الوقت- الحروب الالكترونية أو حروب السايبر كما يطلق عليها,هي حروب غير تقليدية حيث يسبقها إصابة الدولة المعادية بالشلل حتى قبل إطلاق رصاصة واحدة عن طريق إسقاط شبكات الاتصالات وإغلاق الطرق وتفجير المصانع وتعطيل المستشفيات وإبعاد الصواريخ عن مسارها.. كل هذا من خلال اختراق أجهزة الكمبيوتر للمؤسسات المدنية قبل العسكرية.
اذا" هو نوع جديد من انواع الحرب الباردة, التي لا تنتهي فصولها على مر الزمن ولا تلتزم بقيود ولا جغرافيا, الاهم من ذلك كله هو قدرة العدو على التخفي واحيانا" كثيرة على التنصل من الجريمة, مايسمح له بحرية الحركة, كل ذلك وهو جالس في مكاتبه.
ومايحدث بين امريكا وخصومها الدوليين خير دليل لما يشهده الفضاء الالكتروني من حرب طاحنة كانت ساحته مؤخرا" شركة سوني الامريكية التي تعرضت لعملية قرصنة حواسيبها، حين تم اختراق سيرفرات الشركة، وهو ما أدى إلى تسريب معلومات حساسة مثل السجلات الشخصية ل 47 ألف موظف في سوني مع رسالة تهديد تقول "المزيد سيتبع".
اتى ذلك بعدما أعلنت شركة سوني بيكتشرز للإنتاج السينمائي أنها ستعرض فيلم "المقابلة" الكوميدي الذي يروي سيناريو مفترض لعملية اغتيال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون على الإنترنت وبعد تعرض الشركة لعملية القرصنة، قررت سوني إلغاء عرض الفيلم الذي كان مقررا في 25 ديسمبر/كانون الأول الحالي و لكن سرعان ما تراجعت عن قرارها وأعلنت، أن فيلمها الكوميدي، سيكون متاحاً للمشاهدة على عدة مواقع الكترونية منها "يوتيوب" التابع لـ"غوغل" و"إكس بوكس فيديو" التابع لشركة "مايكروسوفت"، اعتباراً من الساعة السادسة بتوقيت غرينيتش.
الى ذلك أعلن مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي (أف بي آي) أن كوريا الشمالية مسؤولة عن عملية القرصنة المعلوماتية الضخمة ضد الأستوديوهات السينمائية لشركة سوني في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقال المكتب في بيان إنه نتيجة للتحريات، "وبتنسيق عن كثب مع باقي الوزارات والهيئات في الولايات المتحدة، تمتلك أف بي آي الآن معلومات كافية تخلص إلى أن حكومة كوريا الشمالية مسؤولة عن هذه الأفعال".
وخلص المكتب إلى أن الهجوم الإلكتروني استخدمت فيه برمجيات خبيثة عُرف عن قراصنة كوريين شماليين استخدامها في السابق، وأن البنية الأساسية التي استخدمت في الهجوم تداخلت مع نشاط إلكتروني متصل بكوريا الشمالية.
وأشار مكتب التحقيقات إلى أن الهجوم كان مشابها للهجوم الإلكتروني ضد بنوك ووسائل إعلام كورية جنوبية نفذته كوريا الشمالية، مضيفا أن الهجوم على سوني "ليس سلوكا مقبولا تقوم به دولة.
اما كوريا فمن جهتها نفت ضلوعها في الهجوم الإلكتروني وقال وزير خارجية كوريا الشمالية: "إذا رعت الولايات المتحدة عرض الفيلم فعليها تحمل النتائج. هؤلاء المجرمون الذين أساؤوا لشخصية قائدنا واقترفوا جرائم معادية ضد جمهورية شعبنا سيعاقبون طبقاً للقانون حيثما كانوا على سطح الأرض".
وبينما يستمر التحقيق فيما إذا كانت كوريا الشمالية قد ساهمت رسمياً في الهجوم على استوديوهات هوليوود، فإن هذا العمل يطرح سؤالاً وماذا لو لم تكن كوريا الشمالية وراء عملية القرصنة؟ سؤال قد تجد اجابته في العديد من الانتقادات التي طاولت التحقيقات التي قام بها مكتب التحقيقات الفيدرالي، بحجة اولا" أن الأدلة المقدمة لا تمكّن من السماح بتأكيد تورط كوريا الشمالية في عملية القرصنة ,وثانيا" رفض المقترح الكوري الجنوبي لتشكيل لجنة مشتركة لتقصي الحقائق .
لكن الاهم من ذلك كله هو ما ستؤول اليه الامور في الايام القادمة بعد عرض الفيلم, وماذا ستفعل كوريا الشمالية وامريكا؟ اسئلة سيتكفل المسقبل القريب بالاجابة عنها ,وربما سيرسم مسار جديد مسارا جديدا للأحداث.
