الوقت- "من النيل الى الفرات"، عبارة اسطورية استخدمها الكيان الصهيوني منذ سنوات، فكانت الهدف الذي سعى اليه بعد تواجده في المنطقة واحتلاله للاراضي الفلسطينية. وكما يعرّف الكتاب والادباء، الاسطورة شائعة أصبحت جزءا من تراث الشعب الشفهي، ومن الناحية اللغوية يعتبرون ان استخدام كلمة "شائعة" مكان "اسطورة" جائز والعكس صحيح. هذه الشائعة الصهيونية كانت اساسا في العديد من التحركات العسكرية اليهودية، فبدات عمليات الاستيطان والاحتلال لتمتد الى الاراضي اللبنانية والجولان و غيرها. ولكن اين اصبح هذا الشعار الاسطوري؟ وماذا يشكل الان من الطموح اليهودي في المنطقة؟
الاسطورة الاسرائيلية
"مملكة إسرائيل" هو الحلم الاول للشعب الصهيوني، مملكة جاء ذكرها في التوراة كمملكة لجميع "أسباط بني إسرائيل الاثني عشر"، و قد سماها باحثو التوراة بـ"مملكة إسرائيل الموحدة" وبحسب النصوص التوراتية تمثل المملكة الجزء الجنوبي الغربي لبلاد الشام، والتي تشكل اليوم الاراضي الفلسطينية. ولا شك ان اسم "مملكة إسرائيل الموحدة" لا يدل على الكيان الصهيوني الموجود حاليا في الشرق الأوسط، غير أن اليهود المعاصرين يظنون أنفسهم أبناء مملكة يهوذا الجنوبية التي انفصلت حسب الرواية التاريخية عن مملكة إسرائيل الموحدة، ويرى معظمهم الأحداث التي جرت على هذه المملكة "المفترضة" جزءا من تاريخ أتباع الديانة اليهودية وبما ان الكيان الصهيوني الحالي يفترض به أن يكون دولة اتباع الديانة اليهودية، كما يتم تدريس ذلك في مناهجهم الدراسية، تم اختيار اسم "اسرائيل" للكيان اليهودي عند تاسيسه عام 1948.
الحكومة اليهودية منذ تشكيلها عام 1948 تاثرت بالحلم القديم معتبرة نفسها المقصودة بالمملكة الاسرائيلية، فبدات العمل الجدي للوصول لما اعتبرته حقا لها بالاستيلاء على الاراضي التي تشكل الخريطة الاساسية للملكة الاسرائيلية او ما كانت تعتبره في اقداماتها " دولة اسرائيل". فسيطرت على العديد من الاراضي الفلسطينية و بدات زحفها نحو الاراضي اللبنانية. و لا يخفى على احد التقدم التي حققته على هذه الجبهة، مستفيدة من ابشع وسائل القهر و التدمير و التهجير.
حركات المقاومة
مع تعاظم القدرة الصهيونية في المنطقة بدات عمليات الاستيطان، فقام الصهاينة بالقضاء على المئات بل الالاف من الفلسطينيين واللبنانيين. عمليات تهجير و قتل و دماربالجملة، حركت الراي العام اللبناني و الفلسطيني للقيام على الكيان لاستعادة الاراضي والرد على القتل بالقتل و الدمار بالدمار.فبدات حركات المقاومة توسع عملياتها و تسليحها يوما بعد يوم، سعيا منها للرد على تحركات الصهاينة حتى جاء اليوم الموعود.
25 ايار من عام 2000 التقهقر الاول للاسطورة الصهيونية، صرخات تعلو في منطقة الشريط الحدودي اللبناني "الحمد لله تحررنا"، رافقتها دموع فرح سكبها جنود الاحتلال بعد "الفرار" من المستنقع اللبناني تاركين ورائهم احلامهم الواهية بتشكيل الدولة اليهودية الاسطورة.
انسحب جنود الاحتلال الاسرائيلي من لبنان نتيجة تعاظم قدرة المقاومة الاسلامية "حزب الله"، و بدا معه صراع جديد لم تعتد عليه القوات الاسرائيلية في صراعها مع دول المنطقة منذ بدئ الصراع العربي الاسرائيلي عام 1948.
