الوقت- أتت مؤشرات سوق الأسهم السعودية غير متفائلة بما جرى على لسان ولي ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" من وعود باصلاحات اقتصادية تقود السعودية إلى الانماء المتكامل حسب قوله. هذا وقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من المواقف والنقاشات الحامية حول الخطة السعودية التي اعتبرها معظم رواد مواقع التواصل غير عملية.
يوم الاثنين الماضي أعلن مجلس الوزراء السعودي عن برنامج اصلاحات اقتصادية موسعة سميت بـ"الرؤية 2030" والهدف الأساسي من البرنامج هو تقليل الارتباط بالنفط، وبعد اقرار المشروع كلف الوزراء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة "محمد بن سلمان" ولي ولي العهد بايجاد الاليات والبنى الكفيلة بتحقيق هذه الرؤية.
وهذا البرنامج الذي أتى ضمن اطار من الاصلاحات الاقتصادية يسعى لتقليل الاعتماد على النفط بسبب الانخفاض الكبير في أسعاره عالميا، ويسعى لتنويع مصادر الموارد السعودية في دولة تعتبر الأكبر عالميا في انتاج النفط. وفي هذا الاطار ستقوم السعودية بطرح 5 بالمئة من أسهم شركة ارامكو للبيع في البورصة السعودية. وفي معرض طرحه لرؤية السعودية 2030 يقول "محمد بن سلمان": علينا أن نتمكن من العيش من دون النفط بعد العام 2030.
وفي تقرير لرويترز، وبعد يوم واحد من اعلان "محمد بن سلمان" خطته التي وضعت على سكة العمل حسب قوله والتي من المفترض أن تصل بالسعودية عام 2030 إلى مرحلة الاستغناء عن النفط نهائيا، قام الكثير من المستثمرين في البورصة السعودية بسحب أرباح أسهمهم الحاصلة من مضاربات سابقة في السوق السعودية مما أدى إلى إنخفاض في قيمة الأسهم لهذا البلد.
ويؤشر ما حصل إلى أن المستثمرين السعوديين لم يثقوا بما أتى به ولي ولي العهد، وهو المعروف بأنه من قاد الحرب على اليمن واعدا بانهاء الأزمة اليمنية سريعا من خلال شن عدوان عسكري، ولكن الأوضاع باتت أكثر تأزما وأدخل السعودية في أتون حرب استنزاف لا طاقة لها بها. والآن يحاول أن يصور نفسه بصورة المنجي الاقتصادي للبلاد والذي لا يعلم أحد ما يمكن أن يواجهه من معوقات وما ستؤول إليه الأمور في النهاية.
هذا وكان المؤشر الأساسي للبورصة السعودية يوم الثلاثاء وبعد انخفاض 1.6 بالمئة قد وصل إلى 6 آلاف و757 نقطة.
ومن الأسهم التي سقطت سهم مجموعة سامبا المالية والذي كان قد حقق ارتفاعا بقيمة 9.3 بالمئة عاد ليخسر 5.3 بالمئة من قيمته يوم الثلاثاء والسبب أن المستثمرين قرروا سحب الأرباح التي حققتها المجموعة سابقا.
وفي المقابل ارتفعت بشكل طفيف أسهم بعض الشركات التي وردت ضمن برنامج الاصلاحات كأسهم شركة التعدين السعودية التي ارتفعت بقيمة 0.6 بالمئة والسبب أنها وبالعودة إلى برنامج الاصلاحات الاقتصادية من المفترض زيادة نسبة مشاركة شركات التعدين في الانتاج القومي السعودي ليصل إلى 97 مليار ريال سعودي (حوالي 26 مليار دولار) وإضافة 90 ألف فرصة عمل في هذا المجال بحلول العام 2020.
وقد أكدت رويترز في معرض تحليلها لما جرى في سوق البورصة السعودية أنه وبالالتفات للوعود باصلاحات اقتصادية والتي ستتطلب سنوات لانجازها فان مدراء الصناديق وأصحاب الأسهم يعلمون أن هذا الأمر لن يكون له الأثر الفوري على قيمة أسهمهم.
أما عن أسباب هذا الطرح الاقتصادي الذي وصفه الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنه برنامج حلم لا امكانية لتطبيقه على أرض الواقع، فيعود الأمر إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي بدأت السعودية بمواجهته بسبب المغامرات والحروب التي نشرتها في المنطقة حيث وصلت الأمور بالسعودية أن اضطرت لطلب قروض بمليارات الدولارات من البنوك الاجنبية خلال السنتين الماضيتين في سابقة في تاريخها. وبعد التدني الغير مسبوق بأسعار النفط نتيجة السياسات السعودية وفي هذه الأوضاع الوخيمة يحاول "محمد بن سلمان" تقديم برنامج يهدف إلى تحويل السعودية إلى قطب للاستثمارات العالمية ويفك ارتباطها بالنفط نهائيا حسب قوله.
وقد نقل تصريح عن "محمد بن سلمان" يقول فيه أن الرياض تريد زيادة الأصول الموجودة في صندوق الاستثمار الوطني من 600 مليار ريال سعودي (160 مليار دولار) إلى 7 تريليون ريال (حوالي 2 تريليون دولار) في وقت أكدت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أن السعودية تواجه عجز بقيمة 98 مليار دولار بسبب موازنة عام 2015 م.
وبالعودة إلى النفط فهو يشكل 70 بالمئة من مدخول السعودية، في وقت يستمر السعر عالميا بالسقوط لأسباب تتعلق بالسياسات السعودية الخارجية، وخلال الأشهر القليلة الماضية قررت الحكومة السعودية رفع أسعار المحروقات داخليا بنسبة 80 بالمئة وأوقفت الدعم على الكهرباء والماء لمواطنيها. وهذا يؤكد وخامة الوضع الاقتصادي السعودي مما أجبرهم على توسل المداخيل من خلال فرض ضرائب ستؤدي بشكل أكيد إلى تفاقم الوضع الانساني والنقمة الداخلية. فهل ستتمكن السعودية من الوصول إلى العام 2030 قبل أن تحرق نفسها بسياساتها النفطية والعدوانية اتجاه دول المنطقة والداخل السعودي على حد سواء؟