتحاد الأوربي بشكل غير قانوني بمعدل 5 أضعاف خلال السنة الماضية، وفقاً لوكالة أوروبية مختصة بشؤون الهجرة وأوضحت وكالة “فرونتيكس وكالة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الحدود” أن قرابة 8 آلاف سوري حاولوا عبور حدود اليونان وبلغاريا، في طريقهم إلى البلدان الغنية مثل ألمانيا والسويد، وجميع هؤلاء كانوا بلا أوراق أو يحملون جوازات سفر مزيفة .
فلا زال بحر إيجة أشهر الممرات التي يعبرها المهاجرون السوريون من تركيا إلى أوروبا، حيث تشير إحصاءات إلى أنّ أكثر من 12,000 مهاجر تمّ الإمساك بهم من قبل خفر السواحل التركي في عام 2014, بالاضافة الى تمكنه مؤخرا" في ولاية مرسين جنوب البلاد، من ضبط سفينة صيد في سواحل البحر المتوسط المقابلة لمدينة مرسين، وعلى متنها 140 مهاجرًا غير شرعي سوري، بينهم 30 طفلًا، أثناء محاولتهم التوجه إلى إيطاليا .
ففي خلال العام 2014 ايضا" لقي ما لا يقل عن 3419 مهاجرا سوريا حتفهم في البحر المتوسط بعد ان حاول اكثر من 207 آلاف سوري عبوره منذ مطلع العام الحالي ما يمثل ارتفاعا كبيرا مقارنة بـ 70 ألف مهاجر هربوا من البلاد عبر البحر في عام 2011 .
الى ذلك تقدم نحو 53 ألف سوري بطلب لجوء إلى أوروبا عام 2014، وفق إحصاءات مفوضية اللاجئين، ويقيم بعضهم بصفة قانونية في بلدان الاتحاد الأوروبي، فيما اتهمت منظمة "العفو الدولية" تلك الدول بخذلان اللاجئين السوريين، وقالت إن قادتها يجب أن يشعروا بالخجل من الأعداد القليلة الذين أبدوا استعدادهم لتوطينهم في بلادهم .
مسارات الوصول الى اوروبا
بالرغم من وجود مسارات وطرق غير محصورة يسلكها السوريون في هجرتهم غير الشرعية للبلدان الأوروبية المنشودة، إلا ان المسارات التي تمر عبر تركيا هي الأهم والأكثر سهولة نظرا" للقرب الجغرافي بين سوريا وتركيا ووجود اللاجئين على الاراضي الأخيرة, وعليه فإن رحلت الفارين من الموت تمر عبر واحد من ثلاث مسارات نهايتها اوروبا, فالمسار الاول يبدأ بالوصول إلى تركيا ومنها إلى بلغاريا، حيث تعد بلغاريا نقطة انطلاق إلى باقي الدول الأوروبية، ويتم الوصول إليها من تركيا براً وسيراً على الأقدام، علماً أن متوسط المسافة المطلوب قطعها طويلة، إلى جانب ارتفاع خطورة إلقاء القبض على المتسلل قبل بلوغه الأراضي البلغارية. اخيرا قررت بلغاريا مطلع عام 2014 الجاري، ورغم الانتقادات الدولية، تشييد سياج على مدى 30 كيلومتراً عند حدودها مع تركيا، كما قامت على عدة دفعات بتعزيز الرقابة الأمنية على الحدود، لينتهي ذلك بحذف بلغاريا بشكل شبه نهائي من الخيارات المتاحة للهجرة غير الشرعية لدى السوريين .
اما المسار الثاني: فمن تركيا إلى اليونان، قد يكون عبر قارب مطاطي، وقد يكون عبر قارب سريع وبرحلة لا تتجاوز النصف ساعة، بكلفة تتجاوز الألفي يورو وخطورة محدودة، والوسيلة الثانية هي القوارب السياحية أو بواخر الشحن، بكلفة تقارب الثلاث آلاف يورو وبخطورة غرق خطير، لكن احتمال إلقاء القبض على المتسللين يبقى ممكناً ولو بنسب قليلة. واخيرا"المسار الثالث من تركيا إلى إيطاليا، وعادةً ما يكون ببواخر الشحن، إلا أن الغالبية تفضل السفر إلى اليونان أولاً ثم متابعة طريقها إلی ايطاليا، إذ حظوظ الوصول إلى اليونان وتكلفة الرحلة تكون أنسب .
لكن ومن اجل الحد من تدفق هؤلاء المهاجرين الى اوروبا وقعت الأخيرة اتفاقا مع تركيا يسمح لها باعادة المهاجرين الذين وصلوا اليها قادمين من تركيا بصورة غير مشروعة في خطوة أبرزت تحسن العلاقات بين أنقرة ودول الاتحاد الثماني والعشرين .
وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دخل هذا الإتفاق حيز التنفيذ الذي قطع اي امل للسوريين اللاجئين بإمكانية التفكير بالهجرة الى اوروبا .
وبهذا الإتفاق تكون اوروبا قد تخلت عن احتضان هؤلاء اللاجئين ليعودوا الى تركيا لملاقاة المصير الذي هربوا منه وليعيدهم الى نقطة الصفر, ويضعهم امام خيارين احلاهما مر, اما العيش داخل المخيمات او العودة الى بلادهم .