الوقت ـ لا يمكن أن تكون نهاية حياة القائد الكبير في المقاومة الإسلامية اللبنانية، علی فياض المعروف بين رفاقه بـاسم «أبو علاء البوسنة»، والذي تنحدر اصوله من بلدة انصار الجنوبية، إلا الشهادة، بعد تاريخ حافل بالإنجازات العسكرية الجهادية ضد الكيان الإسرائيلي والجماعات التكفيرية في سوريا والعراق ولبنان. وهذا ما ناله الشهيد علی فياض بعد رحلة طويلة تصل الی أکثر من 25 عاما من الجهاد. حيث استشهد الشهيد علی فياض الخميس الماضي في معارك جرت بهدف فتح طريق خناصر في محافظة حلب بسوريا، برفقة عدد من مجاهدي حزب الله، خلال هجوم نفذه عناصر من داعش ومجموعات ارهابية اخری.
وأدي الكمين الذي نصبه الشهيد علاء في أواخر شهر شباط عام 2014 في منطقة العتيبة الی مقتل ما مايقارب 180 ارهابيا من تنظيم جيش الاسلام الارهابي، عندما كانوا يحاولون المرور باتجاه الغوطة الشرقية في دمشق، عبر الأراضي الاردنية. وشكلت هذه الضربة المؤلمة خوفا دائما للجماعات الإرهابية من دخول الغوطة بعد ذلك التاريخ. وتتحدث تقارير استخبارية عن أن الارهابي «زهران علوش» الذي قتل قبل فترة عبر ضربة جوية نفذها الطيران السوري، كاد أن يلقی نفس المصير عبر أحد الكمائن الذي أعدها الشهيد فياض، لكنه نجي باعجوبة من الموت المحتوم.
ويعتبر الشهيد علی فياض مهندس عمليات حصار الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية والمخطط الرئيسي للعمليات العسكرية التي ادت الی تحرير بلدة شبعا الاستراتيجية في سوريا. كما أدت خطط الشهيد علی فياض الی ابعاد التنظيمات التكفيرية المسلحة عن منطقة السيد زينب ومقتل الكثير من عناصر هذه المجموعات التي حاولت إنتهاك حرمة تلك المنطقة. وشارك الشهيد علی فياض تقريبا في معظم معارك سوريا وكان العقل المدبر لكثير من عمليات المقاومة في سوريا.
وبعد أن أصبح الشهيد أبو علاء البوسنة عضوا في حزب الله قبل أكثر من 25 عاما، ذهب الی البوسنة ليقاتل دفاعا عن المسلمين السنة في تلك الدولة، عندما كان الصرب آنذاك يحاولوا إبادة المسلمين في البوسنة، علی غرار ما يفعل الیوم الكيان الإسرائيلي في فلسطين. واکتسب لقب "البوسنة"، من معارکه فی هذه الدولة. حيث ذهب الشهيد علی فياض ليقاتل دفاعا عن المسلمين في البوسنة ضمن صفوف قوات الحرس الثوري الإيراني التي ذهبت للتضحية من أجل الدفاع عن المسلمين في البوسنة. وبعد تاريخ طويل من الحرب ضد الکيان الإسرائيلی، بادر الشهيد علي فياض بالالتحاق بقوات حزب الله التي اختارت القتال ضد المجموعات الارهابية والتكفيرية في سوريا. حيث كان يعرف جيدا أن هذه المرة وبعد أن عرفت "إسرائيل" أنه لا يمكنها مواجهة سوريا وحزب الله مباشرة، بادرت الی تأسيس هذه المجموعات التكفيرية في سوريا لتقاتل نيابة عن "إسرائيل" ضد سوريا، باعتبارها الداعم الرئيسي لحزب الله بعد إيران. ولهذا فقد رأي الشهيد علي فياض علیه الانتقال الی سوريا، ليقاتل هناك المجموعات الإرهابية دفاعا عن الشعب السوري ودفاعا ايضا عن مستقبل حزب الله ومحور المقاومة.
المعلومات تشير الی أن الشهيد علی فياض كان أحد قوات النخبة في حزب الله، بسبب تجربته الميدانية، واشرف علی إعداد الكثير من الكمائن في سوريا، وبالاضافة الی عملياته الجهادية في جنوب لبنان ضد العدو الإسرائيلي، ومشاركته في عمليات حزب الله في سوريا، فقد لعب الشهيد علي فياض دورا جوهريا في قتال الارهاب في العراق ايضا من خلال مواجهة تنظيم داعش الارهابي.
هناك من يتحدث عن أن الرئيس السوري «بشار الاسد» كان معجبا بما يقدمه علي فياض من خدمات في مكافحة الارهاب في سوريا، حتی أدی ذلك الاستحسان الی أن يقدم العديد من ضباط الحرس الجمهوري السوري، التحية للشهيد علی فياض قبل استشهاده، وقيل حينها أن ذلك کان بطلب خاص من الرئيس بشار الأسد.
الشجاعة والحنكة القتالیة الكبيرة التي اكتسبها علي فياض خلال السنوات الماضية جعلته يتعرض لاكثر من خمس إصابات طيلة تواجده في سوريا، حتی سقط في النهاية شهيدا في دفاعه عن الشعب السوري والقيم الإنسانية والمظلومين في سوريا. وكما كان الشهيد «عماد مغنية» بعيدا عن الاعلام، فان الشهيد علي فياض ايضا كان بعيدا عن الاعلام، وغير معروف حتی بالنسبة للكثير من منتسبي المقاومة، حفاظا علی سرّية العمليات التي تحوّل الیه من قبل المقاومة الإسلامية.
الیوم وبعد استشهاد الشهيد علی فياض، فرح أعداء المقاومة الاسلامية، حيث يتصورون ان المقاومة تلقت ضربة قاسية ستكون لها تاثيرات سلبية علی عملياتها العسكرية في مواجهة الارهاب. لكن علی عكس ذلك وكما رأينا بعد استشهاد القادة الكبار ومن بينهم الشهيد عماد مغنية، فان هذه المقاومة أثبتت دائما أن لها طابور طويل من هؤلاء القادة، كل ما استشهد أحدهم، حلّ مكانة قائد ثان لم يكن أقل من سلفه تجربة في مواصلة طريق الجهاد ضد التكفير وإرهاب الكيان الإسرائيلي.