اسرائيل الخائفة تقول اذا فعلتم افعل
بعد الانسحاب الصهيوني من لبنان عام 2000 بدا الكيان اليهودي يحضر لهجوم بحجم رد الاعتبار الاسرائيلي للمذلة التي واجهها، ومع اسر حزب الله لجنديين اسرائيليين بدات "حرب لبنان الثانية"، حرب على كافة الصعد، قدرة تدميرية هائلة استفاد منها الاسرائيليون لاخضاع المقاومة الاسلامية لكن تجاربهم بائت بالفشل فانتصر لبنان انتصاره الثاني.
فيما بعد اظهرت التقارير الاسرائيلية ان هدف الحرب الثانية على لبنان كان القضاء على الترسانة الصاروخية للمقاومة. هدف لا يعبر عن شيء سوى الخوف الصهيوني من القدرة العسكرية التي استطاعت المقاومة تدريبها على مر سنوات النزاع. و مع العجز اليهودي بالقضاء ولو على جزء بسيط من الترسانة العسكرية للمقاومة بدات بناء ما يعرف بالقبة الحديدية معتبرة انها تصطاد اصغر طائر يعبر حدودها. ولكن هذه القبة اثبتت فشلها لاحقا في معركة غزة حيث اشارت التقارير ان اكثر من 80% من صواريخ "كتائب القسام" استطاعت العبور من خلال القبة من دون ان تعترضها.
بعد 4 سنوات من الحرب الثانية في 16/2/2010 اطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تحدياً جديدا لمواجهة أي عدوان صهيوني على لبنان. تحديا يضاف الى شعار "كما كنت اعدكم بالنصر دائما اعدكم بالنصر مجددا"، فكان التحدي الجديد اذا ضربتم مطار الشهيد رفيق الحريري في بيروت، سنضرب مطار بن جوريون في تل أبيب، وإذا قصفتم موانئنا ومصافي النفط ومصانع الكهرباء، سنقصف موانئكم ومصافي النفط ومصانع الكهرباء عندكم.
كلام الامين العام للحزب لم يقف عند هذا التحدي بل تحدث ايضا عن خوف اسرائيلي من السلاح الموجود بيد المقاومين، فعقب على التهديدات الاسرائيلية بمنع الحزب من امتلاك سلاح متطور فقال:" اسرائيل الخائفة اليوم تقول اذا فعلتم افعل".
الحرب مع حزب الله ستكون الأعنف بالعصر الحديث
الحرب الاعلامية لم تتوقف يوما بين الحزب و الصهاينة بل كان التطور الاعلامي اليومي كفيل ايضا بتطوير التهديدات بين الطرفين ولكن الملفت بالامر ان تهديدات المقاومة لم تكن كتهديداتها السابقة بل وصل الحال بالحديث عن ازالة الكيان من الوجود بالمقابل اكتفى الصهاينة بالحديث عن ضربة موجعة وتدمير بنى تحتية.
اما اليوم و بعد 9 سنوات من الحرب الثانية يعلن تقرير نشرته صحيفة "معاريف" الاسرائيلية عن مصادر استخبارية ان المعركة المقبلة مع حزب الله ستكون الأعنف في العصر الحديث وستكسر الروح المعنوية والمناعة الوطنية للإسرائيليين بصورة غير مسبوقة.
وأكدت هذه المصادر أن حزب الله استغل الهدوء على الجبهة ليملا مخازنه بالأسلحة الإيرانية التي لم تواجه إسرائيل مثيلا لها من قبل. وتحدثت عن أنواع جديدة من الأسلحة وصلت إلى "حزب الله" من الإيرانيين، من بينها صواريخ دقيقة موجهة إلى منطقة الوسط والجزء الجنوبي من اسرائيل.
هل سيحقق الصهاينة حلم اسرائيل الكبرى؟
المشكلة الآن ليست مشكلة أرض، فشعار الکیان من النیل الى الفرات الان لم يعد له معنى، فهي لا تريد أرضا تحكمها، بل هي الآن مستعدة أن تتنازل حتى عن أجزاء من الضفة الغربیة. القضیة الیوم هي قضية بقاء، محاولة اسرائيلية للهروب من الشعار الذي اعلنه الامام الخميني منذ اكثر من ثلاثين عاما، قضية الكيان اليوم الخوف من شعار الامام الخميني السابق " اسرائيل غدة سرطانية ويجب أن تزول من الوجود".