الوقت- خمس سنوات مرّت على ثورة البحرين، و هي لا تزال تواجه زخّات الرصاص، خمس سنوات اختفت معها وعود الاصلاح و حلّت مكانها حملات القمع و الابعاد و اسقاط الجنسيات. سياسة اعتمدها آل خليفة من أجل اسكات حناجر البحرانيين المطالبين بالاصلاحت المحقة. خمس سنوات أمل فيها آل خليفة أن تخمد فيها الثورة و لكنها لم و لن تخمد، فرغم الحصار الاعلامي و منع التجوال في المناطق البحرانية، شهدت مناطق البحرين و خصوصاً العاصمة المنامة في ميدان اللؤلؤة، تظاهرات حاشدة في ذكرى 14 فبراير حملت شعارات مطالبة باحقاق الحق و العدالة، هذه التظاهرات أسكتت أفواه المفلسين الذين اعتقدوا أن الشعب البحراني سيتعب و يكل و يمل.
و كنوع جديد من محاولات اسكات الثورة في البحرين، يقوم آل خليفة باسقاط الجنسيات "طائفياً" من السكان الحقيقيين و اعطائها الى غيرهم من بلدان عربية و غربية و لاتينية، فبحسب أخر الاحصائات التي كشفت عنها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في ما يخص التجنيس، تشير الأرقام إلى أن ما يقارب 95 ألفاً جرى تجنيسهم خارج إطار الزيادة الطبيعية للسكان بين عامي 2002 و 2014، ورأت جمعية الوفاق أن هناك تغييرا في التركيبة الديموغرافية للبلد بنسبة 17%، والأعداد ستتصاعد حكماً ليصير عدد المجنسين عام 2030 ما يلامس 40% من نسبة السكان، وفي 2040 لا يمكن أن يصمد النص الدستوري بأن البحرين عربية إسلامية، لأن هويتها ستتبدّل كون التجنيس يستقطب الكثير من الديانات.
سحب الجنسيات يستهدف شيعة البحرين فقط!
يقول معارضون بحرينيون في خصوص ما يجري من استهداف الشيعة في البحرين، أنه مشهد يحاكي ما جرى و يجري في فلسطين، عندما قام الصهاينة من اخلاء المدن الفلسطينة من الفلسطينيين و اسكان مكانهم يهود من شتى بقاع الأرض. و كان أخر ضحايا اسقاط الجنسية الناشط الاجتماعي "الشيخ محمد خوجسته" و ذلك على اثر محكمة صورية معروفة بعدم نزاهتها في تداول القضايا الخاصة بالمواطنين الشيعة.
و بحسب منظمات حقوقية عالمية يقدر عدد الذين تم إسقاط جنسياتهم منذ اندلاع الثورة في البحرين في 2011 حتى الآن بـ 230 بحرينياً كلهم من الشيعة. وشمل إسقاط الجنسيات شخصيات بارزة غالبيتهم من الطائفة الشيعية، من بينهم نائبين سابقين هما "جواد فيروز"، و"جلال فيروز"، إلى جانب رجال دين بينهم "خالد حميد منصور سند"، "علوي سعيد شرف"، و"حسين ميرزا عبد الباقي" الذي سحبت الجنسية البحرينية منه ومن أفراد أسرته في سبتمبر/أيلول 2010.
حرب التهجير و اسقاط الجنسية عن المعارضين الشيعة في البحرين بدأت منذ 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، حين أصدر وزير الداخلية قراراً، أسقط بموجبه الجنسية عن 31 شخصاً، إضافة إلى سحب جوازاتهم وهوياتهم كما تم استدعاؤهم لطلب تصحيح وضع إقامتهم في البلاد والبحث عن كفلاء لهم.
و في 6 أغسطس/آب 2014 صدر حكم قضائي بإسقاط الجنسية البحرينية عن تسعة بحرينيين في قضية التخابر مع الحرس الثوري الإيراني وتشكيل تنظيم إرهابي وتهريب أسلحة إلى داخل البحرين.
أيضاً في 29 سبتمبر/أيلول 2014 صدر ثاني الأحكام القضائية بإسقاط الجنسية، إذ قضت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة بالسجن المؤبد بحق 9 بحرينيين وإسقاط الجنسية عنهم وذلك بعد إدانتهم جميعاً في قضية تهريب أسلحة ومتفجرات عبر البحر.
أما الحكم الثالث، فقد أصدرته المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، فقد قضى قضى بمعاقبة 3 شبان من منطقة العكر، بالسجن 10 سنوات، وإسقاط الجنسية عنهم، بتهمة التفجير في قرية العكر.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 2014 قضت المحكمة الصغرى الجنائية بإبعاد 10 أشخاص مسقطة جنسياتهم عن البلاد، وتغريم كل منهم مبلغ مئة دينار.
كما سجل العامين 2014 و2015، صدور أحكام وقرارات خاصة بإسقاط الجنسية، ففي 31 يناير/كانون الثاني 2015، صدر المرسوم الخاص بإسقاط الجنسية عن 72 شخصاً، لإضرارهم بمصالح البحرين، الغالبية منهم تتواجد خارج البلاد، فيما تضمنت القائمة أسماء لأشخاص متهمين بالانتماء لتنظيم داعش.
وفي 23 أبريل/نيسان 2015، تم اسقاط جنسية ثلاثة متهمين من منطقة السنابس، بعد إدانتهم بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وسجن كل منهم 15 سنة.
وفي 29 أبريل/نيسان 2015، قضت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة بإسقاط الجنسية عن 12 متهماً بعد أن أدانتهم في قضية مقتل شرطي في منطقة العكر؛ وحكمت المحكمة بإعدام المتهم الأول والسجن المؤبد لـ7 متهمين والسجن 10 سنوات بحق 4 آخرين وإسقاط جنسية جميع المتهمين.
وفي 27 يناير/كانون الثاني 2015 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم فيما قضي به من إسقاط جنسية المستأنفين التسعة في قضية تشكيل تنظيم إرهابي وتهريب أسلحة إلى داخل البحرين، مبررة حُكمها بعدم سريان القانون على المستأنفين بسبب صدوره في 31 يوليو/تموز 2013.
اذاً، إن آل خليفة يعتبرون أن اسقاط الجنسية عن معارضيهم و استقطاب ديانات أخرى الى البلاد هي حصانة تحفظ لهم مكانتهم، ولكنه إن استمر بهذه الوتيرة، فستختلّ الموازين وسيصير القلق من التحول الديموغرافي أكبر من القلق حول نسب تعداد الشيعة والسنة، بل يصير الطرفان أقلية والأمر حتماً مضرّ بالعائلة الحاكمة.