الوقت- جرت العادة بين المسلمين بمختلف مذاهبهم و منذ قرون على الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بذكر الله وتلاوة السيرة العطرة لمولده عليه الصلاة والسلام واعداد الولائم حُباً في النبي واله، فاحتفال المسلم بميلاد نبيه انما هو احتفال ببزوغ شمس البعثة الالهية وميلاد نور الاسلام والرسالة السماوية.
ان مشروعية هذه المراسم التي مرّ عليها عدّة قرون أمر مقطوع عند عموم المسلمين في ارجاء المعمورة لأن النبي عليه السلام أصل الأصول ودعامتها الأولى فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه فعرف الوجود بأسره باسمه ومبعثه وبمقامه ومكانته، ولكن للأسف ظهر في أيامنا هذه بعض من المنافقين و ذي النفوس المريضة الحاقدة يحرمون الإجتماع للاحتفال بالمولد الشريف باعتباره بدعة وفسق ولاأصل له في الدين.
الانحراف والحقد لدى الوهابية وداعش:
ففي تأكيد واضح على نهجها المنحرف و سعيها الدؤوب لزرع بذور الفتنة في المجتمع الاسلامي عادت الوهابية الى محاولة دق اسفين التفرقة بزعمهم ان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف حرام وبدعة.
الترهات هذه المرة جاءت من كبير الكهنة الوهابيين اي من مفتي السعودية عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حيث افتى قبل ايام بان الاحتفال بمولد النبي انما هو “بدعة ضالة” ناهياً عنه.
و أكد مفتي ال سعود الذي يتم تعيينه بأمر ملكي أن ”هذه الموالد وأمثالها من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان إنما هي إلا بدعة انتشرت بعد القرون الثلاثة الاولى ولكنها بدعة ضالة”، على حد زعمه.
وعلى غرار مشابه كان تنظيم "داعش" الارهابي قد منع الناس من الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، في الموصل الخاضعة لسيطرته شمال العراق، ونهى جميع المساجد في المدينة، عن الإحتفال بهذه الذكرى. هذا التلاقي في أكثر من نقطة بين الطرفين الوهابي والداعشي يثبت بما لا يدع مكاناً للشك أن اصول المعتقد والانحراف واحدة لكليهما وأنهما بعيدان كل البعد عن الدين الاسلامي ولا يمتون لاي مذهب بصلة لامن قريب ولا من بعيد.
من يعيد استقراء التاريخ سيرى بشكل واضح حجم الفتاوى المتشابه بين الوهابية وداعش واستخدامها سلاح التكفير في وجه كل شيء مخالف لوجودهما. الامرهنا بطبيعة الحال لايتوقف على جواز الاحتفال بمناسبة ولادة النبي أم لا، فقد سبق لكلا المدرستين الارهابيتين ممارسات منحرفة تجلت في هدم قبور الاولياء والصالحين وحتى هدم المساجد حيث تشير الاحصائيات الى تدمير اكثر من 90 بالمائة من اثار الاسلام وخاصة اثار النبي في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بحجج وذرائع شتى، وتدمير البيت الذي ولد فيه النبي (ص) في مكة وتحويله الى حمامات.
يضاف الى ذلك ما قيل مؤخرا عن سعي الوهابيين لهدم قبر النبي (ص) ونقل جثمانه المبارك (ص) الى مقبرة البقيع، أضافة الى المئات من فتاوي التكفير و تشويه سيرة نبي الرحمة (ص) وتعاليم الاسلام السمحاء، عبر اظهار الاسلام بمظهر الدين العنيف وغير المتسامح والقاسي والدموي، كما يظهر من سلوكيات "داعش" والقاعدة وكل المجموعات التكفيرية التي تحمل العقيدة الوهابية، على ذلك فقس.
وصولا اليوم الى منع التبرك بالمولد الكريم في اشارة واضحة لدرجة الحقد الذي وصلا اليه (داعش والوهابية) اتجاه الاسلام والرسول الأكرم وبشكل يخالف جميع اراء المسلمين من السنة وأتباع أهل البيت عليهم السلام الذين يحييون هذه الذكرى المباركة ويعتبرونها أمر مقطوع بمشروعيتها.
مما لاشك فيه أن هذا الاحتفال من كل عام يعتبر صحوة إسلامية روحانية عالية القدر، تذكرنا بالرحمة المهداة والسراج المنير.
وليس هذا امرا بدعة كما يدعي أهل الجهل والضلال، لكن العجيب أنّ هذه الفئة نفسها تدعو إلى منع الاحتفال بالمولد النبوي، في حين أنها تحتفل في تأسيس الدولة السعودية وفيه ما فيه من غناء ورقص برعاتهم ورعيتهم فهل هذا برأيهم حلال وذلك حرام؟ ومن سخرية القدر ايضا أن مفتي ال سعود واتباعه يشرعون علنا الهرج والمرج والاحتفال بذكرى مولد رأس دعوتهم محمد بن عبد الوهاب النجدي ويقيمون فيها المحاضرات والندوات ،ومن ثم يحرمون الاحتفال بذكرى مولد سيد الخلق صلى الله عليه واله وسلم فيحتفلون بذكرى رجل منحرف لا يساوي شيئًا قتل هو واتباعه الالاف ظلما وبهتانا فأين الثرى من الثريا.
ناهيك عن حفلات البذخ التي تقوم يوم رأس السنة الميلادية في هذه الدول التي تدعم علانية او سراَ التفكير و التطرف. وأين الناعقين من مفتي داعش والوهابية ليروا ذلك أم ان نار حقدهم الاعمى فتاواهم الرخيصة قد ثقبت اذانهم ومنعتهم من السمع والبصيرة.
الاجماع على هذه المناسبة عند عموم المسلمين:
لسنا هنا في وارد الرد الشرعي على تلك الاصوات الحاقدة على نبي الاسلام. فاهل العلم قد كفوا و وفوا، ولاتمام الحجة نذّكر أن مفتي الجمهورية المصرية الشيخ علي جمعة اعلن ان الاحتفال بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف (ص) من أفضل الأعمال وأعظم القربات لأنه تعبير عن الفرح والحب له و ان محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان.
بالاضافة الى ذلك يرى كبار المراجع الشيعة ايضا أن الاحتفال بمولد النبي له نفحات مباركة و أن من افضل الاعمال التبارك بقدسية هذا اليوم.
في الختام، ان الله تعالى يقول في كتابه الكريم "وذكرهم بايام الله"، وخير أيام الله كما يرى جموع المسلمين من سنة وشيعة هي ميلاد الحبيب المصطفى، لان بعثته وهجرته وانتصاره ثمرات ليوم ميلاده، فيوم الميلاد المبارك هو الأصل الذي تفرعت منه كل أمجاد الرسالات في الأرض.
وربما من المناسب هنا التوجه بالقول الى تلك الاصوات الشاذة المحاطة بنار الحقد التي ما فتئت تحيك الفتن والمؤامرات بين المسلمين وتعمل على تدمير المجتمعات والمناطق المخالفة لرجعيتها ...(( يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ))