الوقت- استهداف وقتل الطفولة الفلسطينية باتت لعبة يتقنها الإحتلال الإسرائيلي ويعزف على أوتارها موظفاَ كل طاقاته وامكانياته لكسب المعركة الوهمية التي يوهم بها نفسه بأنه نجح فيها...الاطفال الفلسطينيون أصبحوا أمام اعدام حقيقي كل يوم على مرآى ومسمع العالم أجمع...
طفولة برئية تقتل وتدمر وهم غارقون في شقاوتهم البرئية يمرحون مطلقون العنان لعبثهم الطفولي أن يكتشف العالم دون ان يعلموا انهم بتلك البسمة البرئية كانوا قد ازعجو هؤلاء المحتلين...فلم يكونوا على موعد مع الجحيم ولم يخطر ببالهم قط ان تقطع اجسامهم وتتناثر أشلاءا في الطرقات هنا وهناك ومن بقي منهم على قيد الحياة يعيش أبد الدهر بعاهات مستديمة دون اي ذنب يقترفه...
فلقد انتهجت إسرائيل سياسة استهداف الطفل الفلسطيني من خلال القتل والجرح والاعتقال كجزء من الشعب الفلسطيني المقموع إلى جانب العديد من الممارسات التي تصاعدت منذ انطلاق الشرارة الأولى للانتفاضة في 28/9/2000 اليوم الذي اقتحم فيه أريئيل شارون، المسجد الأقصى المبارك.
ولم تكن هذه هي البداية فقد كانت "إسرائيل" تقتل وتعذب الأطفال الفلسطينيين وتقدمهم للمحاكم العسكرية وتزج بهم في غياهب السجون الإسرائيلية لسنوات طوال بحجة حماية أمنها وتفصيل استراتيجيات الردع لديها لكبح التطلعات الفلسطينية في العودة والتحرير وهذا مخالف للمادة (37-أ) من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني 1989 والتي جاء فيها:- "تكفل الدول الأطراف ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشر سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم".
اجرام رافق هذا الکیان منذ نشأته مع عصابات الهاغانا وغیرها من المجموعات التي قتلت کل الأحلام الوردية للأطفال, فکان للطفل الفلسطیني النصیب الاکبر من تداعیات الحرب علی الشعب الفلسطيني, من القتل العمدي الی الاعتقال والسجن ومنع هذا الطفل من ادنی حقوقه بان یعیش الطفولة وان ینسج في خیاله احلامه البريئة.
لا يزال الطفل الفلسطيني يعيش ومنذ اندلاع الانتفاضة حالة قديمة جديدة من العنف الإسرائيلي، والذي تمثل في استخدام جميع الأسلحة والوسائل العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال. وضراوة هذا الواقع جعلت الأطفال أكثر الفئات تأثراً من الناحية النفسية. وذلك بسبب عدم تطورهم النفسي والإدراكي والاجتماعي، إضافة إلى تعرضهم المباشر للعنف الإسرائيلي المفرط، ودرجة ظهور الآثار النفسية الناتجة عن الأزمات تختلف من طفل إلى آخر حسب خبرة الطفل وشدة تأثره بالحدث وكيفية تعامل المحيطين به- معه بخصوص الحدث.
لکن ایضا" واقع الحال ینذر بالخطر من جراء تعرض الاطفال الی الابادة بشکل منهجي ففي دراسة أعدها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قدرت نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة في منتصف عام 2000 بـ 53% من بينهم 49.1% إناث و 50.9% ذكور أوضحت الدراسة أن هذه النسبة تناقصت لتصل إلى 50.4% عام 2010، وتشير التقديرات الفلسطينية للخصوبة واتجاهاتها إلى أن المجتمع الفلسطيني سيبقى يافعاً خلال العقود الثلاث القادمة, ومما لا شك فيه أن الديموغرافيا الفلسطينية بمكوناتها تحتم على المخطط وصانع القرار التنموي توجيه الاهتمام والعناية الخاصة للطفولة الفلسطينية لما تمثله من ثقل في المجتمع.
أما على مستوى قطاع غزة فقد بلغت النسبة 56.8 %، منهم 50.8 % ذكور، و 49.2 % إناث، وسوف تتناقص هذه النسبة لتصل إلى 53.8 % في الاعوام المقبلة، بينما قدرت النسبة في الضفة الغربية بـ 51.3 %، منهم 51 % ذكور، و 49 % إناث، وسوف تتناقص لتصل إلى 48.3 %, وتشير التقديرات أيضا إلى أن هذه النسبة سوف تتناقص لتصل عام 2025 إلى 43.1 %.
خلال حربها على قطاع غزة, قتلت إسرائيل، اکثر 300 طفلا وجرحت اکثر 4 آلاف طفل آخرين،( وفق مصادر طبية فلسطينية وحقوقية).
ان مقتل الاطفال في غزة يؤكد على حقيقة هامة وهي ان الغالبية العظمى 84% من الاطفال الشهداء استشهدوا في الوقت الذي لم تكن فيه اية مواجهات في المكان، وهذه الحقيقة تنسف الخرافة الاسرائيلية التي حاولت ان تفرضها لتبرير قتل الاطفال الفلسطينيين وهو تواجدهم في مناطق المواجهات.
فقد اعلن صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) “إن الأطفال يشكلون ما نسبته 31% من الضحايا المدنيين الذين سقطوا بسبب العدوان الإسرائيلي. وحسب إحصائيات ذكرها الصندوق فإن أكثر من عشرة أطفال کانوا يقتلون يوميا في غزة، وكان أصغرهم رضيع في شهره الثالث.
لم یکتف الاجرام الاسرائیلی بالقتل فقط بل تعداه الی الاعتقال والسجن فبلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي في شهر كانون الأول 2014م، قرابة (280) طفلًا قاصرًا (ما دون سن الـ 18 وفقًا للقوانين الدولية)، يعيشون ظروف القهر في سجون "عوفر" و"مجدو" و"هشارون". وهؤلاء الأطفال يتعرضون لما يتعرض له الكبار من قسوة التعذيب والمحاكمات الجائرة، والمعاملة غير الإنسانية، التي تنتهك حقوقهم الأساسية، وتهدد مستقبلهم بالضياع، بما يخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية الطفل.
کل ذلك یحدث تحت انظار العالم کله من الأمم المتحدة الی محکمة الجنایات الدولیة الی دول العار العربي التي کان لها نصیب لا باس به من دم الطفولة في فلسطین .واقع یطرح العدید من الاسئلة وهي الی متی سیبقی هذا المنهج متبع لدی الاسرائیلین؟ وهل تتسطیع السلطة الفلسطینیة بعد انضمامها الی محکمة الجنایات الدولية علی الاقل محاکمة المجرمین بحق الطفولة؟ والی متی سیبقی هذا الصمت المخزي في العالم العربي؟ اسئلة اعتقد ان المسقبل سيتكفل بالاجابة عليها.