الوقت ـ لم تزل تونس تعيش اجواء التجاذب السياسي منذ انتصار ثورتها قبل 3 سنوات حيث ينقسم الشارع التونسي بين المؤيدين للتيار الاسلامي والمؤيدين للتيار العلماني، ويشتد الصراع بين التيارين للحصول على الكرسي الرئاسي وينتظر ان تجري الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 21 ديسمبر في داخل تونس كما سيصوت المغتربون التونسيون ايضا في أيام 19 و 20 و 21 في الانتخابات، فما هي شعارات المرشحين الرئاسيين منصف المرزوقي المحسوب على التيار الاسلامي والقائد باجي السبسي المحسوب على العلمانيين وما هي ملامح المرحلة المقبلة؟
بدأت الجولة الثانية من الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية التونسية يوم الثلاثاء الماضي وستستمر حتى 19 ديسمبر وقد حذر منصف المرزوقي ان فوز منافسه الباجي قائد السبسي سيعيد تونس الى ما قبل الثورة التي انتصرت في عام 2011 وسيعيد البلاد الى المربع الاول.
ويؤكد المرزوقي الذي يعتبر الرئيس المؤقت للبلاد ان مشاركته في السباق الرئاسي ليس فقط من أجل الحصول على اعلى منصب في البلاد بل بسبب استشمامه لرائحة عودة النظام السابق الى الحكم، ويشير المرزوقي الى فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ويقول ان عودة النظام السابق تجعل تونس تخسر كل المكتسبات التي حصلت عليها بعد انتصار الثورة في عام 2011 حينما هرب الرئيس السابق زين العابدين بن علي الى السعودية.
ويعمل المرزوقي على تذكير الشارع التونسي بالمخاطر التي تهدد ثورة الشعب التونسي ومنها عودة ازلام النظام السابق الى الحكم خاصة بعدما تبين ان الشارع التونسي يؤيد العلمانيين بشكل اكبر من الاسلاميين، وقد حصل السبسي على نحو 40 بالمئة من اصوات الناخبين في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية فيما حل المرزوقي في المرتبة الثانية بنحو 33 بالمئة من الاصوات.
ويعتبر المرزوقي ان نتائج الانتخابات الرئاسية هي حيوية ويقول ان نتائج هذه الانتخابات ستجعل تونس تتقدم نحو الأمام او تعود الى المربع الاول، ويعتبر المرزوقي ان ازلام النظام السابق هم يرجعون الان الى الحكم وان التصويت لصالح ازلام النظام السابق يعتبر انتحارا لأن هؤلاء لم يتعلموا دروس الثورة بشكل جيد.
ويؤكد التيار الاسلامي في تونس ان الشعب التونسي تحول الى شعب حر لأول مرة في تاريخه لكن هذا الانجاز يمكن ان ينتهي بسهولة اذا فاز العلمانيون بالانتخابات الرئاسية في جولتها الثانية، ويعتبر المحللون ان خشية الاسلاميين من عودة ازلام النظام السابق سببها سماح السبسي لمسؤولي النظام السابق بالانضمام الى حزبه لكن السبسي يرفض هذه الاتهامات ويؤكد ان هؤلاء المسؤولين لم يتورطوا بالفساد والانتهاكات غير القانونية خلال توليهم مناصب في النظام السابق.
ويمكن للمرء ان يستشف من الآن اجواء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في تونس، فبالاضافة الى حلول السبسي في المرتبة الاولى من الانتخابات الرئاسية متقدما على المرزوقي يمكن الاشارة الى الفوز الكبير الذي حققه التيار العلماني في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي حيث حصل حزب نداء تونس العلماني على أغلبية مقاعد البرلمان التونسي متقدما على حزب النهضة الاسلامي الذي كان يمتلك اغلبية مقاعد البرلمان بعد اول انتخابات برلمانية حرة في البلاد والتي جرت في عام 2011 .
وكانت الخلافات الشديدة بين حزب النهضة الاسلامي ومعارضيه العلمانيين وان توتر الاوضاع الامنية في البلاد اثر عمليات اغتيال لبعض رموز العلمانيين قد ادى الى وضع الحكومة تحت تصرف شخصية مستقلة هي مهدي جمعة الذي وضعت على عاتقه مسؤولية قيادة البلاد نحو الانتخابات الجديدة .
وبالعودة الى اجواء الدعائية للانتخابات الرئاسية وفي الشأن الخارجي يوضح المرشح المرزوقى أنه بالإضافة إلى الشركاء التقليديين على غرار العلاقات مع أوروبا يجب الاهتمام بالعلاقات مع الجزائر والعناية بالبعد المغاربى حتى تتمكن تونس من تنمية المناطق الحدودية والاهتمام بالبعد الأفريقي الذي يفتح العديد من الأبواب الاقتصادية لتونس.
اما المرشح العلماني الباجى قائد السبسى يعتقد أن الخشية الوحيدة التي تخيف البلاد تكمن بشكل أساسي في التشكيك في الانتخابات التونسية الرئاسية وفي نزاهتها، وقال أنه سيواصل منهج الدبلوماسية الذى اتبعه الرئيس التونسى الأسبق الحبيب بورقيبة، وأنه سيستمر فى الانفتاح المغاربي والأوروبي والأفريقي والتعاون مع الدول الكبرى، مشيرا إلى ضرورة تحسين العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج الفارسي خاصة أن الأوضاع الحالية لا تنبئ بخير.
وتشير معظم التكهنات ان مرشح التيار العلماني لديه حظوظ اكبر من مرشح التيار الاسلامي في الفوز بالكرسي الرئاسي وهذا يعني ان تونس مقبلة على مرحلة سياسية متوترة بسبب احتمال عودة فلول النظام السابق وتسلمهم لمناصب حكومية كما سيكون هناك توتر سياسي حول كيفية تقسيم المناصب بين العلمانيين والاسلاميين وهذا كله يضاف الى التحديات الاقتصادية الكبيرة والتحديات الأمنية.
