الوقت ـ رغم الترحيب الدولي الحذر لاتفاق وقف اطلاق النار والهدنة في سوريا الذي سيكون ساري المفعول يوم السبت القادم (27 فبراير الحالي)، بعد اعلان موسكو وواشنطن التوصل الی هذا الاتفاق، يخشی الشعب السوري أن تستغل المجموعات الإرهابية والمتتطرفة المدعومة من قبل أمريكا وتركيا والسعودية، تستغل الهدنة، لمواصلة أعمالها الإرهابية في المستقبل، بعد أن تخرج من الظروف الصعبة التي تعانيها حاليا بسبب الضربات القاسية التي تتلقاها من قبل الجيش السوري وحلفائه.
وفي غضون ذلک فان سوريا وحلفائها يعتقدون بان أمريكا تحاول أن تمنح المنظمات الإرهابية فرصة جديدة لتتنفس الصعداء عبر إعلان وقف اطلاق النار علی أثر تلقيها ضربات موجعة خلال الاشهر الماضية علی يد الجيش السوري وحلفائه خاصة في حلب، وسرعان ماستنتهك هذه المجموعات في المستقبل بنود الاتفاق وتعود الی مزاولة أعمالها الإرهابية ضد الجيش والشعب السوري، بعد أن تحسّن من ظروفها القتالیة.
وقبل إعلان الاتفاق رسميا بين موسكو وواشنطن أعلنت طهران تاييدها إرسال المساعدات الإنسانية و وقف اطلاق النار في كافة أنحاء سوريا ما عدی المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية. وجاء هذا الدعم الإيراني علی لسان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والافريقية، "حسين امير عبداللهيان" خلال إتصال له مع "ميخائيل بوغدانوف" مساعد وزير الخارجية الروسي.
وفي نفس السياق أعلنت طهران يوم أمس، قبل بضعة ساعات من اعلان اتفاق وقف اطلاق النار بين موسكو و واشنطن، علی لسان وزير الخارجية "محمد جواد ظريف" وفي معرض رده علی سؤال حول احتمال وقف اطلاق النار في سوريا، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتقد دائما بان الأزمة السورية لا يوجد لها حل عسكري ويمكن حلها فقط من خلال الحوار بين الاطراف المتنازعة... وعلی سائر الدول تسهيل الحوار وليس وضع شروط مسبقة. واضاف "ظريف" وفق ما نقلت عنه قناة العالم: أنه في هذا الإطار يتعين أولا منع إعداد الأرضية لإرسال المساعدات إلى الجماعات الإرهابية وباقي التنظيمات المسلحة في مرحلة وقف إطلاق النار وكذلك منع إرسال وتجنيد عناصر جديدة من قبل "داعش" و"النصرة" أي بمعنى الإشراف الكامل على الحدود.
واعتبر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في كلمة متلفزه، أن اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا سيكون "خطوة حقيقية يمكنها وقف إراقة الدماء" في سوريا، ونموذجا لجهود مشتركة لمكافحة الإرهاب في هذه الدولة. وأكد "بوتين" أن موسكو ستقوم بفعل كل ما يلزم الامر لكي تنفذ الحكومة السورية بنود الاتفاق. وفي موسكو ايضا أكد "كونستانتين كوساتشوف"، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي، إن اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا، يستحق دعم مجلس الأمن الدولي.
الامم المتحدة من جانبها ايضا أعلنت دعمها لاعلان وقف اطلاق النار في سوريا علی لسان أمينها العام "بان كي مون". وقال الامين العام للامم المتحدة في بيان أصدره في هذا السياق أنه إذا استطاع جميع المعنيين بالاتفاق الالتزام به "فسيكون ذلك بمثابة خطوة للأمام".
في غضون ذلك شككت بريطانيا بفرص نجاح اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا، زاعمة أن الاتفاق لن يكون ناجحا ما لم تغير روسيا وسوريا موقفيهما علی الأرض!. وطالب وزير الخارجية البريطانية "فيليب هاموند" في بيان، بعدم التعرض للجماعات المسلحة التي تصفها لندن بالمعتدلة.
الرئيس الامريكي "باراك اوباما" ووزير خارجيته "جون كيري" ايضا طالبا طرفي النزاع في سوريا الالتزام باتفاق وقف اطلاق النار ووقف الانشطة العسكرية ضد بعضهم البعض. السوال الذي يطرح نفسه هنا هو، بما أن الجماعات المسلحة في سوريا تستمد حياتها من الدعم الامريكي بالدرجة الاولی، لذا فان أمريكا ستكون المسؤول الاول عن أي خرق للاتفاق، إذا ما قامت به هذه المجموعات.
الكيان الإسرائيلي وعلی لسان وزير "حربه موشي يعالون"، ابدی انزعاجه من إتفاق اطلاق النار بسبب عدم شموليته لجبهة النصرة وتنظيم داعش الإرهابي. وأعلن "يعالون" أن بقاء جبهة النصرة وداعش خارج إطار الاتفاق سيعرضه للانهيار.
وقال وزير الحرب الإسرائيلي "من الصعب علی ان اتخيل التوصل الى وقف ثابت لاطلاق النار في حين ان داعش و جبهة النصرة لا يشاركان في العملية وان الروس يقولون : ما دام هذان التنظيمان يتحركان سنضربهما" وفق ما نقلت عنه وكالة فرانس برس(AFP).
وفي هذه الاثناء رحبت طوكيو باتفاق روسيا والولايات المتحدة لتطبيق وقف اطلاق النار في سوريا علی لسان وزير الخارجية الیاباني "فوميو كيشيدا" في مؤتمرا عقده يوم امس الثلثاء.
وبموازاة ذلك فقد أعلنت ألمانيا أيضا عن ترحيبها باتفاق وقف اطلاق النار في سوريا. واعتبر وزير الخارجية الالماني "فرانك فالتر شتاينماير" أن الاتفاق سيساعد علی خفض العنف والقتال في سوريا، دون أن ينتقد "شتاينماير" ممارسات الجماعات الإرهابية في هذا البلد ضد المدنيين.
وفي هذا السياق رحبت القاهرة ايضا باتفاق وقف اطلاق النار في سوريا، معتبرة الاتفاق في بيان اصدرته الخارجية المصرية أنه يعتبر خطوة هامة لوصول المساعدات الإنسانية وتوفير بيئة جيدة لبدء العملية السياسية، للوصول الی اتفاق شامل يمكن من خلاله الوصول الی تسوية سياسية في سوريا.
إذن لابد علینا أن نری هل سيلتزم المحور الغربي ـ العربي الداعم للجماعات الإرهابية في سوريا، ببنود اتفاق وقف اطلاق، ام أن هذا الاتفاق سينهار بفعل استمر الدعم السياسي واللوجستي من قبل هذا المحور للمجموعات المسلحة. وإذا ما انهار الإتفاق فستكون الدول الغربية والدول العربية الحليفة لها في المنطقة خاصة السعودية بالاضافة الی تركيا، هي المسؤولة عن هذا الفشل، لأنه من الطبيعي فان سوريا وحلفائها لو لم يريدوا النجاح لهذا الاتفاق، فما كانوا قد وافقوا علیه أساسا في ظل الانتصارات المدوية التي يحققونها هذه الايام علی الجماعات الإرهابية في سوريا.